ثلاث زيارات سياسية لإسرائيل
2023-05-08
جيمس زغبي
جيمس زغبي

كشفت زيارات ثلاث لقادة سياسيين أميركيين بارزين إلى إسرائيل في أبريل الماضي تطورات كثيرة في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل. فقد زار إسرائيل «حكيم جيفريز» زعيم الأقلية «الديمقراطية» في مجلس النواب، مع وفد مؤلف من 11 عضوا «ديمقراطياً» من الكونجرس. وتزعم الحاكم «الجمهوري» لفلوريدا «رون ديسانتس» وفداً في جولة شملت أربع دول للترويج للأعمال التجارية في فلوريدا.

وذهب أيضا إلى إسرائيل رئيس مجلس النواب «الجمهوري» كيفن مكارثي ليثبت وجوده. ولم ينخدع أحد بالغرض المعلن لزيارة «ديسانتس». فقد جاء في اختبار لتحديه دونالد ترامب على الفوز بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة في عام 2024، ونُظر إلى زيارته من هذه الزاوية. وبعد وقت قصير من وصوله، وقع «ديسانتس» على مشروع قانون لمكافحة جرائم الكراهية أقره المجلس التشريعي في فلوريدا.

صحيح أن مشروع القانون يفرض عقوبات على التحرش بالأفراد بسبب دينهم أو عرقهم، لكن «ديسانتس» أوضح في تعليقاته العلنية أن معاداة السامية، في رأيه، تشمل انتقاد إسرائيل ودعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمار وفرض العقوبات على إسرائيل.

وفي تصريحاته، حرص «ديسانتس» على تأييد سياسات الرئيس السابق ترامب تجاه إسرائيل المتمثلة في نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس وإنهاء الاتفاق النووي الإيراني والترويج للاتفاقيات الإبراهيمية. وانتقد ديسانتس الرئيس بايدن «لتدخله في الشؤون الداخلية لإسرائيل» من خلال تحذير الحكومة الإسرائيلية الحالية لإعادة التفكير في «التعديل القضائي» الجذري. والتقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع ديسانتس لكنه حافظ على الهدوء ولم يصدر تعليقاً رسمياً - لتجنب إثارة رد فعل من ترامب على الأرجح.

وشهدت الفترة التي قضاها رئيس مجلس النواب مكارثي في ​​إسرائيل مظاهر رسمية للزيارة، بما في ذلك خطاب في الكنيست واجتماع مع رئيس الوزراء. وأيد مكارثي أيضا قائمة أولويات ترامب في الشرق الأوسط واتبع النص البالي المتمثل في «الدعم الثابت»، والمساعدات العسكرية، والهجمات على إيران، ودعم توسيع الاتفاقات الإبراهيمية. وعلى عكس ديسانتس، تجاهلت الصحافة مكارثي إلى حد كبير، ولم تظهر أخبار إلا لدعوته نتنياهو لزيارة واشنطن، وهو انتقاد واضح لتقاعس الرئيس بايدن عن ذلك.

وهذه ستكون المرة الثالثة التي يدعو فيها رئيس مجلس نواب «جمهوري» نتنياهو لمخاطبة الكونجرس من أجل مهاجمة رئيس «ديمقراطي» أميركي. وكانت الزيارة الأقل شهرة هي زيارة زعيم الأقلية «جيفريز» ووفده. وحدثت الاجتماعات نفسها، وتم تناول نقاط الحوار نفسها، واختلفت فقط في «إثارة المخاوف بشأن الإصلاحات القضائية المقترحة التي احتج عليها مئات الآلاف في الشوارع»، وهذا لا يصنع أخباراً تتصدر عناوين الصحف بالطبع.

ومن الواضح أن إسرائيل ما زالت قضية محورية في السياسة الأميركية، لكن دورها تغير بشكل أساسي. وتظهر استطلاعات رأي أن «الديمقراطيين» يفضلون الآن الفلسطينيين بنسبة 49 بالمئة على الإسرائيليين بنسبة 38 بالمئة. واليهود الأميركيون وغالبيتهم العظمى من «الديمقراطيين» يتزايد نفورهم من سياسات حكومة نتنياهو. ولذا، لم تستهدف زيارات «ديسانتس» و«مكارثي» ناخبين يهوداً، بل استهدفت الإنجيليين المسيحيين اليمينيين الموالين لإسرائيل وهم يمثلون 40 بالمئة من أصوات «الجمهوريين».

وتذكروا أنه قبل عامين، نصح السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة رون ديرمر إسرائيل بعدم الاعتماد على دعم اليهود الأمريكيين، لأن عددهم ضئيل للغاية ومنقسمون بشدة بشأن إسرائيل. وبدلا من ذلك، قال إن أقوى مؤيدي إسرائيل هم المسيحيون اليمينيون الذين هم أكبر عددا وأشد إخلاصا لإسرائيل. وقاعدة الحزب الجمهوري المتينة ذات الدوافع الدينية هي أيضا من مؤيدي ترامب، مما دفع ديسانتس ومكارثي إلى تأييد قائمة أولويات الرئيس السابق على مضض.

وكان الغرض من زيارة جيفريز أكثر تعقيدا. فقد تعهد بالتزامه بدعم الحزبين لإسرائيل؛ أي عدم خروج أعضاء الكونجرس «الديمقراطيين» عن اتفاق الآراء. لكن مع تحرك القاعدة التقدمية للحزب في اتجاه مختلف، فإن حرصه على تجميع الصفوف بين الحزبين يتزايد اضطرابا، مع وجود وجهات نظر تنتقد السياسات الإسرائيلية.

وإذا كانت الغالبية العظمى من اليهود الأميركيين ستصوت لـ«الديمقراطيين»، ولا ترتبط بإسرائيل، فما هو هدف جيفريز؟ يقتبس مقال في الآونة الأخيرة من مجلة «التيارات اليهودية» مقولة أحد نشطاء الحزب «الديمقراطي» اليهود في نيويورك جاء فيها «أنت بحاجة إلى كثير من المال للبقاء في السلطة» و«جيفريز خرج ليعيد ترسيخ أوراق اعتماده مع اليهود، وخاصة المانحين». وأنفقت لجان العمل السياسي المؤيدة لإسرائيل ومجموعات «الأموال المظلمة» عشرات الملايين في الدورات الانتخابية السابقة، ولا يريد جيفريز المخاطرة بفقدان دعمهم. وتعكس الزيارات الثلاث في الآونة الأخيرة لإسرائيل حراك التغير في السياسة الأميركية والجدل السياسي.

فهناك انقسام حزبي عميق حول قضية إسرائيل. و«الجمهوريون» على قلب رجل واحد مع سيطرة ترامب وناخبيه المحافظين دينيا المؤيدين لإسرائيل. والزعماء «الديمقراطيون» منقسمون بين مغازلة كبار المانحين المؤيدين لإسرائيل وبين كسب ود ناخبيهم الأكثر تقدمية. وعلى الرغم من تعهد «جيفريز» بدعم الحزبين لإسرائيل، ما زالت التوترات بين الحزبين، «الديمقراطي» و«الجمهوري»، وفي داخل الحزب «الديمقراطي» تمثل واقعاً يتفاقم.

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس-الاتحاد-



مقالات أخرى للكاتب

  • حماية هويتنا العربية الأميركية
  • 1982 مقابل 2024.. قصة ثلاث مدن
  • انتخابات "المعركة الفاصلة"!





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي