الفن في مواجهة الإرهاب
2021-04-17
خالد منتصر
خالد منتصر

القوى الأمنية تحارب الإرهابيين، والقوى الفنية تحارب الإرهاب، هذا مطلوب وذاك مطلوب أيضاً، هذا العام هناك زخم درامى موجه ضد الإرهاب كفكر، وهذا اتجاه مهم ومؤثر، فالحوارات الموجودة فى ثنايا وكواليس الحركة والأكشن بين أبطال المسلسلات، تحمل الكثير من الضربات لنواة هذا الفكر، وتزداد ذكاءً عاماً بعد عام، فبالطبع الصورة مهمة فى الدراما، لكن الحوارات ما زالت حية ولها دور كبير.

هذا العام هناك مسلسل «الاختيار» ومسلسل «القاهرة كابول» ومسلسل «هجمة مرتدة» وبعض اللمحات المتناثرة فى المسلسلات الأخرى، الإخراج مبذول فيه مجهود كبير وسنتحدث عنه فى مناسبات قادمة، لكن ما يهمنى فى هذا المقال أننا أدركنا قيمة تعرية أفكار التطرف بالحوار، والذكاء أن نعرض شخصية المتطرف التى من لحم ودم، تحولاته الإنسانية، ظروفه العائلية والنفسية، لم نعد نقدمه متجهماً على الدوام ككفار قريش، فهو من الممكن أن يكون وسيم الملامح لطيف الحديث، ليس بالضرورة أن يكون أبا لهب فى أفلامنا الدينية، هذا مهم كى نعرف أنهم يعيشون وسطنا ويتوغلون فى مؤسساتنا وليس لهم «لوجو» معين نعرفهم به، ومهم أيضاً أن تمنح الدراما مفاتيح الحوار مع هؤلاء، كيف نُفحمهم ونشتت ما يسمونه ويعتبرونه بديهيات، كيف تلخبط غزلهم المنسوج بمهارة شريرة، كيف تخترق ثوابتهم وتخلخلها، هم مدربون على المراوغة والردود الجاهزة المعلبة، وشبابنا العادى الذى لم يتعمق فى قراءة التاريخ لا يستطيع مجاراتهم وأحياناً ينساق إليهم عن جهل أو انسحاق وهزيمة عندما ينوّمهم ويخدرهم المتطرف بكلامه الثعبانى الذى بملمسه الناعم يبث السم فى عقلك.

المسلسلات والفن عموماً هو الوحيد المؤهل لهذا الدور، والدراما على قمة الفنون التى لا بد أن نستغلها فى مقاومة الإرهاب، الدراما حياة، الدراما تأثير واسع، الدراما جاذبية، الدراما نجوم وصناعة، الدراما مخاطبة وجدان وعقل، كل تلك الصفات تؤهلها لأن تكون رأس الحربة فى مواجهة فكر الإرهاب الشيطانى، أهم ما فى هذا النوع من الدراما هو التوثيق، هو استفزاز الذاكرة التى هى كذاكرة السمك، تضمحل سريعاً، وتنسى لأن مدة احتفاظها بالمعلومة كومضة البرق الخاطفة، مسلسل «الاختيار» يذكرنا بالاعتصام الذى احتل رابعة وجعلها دولة داخل الدولة، يطلبون فيه من الأسطول الأمريكى التدخل، ويؤكدون أن «جبريل» نزل فى الميدان، وأن «مرسى» ظهر لهم كالأنبياء بل هو من وقف إماماً فى الصلاة وهم خلفه!!، يذكرنا بأنه كان يضم بين من يضم المخدوع والقاتل والمستفيد والمتسول والمبتز والمصدِّق مغسول الدماغ مزيف الوعى، «القاهرة كابول» يذكّرنا بأن البداية تهجير شبابنا إلى أفغانستان فى فورة دينية تحت اسم الجهاد وقد كانت بداية الخراب، وهذا له حديث آخر بالتفصيل.

المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع



مقالات أخرى للكاتب

  • الموبايل واقتحام الخصوصية
  • غاندي وسوناك
  • مؤتمر المناخ.. مع بعض نقدر





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي