53 عاماً على قرار 242 لصالح فلسطين.. هل تنسحب إسرائيل تنفيذاً للقرار؟

2020-11-22

مجلس الأمن

بعد حرب 1967، اجتمع مجلس الأمن الدولي وأصدر القرار رقم 242، الذي نص على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، اليوم تحل الذكرى 53 على الصمت الدولي والتعنت الإسرائيلي، فما أهمية ذلك القرار؟

ما نص القرار 242؟

جاء في نص القرار الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي، لإقرار مبادئ السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط، أن المجلس يعرب عن "قلقه المتواصل بشأن الوضع الخطير في الشرق الأوسط، وإذ يؤكد عدم القبول بالاستيلاء على أراض بواسطة الحرب، والحاجة إلى العمل من أجل سلام دائم وعادل تستطيع كل دولة في المنطقة أن تعيش فيه بأمن".

وتابع "يؤكد أيضاً أن جميع الدول الأعضاء بقبولها ميثاق الأمم المتحدة قد التزمت بالعمل وفقاً للمادة (2) من الميثاق".

صدور القرار 242 عن مجلس الأمن

يؤكد المجلس أن تحقيق مبادئ الميثاق يتطلب إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، ويستوجب تطبيق المبدأين التاليين: أ- سحب القوات المسلّحة من أراض احتلتها (إسرائيل) في النزاع الأخير.

بإنهاء جميع ادعاءات أو حالات الحرب، واحترام واعتراف بسيادة وحدة أراضي كل دولة في المنطقة، واستقلالها السياسي، وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة، ومعترف بها، وحرة من التهديد وأعمال القوة.

ويؤكد أيضاً الحاجة إلى: أ‌- ضمان حرية الملاحة في الممرات المائية الدولية في المنطقة. ب‌-  تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين. ج- ضمان المناعة الإقليمية، والاستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة، عن طريق إجراءات بينها إقامة مناطق مجردة من السلاح.

أراضٍ أَمْ الأراضي؟

ربما يرى البعض أن قرارات مجلس الأمن الدولي أو المنظمات الدولية الأخرى فيما يخص الصراع العربي-الإسرائيلي بشكل عام، لا فائدة لها، في ظل عدم احترام إسرائيل لتلك القرارات من الأساس، لكن البعض الآخر يرى أن هناك قرارات مفصلية في مسار القضية الفلسطينية، أبرزها القرار 242.

وعلى الرغم من الجدل الذي ثار حول صياغة القرار باللغة الإنجليزية وترجمته إلى العربية، وخصوصاً كلمة (أراض- الأراضي)، حيث يقول الإسرائيليون إن القرار لا ينص على الانسحاب من جميع الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب يونيو/حزيران 1967، بل ينص على الانسحاب من "أراضٍ" دون تحديد، إلا أن الذي حدث هو أن إسرائيل لم تنسحب إلا بعد هزيمتها في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، وتوقيع اتفاقية السلام مع مصر، حيث انسحبت من سيناء.

ويصادف اليوم الأحد (22 نوفمبر/تشرين الثاني) الذكرى الثالثة بعد الخمسين على صدور قرار مجلس الأمن الدولي (242)، الذي يُرسي مبادئ السلام العادل في الشرق الأوسط، والقائم على انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي التي احتلّتها عام 1967.

حرب 1967 غير خريطة الشرق الأوسط

وكان هذا القرار قد صدر بعد أشهر من تلك الحرب التي شنتها إسرائيل ضد كل من مصر وسوريا والأردن، وأطلق العرب على هذه الحرب اسم "النكسة"، بينما لقبّها الإسرائيليون بـ"حرب الأيام الستة"، من باب التفاخر بالمدة الزمنية القصيرة التي هزموا خلالها الجيوش العربية.

وترتّب على هذه الحرب احتلال إسرائيل لكل من الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء المصرية، وهضبة الجولان السورية.

التطبيع المجاني مع إسرائيل

وتأتي ذكرى قرار (242) في ظل تغيّرات كبيرة يشهدها الشرق الأوسط، فيما يتعلق بالسلام مع إسرائيل، حيث شهد عام 2020 محاولة إسرائيلية- أمريكية لتصفية القضية الفلسطينية، بما يخالف القرارات الدولية، فأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، في يناير/كانون الثاني الماضي، خطة "صفقة القرن" المزعومة، التي دعت إلى إقامة حكم ذاتي فلسطيني تحت مسمى "دولة" على مناطق سكنية غير متصلة جغرافياً، وتقطع أوصالها المستوطنات الإسرائيلية.

كما تواصل إسرائيل تنكّرها للقانون الدولي بزيادة مساحة احتلالها للأراضي الفلسطينية، عبر سياسة التوسّع الاستيطاني في الضفة الغربية، وخلال فترة ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي بدأت مطلع 2017، تسارعت وتيرة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيما أعلنت واشنطن في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أنها لم تعد تعتبر الاستيطان "غير قانوني".

لحظة توقيع اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل في البيت الأبيض

أما فيما يتعلق بقضية اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجّر (أجدادهم) من أراضيهم عام 1948، فتحاول إسرائيل بمساندة أمريكية تصفية قضيتهم، من خلال فكفكة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وتجفيف منابعها المالية، كما يرى مراقبون.

إلى جانب ذلك، فإن اتفاقات لتطبيع العلاقات بين عدد من الدول العربية وإسرائيل، تم الإعلان عنها خلال النصف الثاني من العام الجاري، دون الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 1967، كما ذكر القرار، وبعيداً عن محددات المبادرة العربية للسلام (عام 2002).

إسرائيل تتنكر للقرارات الدولية

الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم يقول للأناضول، إن ما يحدث على أرض الواقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو في الإطار السياسي العربي- الإسرائيلي يخالف القرارات الدولية.

ويضيف أن " التطبيع العربي مع إسرائيل يخالف القرارات الدولية المتعلّقة بالقضية الفلسطينية، كما يناقض حالة الإجماع العربي المتمثّلة في المبادرة العربية للسلام".

ويعتقد إبراهيم أن سياسة التطبيع العربي مع إسرائيل "تخدم الدول العربية، دون الاهتمام بالقضية الفلسطينية، بما يخالف مبدأ حل الدولتين (القائم على إقامة دولة فلسطينية على حدود ما قبل حرب 1967)".

رئيسة وزراء إسرائيل عام 1973 غولدا مائير

ومنذ أبريل/نيسان لعام 2014، توقّفت مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، جراء رفض إسرائيل إطلاق سراح معتقلين قدامى، ووقف الاستيطان، والقبول بحدود ما قبل حرب يونيو/حزيران 1967 أساساً لحل الدولتين.

وبدأت أول مفاوضات مباشرة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 برعاية أمريكية، سعياً لإقامة سلام دائم بين الدول العربية وإسرائيل، على أساس مبدأ "الأرض مقابل السلام" وقرارات مجلس الأمن (242) و(338).

وفي سبتمبر/أيلول 1993، وقع رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق رابين، ورئيس اللجنة التنفيذية بالمنظمة، الراحل ياسر عرفات، على إعلان أوسلو الذي نص على تأسيس حكم ذاتي فلسطيني، وتم توقيعه في واشنطن، وأفضى إلى قيام السلطة الفلسطينية.

وقام الاتفاق الذي عُرف حينها بـ"إعلان المبادئ لتحقيق السلام" على انسحاب إسرائيلي تدريجي من الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن ذلك لم يتحقق بالكامل على أرض الواقع.

تصفية القضية الفلسطينية

ويوضح إبراهيم أن المستجدات السياسية في الملف الفلسطيني من "صفقة القرن وسياسة التطبيع"، تهدف بطبيعة الحال إلى تصفية القضية، بشكل يخالف القرار (242)، وكافة القرارات الدولية المتعلقة بالقضية.

الملك سلمان مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس

ويضيف "كما أن محاولات تصفية وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من خلال وقف التمويل الأمريكي المقدم لها، وعدم الانسحاب من الأراضي المحتلة، يخالف هذا القرار".

ويقول إبراهيم إن إسرائيل تتنكّر للقانون الدولي، والقرارات الصادرة عن المؤسسة الأممية، ولحقوق الفلسطينيين.

قيمة رمزية للقرار 242

بدوره يقول الباحث القانوني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان محمد أبو هاشم للأناضول، إن القرار (242) يعتبر من الشواهد على الحق الفلسطيني الذي تحاول إسرائيل طمسه.

صورة قديمة للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والقيادي الشهيد أبو جهاد

ويضيف أن "هذا القرار بعد رفض إسرائيل تنفيذه بات له قيمة رمزية تعبر عن أحقية الشعب الفلسطيني في أرضه، ويبقى شاهداً على تاريخ تحاول إسرائيل محوه".

ويعد أبو هاشم هذا القرار بمثابة الوثيقة التي تدحض "الادّعاءات الإسرائيلية أمام المحافل الدولية وغيرها، بأنها دولة غير معتدية".

كما يساعد هذا القرار الفلسطينيين، وفق أبو هاشم، في "دعم موقفهم أمام الرأي العام العالمي، لاستقطاب التضامن، ولتعزيز موقفهم الرافض للسياسات الإسرائيلية، أو حملات المقاطعة دفاعاً عن حقّهم".​​​​​​​







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي