ماذا سيحدث لحرب السعودية في اليمن في عهد بايدن؟

مصدر: Five Years In, Saudi Arabia Is Signaling It Wants Out of Yemen
2020-11-29

نشر مركز «ستراتفور» للدراسات الاستراتيجية والأمنية تحليلًا حول الموقف الحالي للحرب السعودية في اليمن. وفي حين تلمح المملكة إلى رغبتها في إنهاء الصراع والخروج من اليمن، يخلص التحليل إلى أنها لم تحقق أيًّا من الأهداف التي دخلت اليمن من أجلها. ويلخص المركز أسباب ذلك في: تغيير الإدارة في الولايات المتحدة، ورحيل إدارة ترامب التي كانت تدعم الصراع، وتولي إدارة بايدن التي تدين هذه الحرب، وتداعي الدعم العالمي، وحتى دعم الحلفاء الإقليميين، وتفشي كوفيد-19، وتراجع عائدات النفط.

تضيق الفرصة بسرعة أمام المملكة العربية السعودية للخروج من الصراع في اليمن دون تعريض جميع مكاسبها للخطر؛ إذ تنتقل إدارة الولايات المتحدة إلى حكومة أقل صداقة للرياض، فيما يسعى المتمردون الحوثيون إلى الحصول على تنازلات أكبر على الأرض.

في 17 نوفمبر (تشرين الثاني)، أفادت تقارير بأن السعودية عرضت على الحوثيين إقامة منطقة عازلة على طول الحدود السعودية – اليمنية، مقابل تقليص قواتها في البلاد. وتمثل هذه الخطوة – بحسب التحليل – خفضًا كبيرًا لسقف الأهداف السعودية الأصلية في اليمن، فضلًا عن كونها اعترافًا ضمنيًّا باحتمال استمرار الوجود السياسي والعسكري للحوثيين في اليمن.

هل حققت السعودية أهدافها من حرب اليمن؟

أدى تراجع الدعم الخارجي لحرب اليمن، إلى جانب الضغوط الاقتصادية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط ووباء كوفيد-19، إلى زيادة الدافع لدى السعودية للانسحاب من اليمن، مما أجبر الرياض على الإقرار بفشل تدخلها العسكري الذي استمر خمس سنوات.

يتابع التحليل: فشلت عملية الرياض الجارية في اليمن في تحقيق هدفها الأساسي المتمثل في إخراج جماعة الحوثي من العاصمة صنعاء، وإعادة الرئيس، عبد ربه منصور هادي، إلى السلطة. ليس هذا فقط، بل تكبدت السعودية خسائر كبيرة في صفوف الجنود والعتاد العسكري في سبيل فعل ذلك.

كما أدى تدخل السعودية إلى إثارة غضب المشرِّعين الأمريكيين في الكونجرس، الذي صوَّت عدة مرات لإنهاء الدعم الأمريكي للتدخل. كما عانت المملكة أيضًا من تراجع الدعم بين حلفائها الإقليميين؛ إذ سحبت الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا قواتها من اليمن في محاولة لتقليل تعرض أبو ظبي لهجمات المتشددين المرتبطة بالصراع.

ويسلط «ستراتفور» الضوء على عدة نقاط رئيسية في مسار الصراع:

خلافًا لاستعادة السيطرة على مساحات شاسعة من جنوب اليمن، كان تقدم التحالف السعودي محدودًا؛ إذ ظلت خطوط المواجهة الرئيسية بالقرب من تعز ومأرب والحديدة دون تغيير إلى حد كبير لسنوات، مع انتصارات صغيرة حققها الحوثيون مؤخرًا، وأبرزت صعوبة الحفاظ على السيطرة على الأراضي.

كان ثمن اعتماد السعودية الكبير على الضربات الجوية وعمليات الحصار في اليمن، هو وقوع خسائر في صفوف المدنيين، وتوقف إمدادات الغذاء والوقود التي تشتد الحاجة إليها بين السكان اليمنيين الفقراء بالفعل.

في أبريل (نيسان) 2019، صوَّت الكونجرس الأمريكي على إنهاء الدعم العسكري للتدخل السعودي في اليمن، لولا أن ترامب عارضه في النهاية مستخدمًا حق النقض (الفيتو) الرئاسي.

خريطة الحرب الأهلية في اليمن (9 نوفمبر 2020)

علاقة الرياض بواشنطن لن تكون كما كانت عليه في عهد ترامب

يرجح «ستراتفور» أن تصبح علاقة السعودية مع الولايات المتحدة أكثر عدائية بمجرد أن يتولى الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، منصبه في يناير (كانون الثاني)، وأن يزيد ذلك من تعرض الرياض للضغوط السياسية الأمريكية، مما يفاقم انعدام الثقة بين الحليفين.

وعلى عكس ترامب، يستبعد التحليل أن يعرقل بايدن محاولات الكونجرس لإنهاء الدعم الأمريكي للتدخل السعودي في اليمن، الذي أدانه بايدن أيضًا بشدة. في الواقع، بعد تنصيب بايدن في 20 يناير المقبل، قد تقرر إدارته المسارعة إلى تقليص مشاركتها في الصراع؛ مما يحرم السعودية من الدعم اللوجستي والاستخباراتي الذي استخدمته في غاراتها الجوية وعملياتها في اليمن.

قد تنظر الرياض إلى مثل هذا القرار على أنه بداية لحملة ضغط دبلوماسي أمريكي أكبر لتقليص تدخلها في اليمن، بعد سنوات من الدعم القوي من إدارة ترامب؛ مما يدفع المملكة إلى زيادة تنويع علاقاتها بعيدًا عن واشنطن، حسبما يلفت التحليل.

السعوديون قلقون بالفعل بشأن نهج إدارة بايدن تجاه إيران وسجل السعودية في مجال حقوق الإنسان، لا سيما بعد أن هدد بايدن بتحويل السعودية إلى دولة «منبوذة» بسبب اغتيالها لجمال خاشقجي في عام 2018.

تعد العلاقات الدفاعية والاقتصادية بين السعودية والولايات المتحدة جوهرية، لكن تراجع الحاجة إلى النفط السعودي بسبب انخفاض أسعار الطاقة العالمية وزيادة عمليات التصديع الهيدروليكي لاستخراج النفط والغاز في الولايات المتحدة ساعد واشنطن على التخفف من أعباء علاقتها مع المملكة.

تسعى السعودية إلى إيجاد شركاء دفاعيين واقتصاديين جدد لتعويض فقدان العلاقة الوثيقة مع الولايات المتحدة، بما في ذلك زيادة العلاقات الدفاعية مع الصين وتدشين علاقة دافئة محتملة مع إسرائيل للوصول إلى التقنيات الإسرائيلية.

الحوثيون يسعون إلى تنازلات كبيرة

كما أن تقليص قوات التحالف السعودي، إلى جانب القتال المتزايد بين المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي وحكومة هادي، سيزيد من جرأة المقاتلين الحوثيين الذين يعتقدون أنهم يواجهون عدوًّا ضعيفًا على طول الخطوط الأمامية.

وسيشجع ذلك الحوثيين على الضغط للحصول على تنازلات أكبر من السعودية، بما في ذلك المزيد من السيطرة على الأراضي وتأثير أكبر في المفاوضات السياسية مع حكومة هادي. وكلما استمر الحوثيون في إجبار السعوديين على مواصلة التورط عسكريًّا في اليمن، زاد احتمال أن يؤدي الضغط الأمريكي لإنهاء الحرب إلى إجبار الرياض على منح تلك التنازلات، وفق «ستراتفور».

وقد يؤدي تصنيف الولايات المتحدة المحتمل للحوثيين على أنهم منظمة إرهابية أجنبية إلى زيادة تعقيد قدرة الرياض على التوصل إلى تسوية سياسية مع الجماعة المتمردة، إذ يمكن أن يطالب الحوثيون بإلغاء هذا التصنيف باعتبار ذلك شرطًا مسبقًا للدخول في المفاوضات.

يختم التحليل بالإشارة إلى اشتباك المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة هادي، اللذين يقفان في الجانب نفسه ظاهريًّا، في القتال في محافظة أبين، حيث تعثرت الاتفاقيات الدبلوماسية لإنهاء التنافس بينهما. ويخلُص «ستراتفور» إلى أن هذا القتال المستمر يهدد بتحويل الموارد عن خط المواجهة في مأرب، حيث يشن الحوثيون هجومًا للسيطرة على المدينة الرئيسية.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي