هل أنت مدمن على العمل؟

علامات تؤكد هوسك بالإنجاز الوظيفي

2020-12-29

شيماء محمود

يشعر بعضنا بالأهمية كلما كان مشغولا أكثر، ويعمل ساعات طويلة كل يوم، وربما كل أيام الأسبوع. وقطعا الانشغال بشيء مفيد أمر جيد، لكن متى يتحول حب العمل إلى هوس أو إدمان؟ ومتى يُمكننا أن نقول على شخص إنه "مدمن عمل"؟

نعم، كما يوجد أشخاص مدمنون على شرب القهوة أو تعاطي المخدرات مثلا، يوجد أيضا آخرون مدمنون على العمل، ويكون العمل بالنسبة لهم تصرفا قهريا لا يستطيعون السيطرة عليه أو منع أنفسهم منه، وكلما حققوا نجاحًا بعد الانغماس في العمل ينغمسون فيه أكثر ليحققوا مزيدا من النجاح، وبالتالي المزيد من تقدير أنفسهم والشعور بالرضا.

لكن، أحيانا تكون هناك أسباب أخرى؛ فقد يكون هذا الانغماس في العمل وسيلة لتجنب المشكلات العائلية أو المادية أو الأزمات النفسية والصحية، أو الهرب من مشاعر سلبية مثل الوحدة والاكتئاب.

وبغض النظر عن النشوة الجزئية التي قد يحصل عليها "مدمن العمل"، فإنه قد لا يتحمل النتائج السلبية لهذا الإدمان، مثل شعور الوحدة، وخسارة العلاقات الاجتماعية، والشعور بالإرهاق والقلق من ضغط العمل، وبالتالي التأثير على الصحة النفسية، وربما التوقف عن اتباع عادات صحية في نمط التغذية وممارسة الرياضة؛ مما قد يكون سببا في زيادة الوزن، وظهور مشاكل صحية أخرى؛ فإدمان العمل مثل أي إدمان آخر له عواقب وخيمة.

هل أنت مدمن عمل؟

بالطبع، هناك فرق كبير بين حب العمل والإنجاز عموما وبين إدمان العمل، وهناك صفات مشتركة بين مدمني العمل، كأن يكون المرء مهووسا بأدائه في العمل والتفكير في مهامه حتى خارج ساعات العمل، وأن يتخلى عن النوم وعلاقاته الاجتماعية ليكمل مهام العمل التي تشكل أهم أولويات حياته، أو كلما امتلك وقت فراغ يفكر في الحصول على عمل إضافي، بالإضافة طبعا إلى العمل ساعات إضافية بشكل روتيني، وقد يكره أيضا الإجازات لأنه ببساطة لا يعرف ما يفعل فيها.

وإذا كنت تتساءل: هل أنا مدمن على العمل أم لا؟ ربما يساعدك هذا الاستبيان الذي أعدته مبادرة "مدمنو عمل مجهولون" (Workaholics Anonymous) الأميركية المتخصصة في مكافحة كل نماذج العمل القهري وإدمان العمل، إذا أجبت بنعم على أكثر من 3 إلى 4 من هذه الأسئلة فأنت مدمن عمل:

هل تنجذب إلى عملك أو أنشطتك المرتبطة به أكثر من العلاقات الاجتماعية والراحة وما إلى ذلك؟

هل هناك أوقات تكون فيها متحمسا وتضغط على نفسك لإتمام المهام عندما لا تريد ذلك، وأوقات أخرى تماطل وتتجنبها عندما يكون عليك إنجاز الأمور؟

هل تفكر في العمل قبل/أثناء النوم؟ وفي عطل نهاية الأسبوع؟ وفي عطلتك السنوية؟

هل تشعر براحة أكبر في الحديث عن عملك أكثر من التحدث عن مواضيع أخرى؟

هل تفضل العمل طوال الليل؟

هل تستاء من الأشخاص في مكان عملك لفرضهم الكثير من الضغوط عليك؟

هل تقاوم الراحة عند التعب وتستخدم المنبهات للبقاء مستيقظا فترة أطول لإتمام المزيد من العمل؟

هل تقوم بعمل إضافي أو التزامات تطوعية لأنك قلق من عدم إنجاز الأمور بطريقة مرضية؟

هل تستخف بالوقت الذي ستستغرقه لإتمام مهمة ما ثم تتسرع في إكمالها؟

هل تنغمس في أنشطة لتغيير شعورك أو تجنب شعور الحزن والقلق؟

هل يغضبك الأشخاص الذين لديهم أولويات أخرى على العمل؟

هل تخشى أنك إذا لم تعمل بجد طوال الوقت ستفقد وظيفتك أو تكون فاشلا؟

هل تخشى النجاح أو الفشل أو الانتقاد أو الإرهاق أو عدم الأمان المالي أو عدم وجود وقت كاف للعمل؟

هل تحاول القيام بمهام متعددة لإنجاز المزيد من الأعمال؟

هل تغضب عندما يطلب منك الناس التوقف عن فعل ما تعمل عليه لفعل شيء آخر؟

هل تؤثر ساعات عملك الطويلة على صحتك أو علاقاتك؟

هل تفكر في العمل أثناء القيادة أو التحدث أو وقت الاسترخاء أو النوم؟

هل تشعر بالضيق عندما تكون غير نشيط كفاية؟

هل تراقب بريدك الإلكتروني ورسائل العمل باستمرار؟

ما أسباب إدمان العمل؟

الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الوسواس القهري (OCD) أو الذين يحبون الكمال أكثر عرضة لأن يكونوا من مدمني العمل.

وقد يبدأ إدمان العمل لأسباب بسيطة، مثل وجودك في بيئة عمل شديدة التنافسية، أو تحتاج جهدا وتركيزا في كثير من التفاصيل. وأشار الموقع المتخصص في التعريف بأنواع الإدمان (Addiction) إلى دراسة هولندية أجريت عام 2012 على أكثر من 9 آلاف عامل، حيث وجدت أن إدمان العمل كان أكثر انتشارا في مجالات معينة مقارنة بغيرها، مثل الزراعة والبناء والتجارة والاتصالات والاستشارات.

كذلك يلعب العمر عاملا آخر؛ فالشباب صغير السن لديه قابلية أكبر ليصبح مدمنا على العمل كون التزاماتهم الأسرية أقل، لذلك يفضلون قضاء ساعاتهم الإضافية في العمل، أو ربما لرغبتهم في الترقي بسرعة للحصول على مكانة اجتماعية، أو الحصول على راتب أعلى، أيضا قد يتحول البعض لإدمان العمل بسبب طبيعة سلوك أسرهم.

كيف تتعامل مع إدمان العمل؟

لحسن الحظ، مثل أي إدمان، هناك طرق للتعامل مع إدمان العمل ينصح بها المتخصصون مدمني العمل عادة، مثل كسر الروتين بممارسة أنشطة أخرى لتصفية الذهن والاسترخاء بعيدا عن أجواء العمل، وتخفيف التوتر وتعزيز القدرة على التركيز. وفي هذه الحالات قد تساعد التمشية، أو الاستماع إلى الموسيقى، أو مشاهدة برنامج كوميدي في تشتيت تفكيرك بعيدا عن العمل.

بالإضافة إلى نصائح مشاركة العائلة والأصدقاء الوقت، والحصول على بعض المرح، وهناك اعتقاد عام بأن تغيير نمط الحياة والتغذية وممارسة التمارين الرياضية والمتابعات الصحية؛ كلها أمور تساعد في تخفيف الرغبة في قضاء الوقت كله في العمل.

واحرص على تدريب نفسك على عدم متابعة أمور تخص العمل أو التفكير فيه بعد ساعة معينة من اليوم أو بمجرد انتهاء الدوام.

أحد الحلول أيضا أخذ إجازة تكسر فيها روتين العمل، وتمارس فيها أنشطة ترفيهية، أو على الأقل الاسترخاء بعيدا عن متابعة الهاتف وجهاز الكمبيوتر والرسائل واتصالات العمل، وإذا لم تفلح هذه الأساليب والاقتراحات التي قدمت بعضها مجلة "سيكولوجي توداي" (Psychology Today) الأميركية المتخصصة في مواضيع علم النفس، ربما يجب عليك حينها طلب المساعدة من معالج، خاصة إذا كان إدمان عملك بسبب الوسواس القهري أو بعض الاضطرابات النفسية والمشاكل المستعصية.

في النهاية، يحتاج كل منا إلى بذل بعض الجهد للترقي بحياته المهنية أو تحسين الدخل، وعلى الجميع تحمل المسؤولية تجاه مهامه وإتمامها على أكمل وجه، لكن أخذ راحة بين مهام العمل يساعد في تحقيق هذا الهدف، ولن يسرك بأي حال أن تدمر علاقاتك الاجتماعية، أو تهدد صحتك النفسية والجسدية بسبب إدمان العمل.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي