لأول مرة.. استنساخ حصان بري مهدد بالانقراض من مادة وراثية محفوظة

2020-09-12

استطاع علماء حديقة حيوان سان دييغو استنساخ حصان البرزوالسكي البري (دانا ساكتشيتي- فليكر)

أعلنت حديقة حيوان سان دييغو العالمية (San Diego Zoo) في الولايات المتحدة أنها نجحت في استنساخ حصان البرزوالسكي (Przewalski Foal) المهدد بالانقراض لأول مرة في أغسطس/آب الماضي.

يعتبر "البرزوالسكي" من الأحصنة البرية المهددة بالانقراض والتي تسكن سهول آسيا الوسطى. وقد تم استنساخ الحصان من الحمض النووي لذكور البرزوالسكي المحفوظة في حديقة الحيوان منذ عام 1980.

إعادة التنوع الوراثي

أطلق العلماء اسم كورت على الحصان الصغير (المهر) والذي يرون فيه بارقة أمل للحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض. كما أن إعادة استخدام المادة الوراثية -المحفوظة عند درجات حرارة منخفضة لمدة 40 عاما- يفتح بابا جديدا لإمكانية استخدام المادة الوراثية دون أن تفقد تنوعها الوراثي.

ويرى عالم الحيوان بوب وايز كبير مسؤولي علوم الحياة بالحديقة العالمية في البيان الصحفي المنشور على موقعها أن "هذا الحصان الصغير يعتبر أحد أكثر أفراد نوعه أهمية من الناحية الوراثية".

ونقل موقع ساينس ألرت (Science Alert) عن وايز قوله "نأمل أن نعيد التنوع الوراثي الذي كانت عليه خيول البرزوالسكي إلى الواجهة من جديد".

عنق زجاجة انقراض الأنواع

انقرضت خيول البرزوالسكي من الحياة البرية منذ عام 1969. إذ تناقصت أعدادها بشكل كبير في سهول آسيا الوسطى بعد الحرب العالمية الثانية، إثر عدد من العوامل مثل الصيد والشتاء القارس، وتنافسها على العيش مع الماشية بعدما استوطن البشر أراضيها.

ولحسن الحظ، فقد ساعدت برامج التربية المكثفة في الحفاظ على بعض أنواع خيول البرزوالسكي، كما أسهمت في إعادة دمجها في الأراضي العشبية في الصين ومنغوليا.

فمن أصل 12 حصانا تم اصطيادها بين عامي 1899 و1947، ساعدت برامج التربية المكثفة في الحفاظ على نسل هذا النوع من الخيول حتى وصلت إلى ألفي حصان موزعة حول العالم.

غير أن الوصول إلى هذا التعداد المتزايد لم يخل من المشاكل. فانخفاض أسلاف هذه الخيول إلى 12 حصانا فقط أوصلها إلى مرحلة تعرف "عنق الزجاجة السكانية" وهي النقطة التي ينخفض عندها تعداد عدد أي نوع بشكل حاد.

ومصير الأنواع التي تصل إلى هذه النقطة إما التعافي والازدهار مرة أخرى، أو أن تصل إلى الانقراض.

تناقصت أعداد البرزوالسكي في سهول آسيا الوسطى بعد الحرب العالمية الثانية (جيرارد إم- ويكيبيديا)

حفظ مع مشكلات

يؤدي الوصول إلى مرحلة "عنق الزجاجة السكانية" إلى انخفاض التنوع الوراثي بين أحصنة ذلك النوع. ومن ثم تصبح أقل قدرة على التأقلم مع الضغوط البيئية وما تحمله من متغيرات. كما أن هذه المجموعة الصغيرة تفقد بعض السمات، مما يقلل من تنوعها أكثر فأكثر.

وبينما التنوع الوراثي يقل في أعداد تلك المجموعة الصغيرة ونسب التزاوج تتزايد بين أفرادها، يؤدي ذلك إلى ظهور سمات غير مفضلة، كما يتسبب في زيادة احتمالية انقراض هذه الأنواع على المدى الطويل.

ورغم أن برامج التربية المكثفة بذلت قصارى جهدها للحفاظ على أنواع تلك الخيول، فإنها أسهمت أيضا في ظهور بعض المشكلات، ذلك لأنها زاوجت بعضها مع الخيول المحلية. وكان نسل هذا التزاوج مثيرا للجدل، وهو ما فاقم الانحراف الوراثي لهذه الأنواع بشكل أكبر.

يأمل العلماء إعادة استنساخ الماموث الصوفي بنفس الطريقة (توماس كوين- فليكر)

الاستنساخ من المادة الوراثية

غير أن التحليل الوراثي لأحد الأحصنة التي اهتمت به برامج التربية المكثفة -والذي عاش بين عامي 1975 و1998- أظهر أنه نسل فريد لأبوين من الأحصنة البرية الأصلية. مما يعني احتواءه على تنوع وراثي كبير مقارنة بباقي أفراد مجموعته.

ولذلك أخذت عينة من المادة الوراثية لهذا الحصان، وحفظت مجمدة منذ عام 1980 في حديقة حيوان سان دييغو.

بالطبع، استمر هذا الحصان الفريد في إنجاب أمهار طبيعية. إلا أن ابنه كورت جاء من مادته الوراثية التي حفظت وأعيد استخدامها بعد أكثر من 20 عاما من وفاة والده.

ويمثل كورت الأمل -ليس لنوعه فقط- ولكن للأنواع الأخرى المهددة بالانقراض. ذلك لأنه جاء نتاجا لمادة وراثية حفظت لفترة طويلة من الزمن. ففي السابق استنسخت بعض القوارض من الحيوانات المنوية لأسلافها التي حفظت لمدة 20 عاما فقط.

ويأمل فريق العلماء استنساخ بعض الأنواع الأخرى مثل النمس أسود القدم، وكذلك الماموث الصوفي، وهو حيوان منقرض شبيه بالفيل الآسيوي.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي