من يلجم "الثنائي المتطرف" في سعيه لحرب دينية مع العالم الإسلامي؟  
2024-09-12
كتابات عبرية
كتابات عبرية

 

تعمل في “يهودا والسامرة” استراتيجيتان متضاربتان: في الأولى، يعمل الجيش و”الشاباك” ووحدات الشرطة الخاصة على نطاقات واسعة وبنجاح مذهل لإحباط أعمال الإرهاب في كل أرجاء الدولة، ونجاحهم ذو مغزى استراتيجي كونه يتيح لإسرائيل التصرف بشكل سليم. كما أنه رغم كثرة عدد المقتولين “يهودا والسامرة” هذا الشهر فقط، كان من شأن الوضع أن يكون أسوأ بشكل دراماتيكي، فقوات الأمن جديرة بالتحية على النجاح الاستثنائي للنشاط العملياتي الدقيق، المستند إلى معلومات استخبارية في غاية النوعية.

بالمقابل، تمارس استراتيجية عمل بقيادة الوزير سموتريتش، مثلما كتبت عنها ناحوم برنياع في “يديعوت أحرونوت” بتوسع بداية الأسبوع. سموتريتش توجهه أيديولوجيا متصلبة لا يخفيها -وهذا يحسب له- وهدفها سيطرة مباشرة على “يهودا والسامرة”، على أساس المستوطنات والبلدات اليهودية. ولهذا الغرض، ينجح بتفوق في السيطرة على الإدارة المدنية – الذراع الأمنية بقيادة ضابط كبير برتبة عميد، يتبع قائد المنطقة الوسطى ومنسق الأعمال في “المناطق”. إن الغاية الأصلية للإدارة هي التوازن بين السكان اليهود والفلسطينيين، وبذلك السماح بحكم شرعي في “يهودا والسامرة” حتى تحقيق حل دائم، إذا ما تحقق يوماً ما، لكن الواقع اليوم مختلف تماماً: الإدارة المدنية، الغنية بالقوة والصلاحيات، يتحكم بها عملياً النائب المدني لرئيس الإدارة المدنية، الذي يتبع مباشرة للوزير وليس لقائده. وهو يدفع قدماً بسياسة تمييز في صالح السكان اليهود وإثقال العبء على الفلسطينيين، وذلك بالتوازي مع الجهود من جانب الوزير سموتريتش بصفته وزيراً للمالية؛ لإضعاف السلطة الفلسطينية والتسبب بانهيارها، إلى جانب منع الرزق عن 120 ألف معيل رئيس يفترض بهم أن يعيلوا نحو مليون نسمة. إذا لم يتوقف ميل تشديد الضائقة الفلسطينية، فستجد إسرائيل نفسها في جبهة مواجهة متعاظمة، مع عداء متسع وأرض سامة لنمو الإرهاب.

هذا وأكثر، فالجمهور الإسلامية الإيرانية التي تخط إبادة إسرائيل على علمها، تنتهز كل فرصة لتهريب وسائل القتال والمخربين إلى “يهودا والسامرة” عبر الأردن، وهكذا تحاول ضعضعة استقرار المملكة الهاشمية لإضافتها إلى الحزام الناري حول إسرائيل. لقد سبق لسموتريتش أن عرض حلمه في إبعاد الفلسطينيين عن “يهودا والسامرة”، وهو لا يكن أي احترام للأردن. إذا تحققت رؤياه، فربما نفقد العلاقة مع الأردن كسند استراتيجي. هكذا، فإن تقويض الاستقرار في “يهودا والسامرة” ربما يؤدي إلى فتح جبهة ثامنة قد تصبح حساسة للغاية بسبب موقعها الجغرافي.

ينبغي أن تضاف إلى هذا محاولات خطيرة للغاية يقوم بها الوزير بن غفير لإيقاظ جبهة جبل البيت والمسجد الأقصى – إحدى بؤر الاشتعال الخطيرة في العالم. إذا ما واصل استفزازاته فربما يشعل النار بيننا وبين العالم الإسلامي كله.

إن هذا الخليط من أعمال سموتريتش في “يهودا والسامرة” مع إمكانية إشعال مواجهة دينية مع العالم الإسلامي كله، من شأنه أن يمس مساً خطيراً بقدرة إسرائيل على مواجهة التهديد المركزي عليها: التهديد الإيراني. إسرائيل ملزمة بمواصلة أعمال الإحباط الناجعة، لكن عليها التوقف فوراً عن خطوات سموتريتش وبن غفير. ثمة إمكانية للوصول إلى تسوية في غزة وتهدئة الجبهة الشمالية، وإعادة المواطنين الإسرائيليين إلى بيوتهم، والعودة إلى مسار التحالفات الاستراتيجية التي أثبتت نفسها بعد 7 أكتوبر، وتحسين وضعنا الاقتصاد ووقف سياقات خطيرة في المحاكم الدولية. هذا هو الوقت الأخير لوقف سياقات يعود أصلها إلى عدم الحكمة في إسرائيل، فالحل يكمن في الحكمة لوقف التدهور إلى الهوة، والأخذ بخيار سياسي بعد أن أبدع الجيش الإسرائيلي بضرباته ضد حماس. ولكن فوق كل هذا، هناك أمر أخلاقي أعلى: إعادة كل المخطوفين والمخطوفات إلى بيوتهم.

 

عاموس جلعاد

 يديعوت أحرونوت 12/9/2024



مقالات أخرى للكاتب

  • هل تؤتي ثقافة المافيا التي اتبعتها إدارة ترامب ثمارها في الشرق الأوسط؟
  • إسرائيل بـ"عرباتها" تخفق في تحقيق أهداف الحرب: غزة.. إلى متى؟
  • باحثاً عن مخرج.. هل تنكسر عصي نتنياهو في دواليب ترامب وخطته؟







  • شخصية العام

    كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي