الحجاب في ألمانيا يتأرجح بين معارض ومؤيد

2008-07-07

على الرغم من عدم تناول الصحف قضية الحجاب للمسلمات في المدارس الا انها مازالت تعتبر من القضايا قيد النقاش الحاد والبحث في الكثير من المنابر السياسية والاجتماعية الالمانية، والسبب في ذلك انقسام المجتمع من المان ومهاجرين من دول إسلامية على أنفسهم. فهناك مسلمات ومسلمون يرفضون فكرة الحجاب جملة وتفصيلا ووفي المقابل ألمانيات اعتنقن الاسلام متمسكات به. وزاد الرفض بعد جرائم الشرف الذي ذهب ضحيتها عدد من النساء التركيات والعربيات والافغانيات بعد رفضهن الحجاب والعيش لوحدهن، وتمكن من تطويره انفسهن في الحياة العملية. ويقول الرافضون للحجاب بانه تحول الى رمز لسياسة اسلامية متشددة بينما يطالب آخرون بترك القرار لصاحبة القرار وهي المرأة. وقد أشار استقراء للرأي الى ان 70 في المائة من الالمان مع منع غطاء الرأس لأنه رمز سياسي تعصبي.

وقالت مشرفة اجتماعية عربية لـ "إيلاف" رفضت ذكر اسمها ان الحجاب تحول لدى بعض النساء المحجبات الى وسيلة استفزاز الآخرين من الالمان وغير المحجبات، لكن المشكلة الكبرى ان ملابس بعض المحجبات تحولت الى كارنافال، حيث تلبس الواحدة سروالا ضيقا أحمر وأخضر اللون وتغطي رأسها بغطاء مزركش وكأنها آتية من حفلة فلكلور، وتتعمد أخريات وضع حجاب لا علاقة له بالحجاب أبدا، وهذا يلحق الضرر بسمعة المحجبات بشكل خاص. عدا عن ذلك تحول الحجاب الى أداة تخفي كي تقوم المرأة او الفتاة بكل ما تريده وتمنعها تقاليدها الاجتماعية القيام به.

وعلى صعيد الاقاليم الالمانية مازالت حكومة ولاية بافاريا رغم الضغوطات التي مارستها جميعات إسلامية، متمسكة بقرارها الرافض لغطاء الرأس للمعلمات المسلمات في المدارس الرسمية. وبررت ذلك بانها تريد الحيلولة دون تأثر التلميذات خاصة الصغيرات منهن بتوجه معلماتهن السياسي وهو في الكثير من الاحيان توجه أصولي. وبهذا تواصل بافاريا الالتزام بالمنع كما بادن فورنتبيغ وسارلند وسكسونيا السفلى وبرلين ، وكانت هسن قد سبقت الجميع ومنعت الحجاب عن كل موظفات الدوائر الرسمية المسلمات جب.

وبررت متحدثة في وزارة التربية والثقافة باقليم بافاريا التمسك بالقانون بانه وسيلة تحول دون استغلال تجمعات اسلامية متعصبة للحجاب بشكل سيء من اجل اهدافها السياسية. فهذا لا يتفق مع الاسس الديمقراطية في المانيا والتسامح والمساواة فيها، ووضع معلمة غطاء الرأس لاسباب ذاتية قد يكون له انعكاس آخر لدى التلاميذ. والقانون الذي اقر لا يجب ان يفسر بانه تجاوز لقانون المساواة وينطبق على كل الشعارات الدينية التي تفهم وكأنها رمز التحريض او التعصب الديني، رغم ذلك لن تتهم كل إمراة محجبة بانها أصولية. وتعطي حكومة بافاريا الاولوية لمصلحة التلاميذ وذويهم، فالتلاميذ في سن التطور والنمو والنضوج عرضة للتأثر بالمظاهر.

وعلى الرغم من رفض حزب الخضر تقييد حرية المرأة الا انه يتهم الحزب المسيحي البافاري بانه يسعى الى تحديد حرية المسلمين في المانيا. فقانون منع الحجاب لا يحد فقط من امكانيات المسلمات من الانتماء الى المجتمع الالماني بل ويحدد من حريتها للتعبير عن رأيها لانها تعتقد بانه لن تسمع لانها محجبة. وعبر تمسكه بقانون حظر الحجاب يكون الحزب المسيحي البافاري

 

 نفسه تصرف بتعصب وتشدد ديني وتجاوز تعاليم الدين المسيحي الذي يحفظ حرية الانسان، وذكر بان المحكمة الدستورية سمحت بغطاء الرأس للمسلمات قبل أشهر قليلة لحسم مسألة الخلافات التي دارت.
وهذا صحيح لكن النظام الالماني لا يلزم حكومات الاقاليم بقرار هذه المحكمة بل تعود الامور اليها بقبوله او رفضه لأن النظام في المانيا فدرالي وليس مركزي.

ولقد فجرت مسألة الحجاب قبل أكثر من خمسة أعوام نزاعا بين مدرسات مسلمات وحكومات بعض الاقاليم وبدأت في اقليم بادن فورتنبيرغ الجنوبية عندما اقدمت المدرسة الافغانية فرتشا لودين على رفع دعوى ضد وزيرة الثقافة من الحزب المسيحي الديمقراطي انيته شافان لانها قررت بالاتفاق مع ادارة المدرسة التي تدرس فيها ربط مواصلة عملها في المدرسة بنزعها غطاء رأسها وعندما رفضت فصلت من التعليم.
بعدها اصبحت القضية ورقة ضغط بايدي المتعصبين ضد كل مدرّسة تريد الاحتفاظ بغطاء راسها فاحدثت انقساما بين السياسيين والتربويين الالمان ، فمنهم من اعتبر الحجاب من الامور الشخصية ويجب ترك المراة لشأنها تمارس شعائرها الدينية بحرية كما يقتضيه الدستور الالماني، بينما برر المتمسكون به بان المدّرسة هي عادة بنظر التلاميذ مثل يقتدى به وقد يتبعون خطاها بالتحجب او حتى باعتناق الدين الاسلامي.
وفي خضم زوبعة الحجاب تدخلت عدة شخصيات من أجل الدفاع عن قيم الحرية والمساواة في المانيا فوقعت 70 إمراة من الشخصيات المعروفة على عريضة تساند الحجاب وقالت احدى الموقعات وكانت مسؤولة شؤون الاجانب في برلين ماري ليوس بيك من حزب الخضر ان ما يهم في المرأة هو ما تحت غطاء الرأس أي عقلها وتفكيرها وليست قطعة القماش التي تضعها ودعمتها رئيسة مجلس النواب الاتحادي السابقة ريتا سوستموت والقسيسة الانجيلية ماريا يسبن ورئيسة تحرير مجلة اليهود في برلين اليسا كلافيك.

بعدها تحولت القضية الى مباريات لوضع مسودات قانون فتقدمت بعض الحكومات بمسودة تطلب من كل مدرّسة مسلمة عدم تغطية شعرها بشكل تحريضي لا يسمح به القانون، لكنها لم تحدد ما هو الشكل التحريضي، فيما دعت فكرة للجوء ادارة المدرسة الى اولياء امر التلاميذ عند وقوع خلاف بينها وبين مدرّسة مصرة على التمسك بحجابها ويتم تدخل الاجهزة الحكومية العليا مثل المحكمة الدستورية بطلب من المدرسة . بينما حرصت اقاليم اخرى على عدم فتح الباب على قضية مهمة لفصل الدين عن الدولة عندها سوف تكون الكنائس مستهدفة ايضا فنادت بقرار حيادي ومن واجب حكومات الاقاليم الحكم بالعدل بين فئات الشعب ولكل فئة الحق في ممارسة شعائرها الدينية بحرية بشكل لا يهدد استتباب الامن والقوانين الأساسية الالمانية.
 










شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي