كيف لتعاون ستارمر وسوناك ضد جونسون أن يجعل السياسة البريطانية أفضل؟
2023-02-28
جون رينتول
جون رينتول

لا يدعوه كير ستارمر [زعيم حزب العمال المعارض] باسمه "بوريس" أيضاً. فقد قال زعيم حزب العمال لمات فورد، [في مقابلة بثها فورد] في مدونته الصوتية هذا الأسبوع، "جونسون وأنا كرهنا حقاً بعضنا بعضاً". وأضاف "كان ذلك واضحاً. نحن لم نتكلم حقاً على الإطلاق وراء الكواليس كثيراً".

من أسلوب الكتابة في "اندبندنت" الإشارة إلى رئيس الوزراء الأسبق بـ"جونسون" أو "السيد جونسون" لأن المناداة بالاسم الأول تبدو حميمية. لكن الأمر المثير للاهتمام حول كراهية ستارمر الشخصية لجونسون هو أنها شيء مشترك بينه وبين [رئيس الوزراء] ريشي سوناك.

ستارمر اعتبر أن جونسون "لا يمثل أي قيم، ولم يكن يحمل أي مبادئ، ولم يكن يتمتع بأي نزاهة، وقد كذب كثيراً من دون خجل، وهو يجر أياً كان معه إلى مستوى متدنٍّ". وتابع "هل هناك أي شخص له علاقة مع جونسون، بأي معنى من المعاني، ولم ينتهِ الأمر به في الحضيض؟".

حسناً، سوناك ليس في الحضيض، حتى الآن، وذلك لأنه قطع علاقته بجونسون بسبب المزاعم المتعلقة بالاعتداء الجنسي الذي قام به كريس بينشر [كان حينها نائب زعيم الغالبية في مجلس العموم]. استقال سوناك من منصبه كوزير للخزانة لأنه لم يصدق جونسون حين قال إنه لم يتذكر ما إذا كان قد تم تحذيره بخصوص سلوك بينشر. وترشح سوناك لزعامة حزب المحافظين متعهداً بالتزام معايير أخلاقية أعلى [مما مضى]، وحينما صار رئيساً للوزراء قطع على نفسه بأن حكومته ستتمتع بـ"النزاهة" على المستويات كافة.

لذلك، إن هناك فرصة له ولستارمر من أجل ضم صفوفهما بهدف العمل على تنقية العمل السياسي، والاستفادة ليس فقط من إحساسهما المشترك بالقرف حيال نهج جونسون السطحي في التعامل مع الأخلاق، بل أيضاً من الأجواء الأفضل بكثير [التي تسود علاقتهما].

وعندما سأل فورد ستارمر عن سوناك، قال ستارمر "علاقتي الشخصية به أفضل بكثير [من علاقتي بجونسون]. لقد اتصل بي هاتفياً في اليوم الذي صار فيه رئيساً للوزراء، وأعطاني رقمه الشخصي وقلنا إننا سنعمل معاً حول أمور مثل أوكرانيا، وإذا كان هناك حادثة إرهابية، لا سمح الله، أو بشأن مسائل الأمن". بعبارة أخرى، كل الأشياء بخصوص تعاون حزب العمال مع حكومة جونسون بشأن فيروس كورونا تمت إلى حد كبير بشق الأنفس. إلا أن ستارمر قال "إن ذلك كان واضحاً".

تعرض سوناك إلى الانتقاد من قبل البعض بسبب الطريقة التي عالج بها مسألة ناظم زهاوي مع بياناته الضريبية. وقال هؤلاء إنه كان بإمكانه كسب المزيد من المصداقية لدى الناخبين لو أنه أثار، عندما أقال الزهاوي من الحكومة، قدراً أكبر بكثير من الضجيج بشأن المعايير الأخلاقية الجديدة التي تم رفع مستواها في إدارته، وذلك بالمقارنة مع ولاية جونسون. لكنه كان سيجازف لو أنه فعل ذلك، بالإساءة ليس فقط إلى جونسون نفسه، الذي بات خارج السيطرة، ويريد "إسقاط" سوناك مهما يكن من أمر، كما قال جورج أوزبورن أخيراً، بل أيضاً إلى 110 نواب رشحوا جونسون، معتقدين أن عودته إلى رئاسة الوزراء بعد فترة انقطاع استغرقت سبعة أسابيع [تسلمت خلالها الزعامة] ليز تراس، ستكون فكرة جيدة.

لذلك يتعين على سوناك أن يتقدم بحذر، ويدرك جيداً أن قول ما يعتقده حقاً عن جونسون، أو في الواقع بشأن سياسات تراس المالية، يهدد بإحداث انقسام في كتلة حزب المحافظين البرلمانية وتوحيد الحزب الذي يقف ضده في البلاد.

وهذا مثال آخر على الميراث المسموم الذي خلفه أسلاف سوناك له. ليس بوسعه المضي قدماً بخطوات ثابتة للتخلص من صنيع جونسون من دون التشكيك في المعايير الأخلاقية لسلفه، وأيضاً لأنصار سلفه وذلك بشكل ضمني. كما لا يمكنه أن يقول ما يعتبره صحيحاً، وهو أنه بصرف النظر عن وضع الحزب قبل البلاد، فإن جونسون يضع نفسه قبل الحزب والبلاد.

قد يصبح كل هذا محرجاً عندما تصل لجنة الامتيازات البرلمانية في نهاية الأمر إلى جلسات الاستماع العامة حول تضليل جونسون [المتعمد] للبرلمان بشأن التجمعات خلال فترة الإغلاقات [بسبب وباء كورونا]. لكن في غضون ذلك، يحرص جونسون على عدم إضاعة أي فرصة لإثارة المشاكل لخليفته ووضع العقبات في طريقه. وهو بالأمس حث سوناك على الدفع بمشروع قانون بروتوكول إيرلندا الشمالية [في المسار البرلماني لتمريره]، وهو قانون من شأنه أن يقضي على المعاهدة التي تفاوض جونسون ذاته عليها، ووقعها مع الاتحاد الأوروبي. بعبارة أخرى، يريد جونسون من سوناك أن يهدد بخرق القانون الدولي بالطريقة التي هدد بها هو نفسه، على رغم أنه لم يخرق القانون فعلياً.

وبمجرد أن أعرب ستارمر في مقابلته مع فورد، بقدر كافٍ عن احترامه لسوناك، عمد إلى اتهام رئيس الوزراء ظلماً بأنه ضعيف، لأنه "لم يفز في سباقه على القيادة، لقد تجنب ذلك؛ وهو لا يتمتع بتفويض". هذا هراء، فقد خاض سوناك انتخابات قيادة واحدة وخسرها، وذلك قبل أن يرشح نفسه للمرة الثانية ويفوز من دون معارضة بموجب القواعد [المتبعة في حزبه]. إن لديه التفويض الوحيد الذي يحتاج إليه حسب النظرية الدستورية البريطانية، وهو الدعم الصريح من غالبية أعضاء كتلة حزبه البرلمانية.

إذا كان سوناك ضعيفاً، فذلك أساساً لأن حزبه يفتقر إلى الانضباط [اللازم] من أجل أن يتحد من خلفه، ولأن جونسون، وهو السياسي الأكثر أنانية الذي عرفته بريطانيا منذ دزرائيلي [رئيس الوزراء البريطاني بين عامي 1874 و1880]، يحاول أن يبذل كل ما في وسعه لتدميره.

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس-اندبندنت-



مقالات أخرى للكاتب

  • قاعدة حزب "المحافظين" البريطاني تتآكل على ثلاث جهات
  • هل يتفوق العمال أخيرا على المحافظين في الإنفاق الانتخابي؟
  • توني بلير يتحكم بإمبراطورية من المال والسلطة





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي