كومان ثونغ طارد الأرواح الشريرة وفايروس كورونا من تايلاند

2020-07-20

في طقوس سرية تايلاندية لممارسة السحر الأسود، يتم تجميع أرواح الموتى لصناعة قطع فنية وتماثيل يعتقد أنها تمتلك قوى روحية، يمكنها أن تغير حظوظ الناس في الحياة. وأكثر هذه التماثيل قوة تلك التي صنعت من الرفات البشرية.

وتصطف التماثيل الحاوية بداخلها على أشباح لأطفال تسمى “كومان ثونغ” داخل متجر في بانكوك، ويعتقد أنها تأوي بداخلها أرواح الموتى، وكومان ثونغ تمثال يجسد روحا إلهية وفقا للموروث الشعبي بتايلاند، ويوضع التمثال بالمنازل حيث من المعتقد أنه يجلب الحظ والثروة، وتعني كلمة كومان الطفل المقدس بينما تعني ثونغ الذهبي.

وأوضح صاحب المتجر نونتاوات تونجتاماشاد، أن هناك نوعين من تماثيل كومان ثونغ، الأول يحتوي على رفات بشرية والثاني دونها.

والطريقة التقليدية لصناعة كومان ثونغ تستخدم فيها سوائل مستخرجة من جثامين بشرية، وهذا الأسلوب أصبح غير قانوني الآن بعد أن صدر تشريع عام 1973 يحظر نقل أو شيّ الجثامين.

وقال نونتاوات، إنه للحصول على الرفات البشرية بعد صدور هذا القانون “لجأ البعض للاستعانة بالحانوتية، وهو أمر مستمر حتى اليوم”.

ومن المعتقدات الشائعة في تايلاند أن عبادة كومان ثونغ تجلب لمالكي التماثيل حظا سعيدا وتلبي أمنياتهم، على شرط تقديم أعمال صالحة للأرواح عن طريق التبرعات للمعابد على سبيل المثال. وتريد الأرواح أيضا أطعمة مما يعني عادة تقديم الحلوى والمشروبات لها.

وأشار نونتاوات إلى أنه يحصل على التماثيل التي يبيعها من معابد تنتشر في تايلاند ودولة كمبوديا المجاورة. وفي متجره تعرض تماثيل كومان ثونغ بسعر يتراوح بين 300 باهت (عشرة دولارات) إلى 30 ألف باهت (ألف دولار) للتمثال الواحد، ويتردد أن أغلى تمثال منها تحتوي قاعدته على شظايا عظام بشرية.

وعلى الرغم من أن هذه التماثيل تصنع تقليديا من مستخلصات الأجنة أو الأطفال الرضع المتوفين، فإنها تصنع اليوم غالبا من رفات البالغين كما أوضح نونتاوات. وقال إن “معظم العاملين بهذه المهنة لم يعودوا يستخدمون الأطفال، لأنه وفقا للمعتقد يؤدي استخدام رفات طفل عنيد إلى إفقاد التمثال تأثيره”.

وأوضح أيضا، أنه بدلا من ذلك يمكن صناعة تماثيل كومان ثونغ من المواد الطبيعية، مثل التراب والصمغ المستخرج من لحاء الأشجار، حيث يعتقد أن الأرواح تسكن في جميع العناصر الطبيعية.

كما يتطلب كلا النوعين لمنح القوة لكومان ثونغ –سواء باستخدام أجزاء بشرية أو من غيرها- إقامة طقوس تشمل ترانيم وخيوطا مقدسة بهدف دعوة الأرواح لتسكن التماثيل. ويعد معبد وات سامنغام الكائن على مشارف بانكوك إحدى أشهر الجهات المصنعة لتماثيل كومان ثونغ.

وقال فرا أنوشيت أبانان وهو كاهن بالمعبد، إن المعبد يستخدم الطريقة التقليدية، وهي خلط تراب مأخوذ من سبعة مدافن مع الرماد المتخلف من حرق الجثث في صناعة هذه التماثيل. ويتم استخدام رفات رؤساء القرى أو كبار ضباط الشرطة، باعتبار أن الشخصيات الشهيرة أو ذات النفوذ تجعل تماثيل كومان ثونغ أكثر قداسة.

وأضاف أنوشيت، إن المعبد يطلب دائما الإذن من الشرطة وأقارب المتوفين، قبل أن يستخدم الرماد المتبقي من حرق جثثهم في صناعة كومان ثونغ، وذلك حتى لا يتهم بخرق القانون.  وقالت مصادر الشرطة التايلاندية، إنه لم يتقدم أحد بشكوى مؤخرا تتعلق باستخدام الرفات البشرية لصناعة هذه التماثيل.

ويصنع معبد وات سامنغام ما يصل إلى ألف تمثال كومان ثونغ سنويا، وتساعد أرباح مبيعات التماثيل في صيانة البنية التحتية للمعبد. وبدأ المعبد في صنع كومان ثونغ عام 1942، وكلما كان تاريخ الصنع قديما كلما ازداد السعر.

واشتهر كومان ثونغ بعد الملحمة التي أبدعها في القرن الثامن عشر الشاعر سونتورن بو الذي يوصف بأنه شكسبير تايلاند. وبطل الملحمة محارب قديم استدعى روحا قوية، عن طريق انتزاع جنين ابنه من زوجته التي حاولت قتله بالسم.

ووضع المحارب اسم كومان ثونغ لهذه الروح التي وفرت له الحماية في المعارك، وأيضا من جميع أنواع الأذى باعتبارها روحا حارسة.

ولم تندثر هذه الأسطورة حيث صار الناس يقلدون طقوس استدعاء الروح، وحيث أن هذه الطقوس تتضمن شي الجنين الميت وفقا لكلمات القصيدة فقد تم إلقاء القبض على الكثيرين. وعلى سبيل المثال تم في بانكوك عام 2012 احتجاز مواطن بريطاني من أصل تايواني، بعد أن عثرت الشرطة معه على ستة أجنة تم شيّها ثم تغطيتها بالذهب.

 

الطريقة التقليدية لصناعة كومان ثونغ تستخدم فيها سوائل مستخرجة من جثامين بشرية لكن ذلك أصبح غير قانوني

وفي عام 2018 تم استخراج رفات 11 طفلا رضيعا من مدفن في شرقي تايلاند، وأشارت الأدلة إلى أن اللصوص أقاموا طقوسا خاصة بالأرواح. وفي أحدث واقعة شهدها يونيو الماضي ألقت الشرطة التايلاندية القبض على رجل، بتهمة سرقة رماد من معبد لصنع تماثيل كومان ثونغ وبيعها على الإنترنت.

واعترف المتهم للشرطة بأنه درس وصفات قديمة منشورة على الإنترنت، تقول إن هذه التماثيل المسحورة تكون أكثر قوة في حالة احتوائها على رفات بشرية، وذلك وفقا لما نشره منفذ “تايرات” الإعلامي. وتردد أن المتهم اعترف بسرقة رماد من نفس المعبد أربع مرات، واستخدمه في صناعة ثلاثة تماثيل كومان ثونغ.

يعتقد التايلانديون أن من أسباب تراجع الإصابات والوفيات الناجمة عن فايروس كورونا في بلادهم، هي “الأشباح والأرواح”، وإصرار المواطنين على “تدليلهم” لها.

وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية في تقرير لها، يعتقد التايلانديون أن الأرواح يجب أن تهدأ في مكان مريح للعيش، وانتشار وباء كورونا ليس عذرا لتقليل هذا التدليل، المتمثل في توفير الطعام والشراب والعصائر، حتى وإن كان ذلك معناه أن يشبع الأشباح في الوقت الذي يجد فيه بعض التايلانديين صعوبة في توفير الطعام خلال الأوقات الصعبة التي تسبب بها الوباء.

وأضافت الصحيفة، أنه في كل ركن من أركان بانكوك المزدحمة، سواء في كوخ مسقوف من الصفيح أو ناطحة سحاب مطلية بالزجاج أو قاعة حكومية ذات أعمدة رخامية، يقال إن هناك أرواحا بحاجة إلى الهدوء.

وأشارت إلى أن الأرواح أيضا تتطلب منازل روحية، والتي تشبه الدمى المثبتة على الركائز، وتتراوح هذه القطع من قطع خشبية صغيرة إلى أبراج مزخرفة تكلف عشرات الآلاف من الدولارات، ومنها ما يناسب حجمه راحة اليد.

وعلى الرغم من أن البعض لا يؤمن بهذه الأرواح، إلا أن هذه الممارسة تحظى باحترام واسع النطاق، وتعتبر المنازل جزءا عاديا ومتكاملا من مشهد المدينة في بانكوك.

ويعد كومان ثونغ، صبي أحد الأرواح الأكثر شعبية، ويتم تمثيله في البيوت الروحية والمذابح العائلية بالدمى البلاستيكية ذات الملامح الملائكية.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي