
يبعث التقدم في المحادثات نحو اتفاق وقف نار بين إسرائيل وحزب الله أملاً في إنهاء الحرب في الجبهة الشمالية وإعادة السكان إلى بيوتهم بأمان. فقد تحقق التقدم بعد أن أزيلت بضعة عوائق في المفاوضات بين الطرفين، بما في ذلك التنازل من جانب حزب الله (وإيران) عن وقف الحرب في غزة كشرط أساس لوقف النار في الشمال.
مع ذلك، عندما وضع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إنهاء الحرب في الشمال على رأس اهتماماته، وعندما تعرب إسرائيل، وإيران أيضاً، عن استعداد لمنح ترامب وقف النار “هدية” في ظل الاستعداد من جانب حزب الله وإيران للتنازل عن مبدأ “وحدة الساحات” الذي أملى الارتباط بين لبنان وغزة – علينا حينئذ أن نتساءل عن تداعيات لذلك على استمرار الحرب في غزة وعلى مصير المخطوفين.
المخطوفون الإسرائيليون محتجزون لدى حماس منذ أكثر من 400 يوم. الجهاز الصحي لقيادة عائلات المخطوفين نشرت الأسبوع الماضي تقريراً عن وضعهم الصحي. فهم يعانون من سوء تغذية حاد، وبعضهم فقد حتى 50 في المئة من وزنه، وهم معرضون لحالات من التلوث والالتهابات في أجهزة التنفس. عائلاتهم تخشى ألا ينجوا في الشتاء الثاني وهم في الأسر. وهذا حتى دون الأخذ بالحسبان الخطر الدائم على حياتهم من جانب حماس وكنتيجة لنشاط الجيش الإسرائيلي.
غير أن وضع المخطوفين والخطر على حياتهم ومعاناة عائلاتهم، لا تهم الحكومة. نتنياهو وحكومته مغتربون عن المخطوفين. فقد اجتازوا حاجز الخجل. كل يوم يظهر محفل آخر داخل الائتلاف الأكثر وحشية في تاريخ إسرائيل ويخرج علينا بعرض من جلافة قلب متطرفة. وهذا الأسبوع، حان دور رئيس لجنة الدستور سمحا روتمان، الذي منع عن أخي المخطوف متان انغرست، إسماع تسجيله من الأسر أثناء مداولات اللجنة. بالتوازي، تنبسط أمام الجمهور الصورة الكاملة عن حملة الوعي التي زعم أن محيط نتنياهو القريب أدارها ضد مواطني الدولة وعلى رأسهم عائلات المخطوفين بهدف تقليص التأييد لصفقة مخطوفين.
إن الاعتبار الوحيد الذي يوجه نتنياهو هو بقاء الحكومة. ولما كان بخلاف الاتفاق في الشمال سيكلفه إنهاء الحرب في غزة وتحرير المخطوفين وجود حكومته، فإن الحرب في غزة ستستمر إلى الأبد، بثمن ترك المخطوفين لمصيرهم، ومقتل جنود، واستمرار ضرر غير متوازن بالمواطنين الغزيين. هدف الحرب في غزة كان غامضاً منذ البداية. وإذا ما حاكمنا الأمور وفقاً لسلوك الحكومة في الميدان، فإنها تبدو مصممة على دحر الفلسطينيين جنوباً والبقاء في غزة على مدى زمن غير محدود، بما في ذلك إقامة مستوطنات يهودية.
ينبغي إنهاء الحرب في كل الجبهات. ويجب عدم بقاء غزة والمخطوفين على مذبح بقاء الحكومة. وينبغي السعي إلى صفقة مخطوفين وإنهاء الحرب في غزة، إلى جانب السعي إلى اتفاق في الشمال.
أسرة التحرير
هآرتس 19/11/2024