مشكلة بريطانيا الحقيقية تدني الهجرة وليس ارتفاعها
2023-06-01
جيمس مور
جيمس مور

الهجرة أمر جيد رغم المزاعم حول تعرض ريشي سوناك إلى ضغوط بعد أن وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 606 آلاف شخص، لأسباب منها القرار (الشعبي) بمساعدة الأشخاص الفارين من النزاع في أوكرانيا، يجب أن يقال ذلك، بوضوح وكما هو.

الحقيقة هي أننا سنكون في ورطة عميقة من دونها.

من الأقاويل الشائعة الإشارة إلى أن المهاجرين يأخذون وظائف من البريطانيين، لكن هذا هراء. بين أحدث استطلاع رسمي للقوة العاملة أن بريطانيا لديها مليون و83 ألف وظيفة شاغرة، وهو انخفاض سنوي قدره 55 ألف وظيفة، لكنه لا يزال أكثر بـ282 ألف وظيفة عما كان عليه قبل الجائحة.

لم يتوفر سوى 1.2 مرشح لكل وظيفة شاغرة، وهو نقص مذهل، وذلك قبل أن نصل إلى مسألة ملاءمة المهارات. تتطلب عديد من الوظائف مهارات متخصصة وتعاني بريطانيا نواقص في هذا المجال أيضاً، نواقص مزمنة.

الأكثر من ذلك، أن عديداً من الوظائف هي أيضاً محفوفة بالتحديات والصعوبات، بالتالي هي ليست جذابة للقوة العاملة المحلية.

خذوا مثلاً العمل في القطاع الزراعي. الأغذية المحلية؟ فكرة طيبة. بالطبع هي كذلك، لكن الفضيحة التي لا تحصل على تغطية إعلامية كافية هي أنها متروكة لتتعفن في الحقول. بين استطلاع أجراه الاتحاد الوطني للمزارعين في بريطانيا National Farmers Union أن ما قيمته 22 مليون جنيه استرليني (27 مليون دولار تقريباً) من الفواكه والخضراوات أهدر بسبب نواقص القوة العاملة في النصف الأول من عام 2022 وحده، لكن الدراسة لم تغط سوى نحو ثلث قطاع البستنة في بريطانيا. ويقدر الاتحاد القيمة الإجمالية بأكثر من 60 مليون جنيه (74 مليون دولار).

لا أستطيع تصديق ذلك. إن حدوث هذا في حين تسجل أسعار الأغذية تضخماً قياسياً أمر لا أستطيع استيعابه. يبدو أننا نعيش في هلوسة غريبة ومقلقة.

يحب النواب الرد على أرقام كهذه من خلال مطالبة الشباب بالنزول إلى الحقول [للمساعدة في القطاف]، لكن ليس أولادهم.

هذا مستوى من الغباء يصيبني بالصداع. في تناقض صارخ مع معظم النواب، ومع معظم الناس الذين يتطرقون إلى هذا الموضوع، شاركت بالفعل بعمل زراعي. قطفت الفاكهة، وشذبت الأشجار، وقطفت الخس، ونقلت صناديق مليئة بالمنتجات إلى مقطورات تجرها جرارات. إنه عمل شاق، يكسر الظهر. وعملت أيضاً في سوبرماركت. هل يهمكم تخمين الوظيفة الأسهل والأفضل أجراً؟

إذا كان هناك أشخاص على استعداد للقيام بهذا العمل - وهناك أشخاص كذلك - يجب أن نرحب بهم. ستكون المنفعة في توفر أغذية أرخص ثمناً على نطاق أوسع، لذلك ينبغي أن نسهل الأمر على هؤلاء الأشخاص.

هم يسدون إلينا وإلى اقتصادنا خدمة، وليس العكس.

وفي السياق ذاته، يعاني قطاع الرعاية الصحية مشكلات مماثلة. تخبرني "يونيسون" Unison، وهو اتحاد يجمع العاملين في الخدمة العامة، أن هناك حالياً 165 ألف وظيفة شاغرة في هذا القطاع. قد يغير أولئك الذين يدعون إلى حظر الهجرة نبرتهم إذا طلبت منهم رعاية أجدادهم على مدى الساعة في غياب أي أحد آخر يقوم بذلك.

وفي هيئة الخدمات الصحية الوطنية، يبلغ عدد الوظائف الشاغرة بدوام كامل 133 ألف وظيفة، أي ما يقرب من 10 في المئة من القوة العاملة.

قالت رئيسة الكلية الملكية للتمريض Royal College of Nursing بات كولين، في المؤتمر السنوي للكلية ببرايتون "سواء جاء شخص ما إلى هذا البلد على استعداد للعمل كممرض ذي مهارة عالية، أو وصل كلاجئ يفر من الحرب والاضطهاد، أو أنه يريد ببساطة حياة جديدة ومزدهرة في المملكة المتحدة، فهو أكثر من مرحباً به". وهي على حق.

الحقيقة هي أن هيئة الخدمات الصحية الوطنية ستكون في ورطة عميقة جداً من دون الهجرة.

هذا كله قبل أن نصل إلى القنبلة الموقوتة الديموغرافية الوطنية: حقيقة أننا نتقدم في السن كأمة، الأمر الذي لن يؤدي إلا إلى زيادة هذه المشكلات.

كمجموعة، يميل المهاجرون إلى أن يكونوا أصغر سناً وأكثر صحة، بالتالي يسهمون في الضرائب أكثر مما يأخذون من الخدمات العامة.

بالتأكيد، يجب أن نفعل أكثر لتدريب مزيد من العاملين المحليين، لكن هذا لن يحدث بين عشية وضحاها. نحن نتحدث عن فجوة المهارات [في سوق العمل] منذ سنوات، وفي ذلك دلالة كبرى. وفي هذا الصدد، تفشل سياسات الحكومة إلى حد كبير.

اقترح أخيراً معهد المديرين The Institute of Directors، وهو مجموعة ضغط تمثل قادة الأعمال، إنشاء وكالة للمهن المشوبة بنواقص مع اختصاص قانوني بتقديم المشورة في شكل منهجي حول مجالات نواقص المهارات الحالية والمستقبلية في الاقتصاد البريطاني. اقتراح ممتاز، لأن هذه النواقص تعوق الاقتصاد البريطاني، وتبقيه على مسار النمو البطيء. وهو اقتراح يبدو أنه لا يلقى آذاناً صاغية. هل ترى السلطة الحاكمة ذلك؟ هل تسمع؟ لا؟ أظنها لا تفعل. هل يجب علينا ربما استقدام عناصر خارجية لحل هذه المشكلة أيضاً؟ هناك فكرة الآن.

الحقيقة هي أن كير ستارمر وسوناك، وكلاهما انشغل بتكثيف الخطاب السياسي في جلسات مساءلة رئيس الوزراء المخيبة للآمال كما كان متوقعاً التي عقدت الأسبوع الماضي حول هذا الموضوع، على دراية جيدة بهذا كله. قد تكون النظرة المستنيرة حول موضوع الهجرة هذا هي الشيء الوحيد الذي أصابت في شأنه ليز تراس – والتي أبدت قبل استقالتها استعداداً لتخفيف قواعد الهجرة لتخفيف أزمة القوة العاملة.

هذا قبل أن نصل إلى المنافع الأخرى للهجرة. حقيقة أنها تجعل البلاد مكاناً أكثر إثارة للاهتمام وديناميكية وأفضل للعيش.

لكن، لكن، لكن، ماذا عن الإسكان؟ آه نعم. المشكلة الكبرى.

يمثل نقص المساكن جانباً سلبياً محتملاً هنا، لكن هذا ليس ذنب الناس الذين يأتون إلى البلاد. يرجع ذلك إلى فشل الحكومة في تلبية حاجة كانت تدركها منذ فترة طويلة: لا توجد منازل كافية.

يثار الجدل حول الهجرة بانتظام كذريعة ملائمة ومغرضة لنقص الإسكان في بريطانيا.

نحن حقاً بحاجة إلى التوقف عن السماح لسياسيينا بالإفلات بهذه التكتيكات الرخيصة والمدمرة. ماذا لو نضعهم على متن طائرة سويلا برافرمان الأولى إلى رواندا حتى ينضجوا قليلاً.

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس-اندبندنت عربية-



مقالات أخرى للكاتب

  • إيلون ماسك يزرع رقائق كمبيوتر في الأدمغة... كيف أحصل على واحدة؟
  • مشكلة الوعد بتخفيض الضرائب: لا يمكننا تحمل كلفته
  • هل يمكن لمنتدى دافوس أن يفجر مفاجأة؟






  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي