الطريق نحو اتفاق موقت بين واشنطن وطهران
2023-06-16
هدى رؤوف
هدى رؤوف

مؤشرات عدة توحي بقرب إعلان اتفاق موقت بين إيران والولايات المتحدة، على رغم النفي الأميركي للتقارير المنشورة في الصحف الغربية التي تتحدث عن وصول الطرفين إلى اتفاق. أول هذه المؤشرات ما تناولته تلك التقارير من محادثات تتم بين الطرفين بوساطة عمانية، إلى جانب تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن تل أبيب تلتزم بحقها في التصرف منفردة حتى لو هناك اتفاق بين واشنطن وطهران.

كما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية حل المسائل المعلقة مع إيران والخاصة بنسب تخصيب اليورانيوم التي وصلت إلى 83 في المئة وتم اكتشافها أخيراً، وكذلك المسائل المرتبطة باكتشاف أنشطة نووية في بعض المواقع غير المعلنة من جانب إيران، ما يعني أن المسائل الخلافية بين إيران والوكالة قد تم حلها.

المؤشر الرئيس في هذا السياق، تصريحات المرشد الإيراني الأخيرة عندما أشاد بقانون الخطوة الإستراتيجية الذي أقره البرلمان الإيراني أواخر ولاية حسن روحاني والخاص بإلزام الحكومة عدم التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإزالة كاميرات المراقبة للوكالة مع رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المئة. أقدمت إيران على تلك الخطوة في الوقت الذي كانت تجري محادثات مع الغرب في فيينا لإحياء الاتفاق النووي القديم.

ترتب على تلك الخطوة تراكم مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة ووصل إلى 114 كيلوغراماً بحسب مدير الوكالة الدولية، وهو أضعاف مضاعفة لما حدده اتفاق 2015، كما شاب الأنشطة النووية الإيرانية بعض الغموض نظراً إلى عرقلة وصول مفتشي الوكالة إلى المنشآت النووية، ودلالة تصريح خامنئي الإشادة بما وصلت إليه إيران الآن من موقف تغير معه الواقع النووي الإيراني.

التصريح الآخر لخامنئي وهو كاشف وله دلالته أيضاً، حينما أخبر مسؤولي منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بأنه يجب ألا تمس أي اتفاقات في شأن البرنامج النووي الإيراني البنية التحتية للبرنامج، وهو بمثابة ضوء أخضر نحو إتمام اتفاق قريب وهو أشبه بما حدث عام 2015 لإتمام الاتفاق النووي مع إدارة باراك أوباما.

تتفق دلالات تصريحات خامنئي مع مضمون الاتفاق الموقت الذي تتحدث عنه تسريبات عدة ويدور حول موافقة إيران على وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المئة وأن تحتفظ بالمخزون تحت أختام الأمم المتحدة لدى إيران، على أن تفرج واشنطن عن بعض الأموال المجمدة لمصلحة طهران مع مرونة بعض العقوبات، وفي المقابل تفرج طهران عن بعض السجناء الأميركيين وبالطبع ستكون هناك شروط أميركية ترتبط بإمداد إيران روسيا بالمسيّرات التي تستخدمها في حربها ضد أوكرانيا.

في المقابل تستمر واشنطن وشركاؤها الأوروبيون في تكرار أن تخصيب اليورانيوم بنسبة 90 في المئة هو خط أحمر لتفعيل آلية العودة للعقوبات الأممية "سناب باك"، متجاهلين أن إيران خلقت واقعاً نووياً جديداً تتفاوض الآن عليه، وأن التوصل إلى المعرفة النووية حتى من دون تصنيع القنبلة النووية هو ما تصبو إليه طهران لزيادة قدرات الردع لديها.

يؤكد ذلك ما صرح به خامنئي خلال اجتماعه المشار إليه حينما شدد على أهمية الصناعة النووية على صعيد الوزن السياسي الدولي والعالمي لبلاده، وهو ما سيدفع المنطقة إلى سباق نووي، بحيث يصبح من حق جيران إيران ودول المنطقة زيادة قدراتهم النووية للحفاظ على توازن القوى وألا يختل لمصلحة إيران وإسرائيل فقط، فضلاً عن المعضلة الأمنية التي تعيشها المنطقة.

الواقع أنه إذا تم بالفعل توقيع اتفاق موقت بين إيران وواشنطن فهو يستهدف بالأساس مصالح الطرفين، سواء من ناحية العقوبات أو من ناحية تعاون روسيا وإيران في أوكرانيا، بما يعني أن الدوافع داخلية ترتبط كذلك بقرب انتخابات الولاية الثانية للرئيس جو بايدن.

الأمر المؤكد أن العنوان الأساسي لتعامل إدارة بايدن مع طهران هو التردد، فبينما وعد الرئيس الأميركي بإحياء الاتفاق النووي مرة أخرى على أسس تضمن اتفاقاً أقوى وأشمل بحسب تعبيره، ليتضمن منظومة الصواريخ الباليستية وسلوك إيران الإقليمي، ذهب كل ذلك في ظل واقع جديد خلقته إيران والحرب الروسية - الأوكرانية.

 

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس-اندبندنت عربية



مقالات أخرى للكاتب

  • إيران وأميركا اللاتينية... مكاسب حقيقية أم دبلوماسية دعائية؟
  • لماذا وُضعت إيران على قائمة الدول المقيدة للإنترنت؟
  • تنافس القوى العظمى في الشرق الأوسط






  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي