
السيناريو الأخطر من كل مزايا الإرهاب والعمليات، هو عمليات إطلاق نار تنفذها خلايا إرهاب أو مخربون أفراد. ميزة العملية الأخيرة تشير إلى نمط عمل أكثر تخطيطاً لمخربين ينتمون إلى منظمة إرهاب ولا يعملون بشكل فوري. محطة الوقود ومطعم الحمص في منطقة خارج أي إدراك أمني، تحددت كنقطة جذابة لخلية المخربين من حماس – التي بحثت عن ثأر بالوعي لمغزى بعد المعركة الأخيرة في جنين.
من غير المستبعد أن اختيار تنفيذ العملية بالذات في “منطقة بنيامين”، قرب مستوطنة “عيلي”، وليس قرب جنين أو نابلس، كان خياراً واعياً، انطلق من التفكير بأن الجيش الإسرائيلي يركز جهداً أكبر على حماية محاور السير والطرق والمفترقات المركزية في شمال “السامرة”.
كل المخربين الذين نفذوا عمليات فتاكة في السنة الأخيرة جرى تصفيتهم أو اعتقلتهم قوات الأمن. صحيح أن هذا يشير إلى قدرة عالية لإغلاق الدائرة بعد العملية، لكنه يشير أيضاً إلى صعوبة كبيرة لدى جهاز الأمن لإحباط عملية من هذا النوع قبل وقوعها.
ثمة عمليات كثيرة ينجح “الشاباك” والجيش في إحباطها قبل وقوعها، لكن يصعب على جهاز الأمن التصدي لعمليات إطلاق النار على طرق “يهودا والسامرة”، وذلك لسهولة نسبية لازمة لأجل تنفيذها، وللمعطى البشع المتعلق بكميات السلاح الكبرى الذي هربت في السنوات الأخيرة إلى مناطق “يهودا والسامرة”، وأساساً من الأردن.
يمكن فهم المشاعر القاسية وبخاصة في الأشهر الأخيرة، لا بسبب ارتفاع عدد المقتولين منذ بداية السنة فحسب، بل لإحساس الأمن المهزوز في كثير من السكان في “يهودا والسامرة” في ضوء الوضع الأمني، وبسبب العدد العالي من العمليات ونتائجها المأساوية. لذا، تتعرض الحكومة وجهاز الأمن لنقد شديد.
المعضلة الآن هي اختيار طريق العمل. فالأصوات في الساحة السياسية تدعو للخروج إلى حملة واسعة. أما جهاز الأمن بالمقابل، فقد كان حتى أمس بعيداً عن تأييد حملة كهذه، انطلاقا من التفكير بأنه من الصواب مواصلة العمل بمزايا الاقتحامات إلى المدن والقرى الفلسطينية. يرى الجيش الإسرائيلي في حملة واسعة أيضاً نواقص من ربما تؤدي إلى تصعيد في الميدان، لكن من غير المستبعد أن نرى حملات أكثر في بؤر الإرهاب، خصوصاً في نابلس وجنين، في الفترة القريبة القادمة.
تل ليف رام
معاريف 21/6/2023