خبراء: كارثة صحية تهدد حياة الأطفال في إندونيسيا

2020-07-28

المختصون يخشون على المستقبل الصحي لأطفال إندونيسيا في ظل انشغال السلطات بأزمة كورونا عن ملفات لا تقل خطورةصهيب جاسم - جاكرتا - أعلنت الحكومة الإندونيسية أن عدد الحالات المؤكدة إصابتهم بالفيروس تجاوز 100 ألف إصابة، توفي منهم 4 آلاف و838 شخصا، وتعافى 58 ألفا و173 شخصا.

وما زال معدل الإصابات المعلن عنها رسميا في ازدياد يوميا، مع الكشف عن بؤر انتشار جديدة، تتركز في أبراج وأبنية المكاتب وسط العاصمة جاكرتا، وفي الشركات والمؤسسات الحكومية، بعد انتهاء فترة الحجر الصحي أو التباعد الاجتماعي الموسع.

وحسب الأرقام المعلنة من قبل الهيئة الإندونيسية للتعامل مع آثار الكوارث، فإن هذا يعني أن إندونيسيا عالميا في المرتبة 24 من حيث الإصابات المعلنة والمؤكدة مخبريا، في ظل محدودية إجراءات الفحص، حيث تم فحص 807 آلاف و946 شخصا فقط، وأن نسبة الذين تأكدت إصابتهم حتى أمس هي 13.87%، في بلد يزيد سكانه على 267 مليونا، أي أن من تم فحصهم من حيث النسبة هم ألفين و992 شخصا من كل مليون شخص.

إصابات الأطفال الأعلى آسيويا

ولا تزال بيانات المصابين والمشتبه في إصاباتهم بفيروس كورونا مثيرة للجدل، ومن ذلك أرقام المصابين من الأطفال، ففي 19 يوليو/تموز الجاري كان مجموع الإصابات المعلنة 86 ألف إصابة، وكانت نسبة الأطفال منهم 8.1%، أي 7008 حالات لأطفال أو من هم دون سنة 18، في بلد يبلغ عدد هذه الفئة العمرية 79.5 مليون نسمة، أي 30.1% من سكان البلاد.

ويقول رئيس جمعية أطباء الأطفال في منطقة آسيا والمحيط الهادي أمان باكتي بولونغان إن حالات وفيات الأطفال بسبب فيروس كورونا في إندونيسيا هي الأعلى على المستوى الآسيوي، بل إن النسبة من مجموع الإصابات تتجاوز دولا كثيرة حول العالم.

ويضيف أن "أسباب الوفيات تختلف بين أقاليم إندونيسيا، مع تباين الحالات المرضية للأطفال، لا سيما ممن يعانون من الأمراض مسبقا".

وحذرت جمعية أطباء الأطفال الإندونيسيين، التي يرأسها بولونغان، الحكومة من خطورة إعادة طلبة المدارس إلى مقاعد الدراسة ما لم تتجاوز البلاد جائحة كورونا. مؤكدة أن ذلك قد يعرض حياة أعداد كبيرة من الأطفال لخطر الوباء، في بلد يبلغ عدد تلاميذ المدارس الحكومية والأهلية والمعاهد الدينية نحو 60 مليون تلميذ.

المختصون يخشون من وجود إصابات أعلى بكثير من المعلنة بسبب ضعف الفحص الكامل لكورونا (الأناضول)

المناطق الخضراء

الحكومة من جانبها وبسبب هذا الوضع وهذه التحذيرات، قررت ألا يعود للدراسة خلال هذه الأيام إلا طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية في المناطق الخضراء أو الآمنة وبائيا، والتي تبين أنها لا تشكل سوى 6% من محافظات ومدن إندونيسيا، وتخطط لعودة طلبة الابتدائي أواخر سبتمبر/أيلول المقبل، وفي المناطق التي يؤمل أن تكون قد باتت خضراء وبائيا في حينه، أما روضات الأطفال والتمهيدي بتصنيفاتها فترى الحكومة إمكانية عودتهم للمدارس في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل في المناطق الآمنة وبائيا، مع إشارة وزير التعليم نديم مكارم إلى أنه إذا ظهرت إصابة في منطقة "خضراء"، فإن هذا يعني عودتها لتصبح "صفراء" أو "حمراء" وبائيا، فتتوقف الدراسة في تلك المحافظة أو المدينة مباشرة.

وتعبر إدارات عدد من المدارس عن قلقها من أي توجه رسمي لإعادة الأطفال إلى مقاعد الدراسة، رغم إشكالات كثيرة أظهرتها تجربة الدراسة عن بعد من المنازل.

وتقول صوفي بنت أحمد روديانتو مديرة مؤسسة عاطفة تشينديكا إن إرجاع الطلبة للدراسة في مدارسهم "سيثير قلقا لدينا، فوعي المجتمع بالإجراءات الصحية متباين للغاية، وكذلك ما يخص العناية بمناعة الأطفال والمدرسين، بل إن استعدادات المؤسسات التعليمية صحيا وقدرتها على توفير الإجراءات الوقائية متفاوتة أيضا، ولذلك فإن المخاطر عالية لو فتحت المدارس، خاصة لمن هم دون سن العاشرة".

إشكالات صحية معقدة
وفي تفسيره لارتفاع نسبة الوفيات بين المصابين من الأطفال في إندونيسيا مقارنة بدول آسيا الأخرى، يقول بولونغان إن الأمر يعود لتعقيدات الواقع الصحي للأطفال في إندونيسيا، فبعض المناطق تعاني -قبل ظهور الوباء- من انتشار الالتهابات الرئوية والإسهال والسل وسوء التغذية وحمى الضنك.

ويأسف من أن بيانات الأطفال المصابين تصل متأخرة أحيانا، مع تأخر فحص فيروس كورونا للطفل في المستوصفات المحلية، وتظهر المعلومات المتوفرة أن أعلى نسبة للوفيات من الأطفال تكون من الفئة العمرية بين سنة و5 سنوات، يليهم من هم في عامهم الأول، ثم فئة ما بين 11 و18 عاما، أي من هم في المتوسطة والثانوية، على حد قوله.

ولهذا يحذر رئيس جمعية أطباء الأطفال الإندونيسيين من خطورة التفكير في إعادة الأطفال إلى المدارس، مؤكدا أن ذلك التحذير تم إبلاغه للمسؤولين والبرلمانيين مرارا، داعيا إلى تأخير ذلك حتى ديسمبر/كانون الأول المقبل، وبشرط القيام بحملة فحوص واسعة لفيروس كورونا، أكثر من العدد الذي يتم فحصه حاليا، كما تساءل عن دقة تصنيف المناطق بأنها خضراء أو آمنة وبائيا، وبالتالي السماح للمدارس فيها بعودة الدراسة الفعلية، بسبب إمكانية تغير حالة الوباء في المنطقة بشكل سريع والحركة السكانية والتجارية النشطة بين المحافظات.

إهمال صحة الأطفال
ويرى بولونغان أن فيروس كورونا قلل الاهتمام بإشكالات صحية أخرى -سبقت كورونا- يعاني منها أطفال إندونيسيا، التي تشهد ولادة 5 ملايين طفل سنويا، أي أن ما بين 1.5 و2 مليون طفل ولدوا خلال الوباء، ونسب الوفيات بين حديثي الولادة من بين الأعلى عالميا، مع انتشار الإصابة بأمراض الرئة والسل وسوء التغذية أو نقصها والإسهال وحمى الضنك والملاريا.

ومع ذلك، يعتقد بولونغان أن برامج التطعيم لم تصل إلى 60% قبل الوباء، مما ينذر بإمكانية تراجع النسبة هذه السنة والسنة القادمة، في ظل الانشغال بالوباء -ماليا وبشريا- عن غيره من الملفات الصحية في المستوصفات والمستشفيات.

ويحذر من ظهور أمراض عديدة كانت تراجعت أو اختفت في بعض المناطق بسبب عدم تطعيم الأطفال، وأن هذا سيؤدي إلى "ضياع جيل" إذا لم يتم تدارك الأمر، فحسب الأرقام التي لديه، وقبل الوباء بلغت نسبة الأمهات اللاتي يتابعن الحالات الصحية لأطفالهن حديثي الولادة بسجل صحي كامل نحو 40% فقط على المستوى الوطني، متوقعا أن تنهار منظومة رعاية الطفل في بعض المحافظات بسبب الانشغال بوباء كورونا.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي