إندونيسيا تستقبل رمضان بوقف التنقل بين المدن.. وجدل حول أعداد ضحايا كورونا

2020-04-24

     

في ظل جدل سياسي وعلمي مازال قائما فيما يتعلق بالتعامل الرسمي مع وباء كورونا، أقرت وزارة المواصلات الإندونيسية وقفا لحركة الطائرات والقطارات والسفن بين المحافظات والأقاليم ابتداء من منتصف ليلة الجمعة أول أيام شهر رمضان حتى 31 من مايو/أيار المقبل، وكذلك وقف حركة السيارات أو الحافلات منعا لسفر الأفراد بين الأرياف والمدن التي تفرض إجراءات ما يعرف بالتباعد الاجتماعي الموسع، لارتفاع نسب الإصابات بفيروس كورونا فيها، وعلى رأسها العاصمة جاكرتا وثماني محافظات ومدن حولها.

يأتي هذا بعد مطالبات من قبل بعض الساسة ورفض من قبل آخرين لفكرة وقف تدفق نحو القرى لسكان المدن ذات النسب العالية من الإصابات بفيروس كورونا، حتى لا ينتشر الفيروس أفقيا في مئات المحافظات الريفية، كما سيمنع السفر على متن القطارات حتى 15 يونيو/حزيران القادم.

القرار الذي جاء متأخرا في تطبيقه عن دول كثيرة، يستثني نقل البضائع وأفراد الجيش والشرطة والفرق الطبية والمسؤولين، وستفرض غرامات على المخالفين بعد فترة من التوعية لعدة أيام، ويشمل المنع وقف حركة الطيران لفترة تمتد إلى ما بعد عيد الفطر وتحديدا الأول من يونيو/حزيران المقبل، والسماح لطائرات سفر الركاب أن تتحول إلى نقل البضائع بين الجزر والمحافظات بهذه الظروف، ولهذا ستظل المطارات مفتوحة لنقل البضائع ومن يسمح لهم بالطيران كالفرق الطبية والمسؤولين وحالات الإجلاء، وكذلك في التنقل بالسفن بين جزر الأرخبيل وأنهاره، بعد أسابيع من قرارين سابقين منعا دخول الأجانب إلى البلاد باستثناءات قليلة.

وجاء إعلان هذا القرار تزامنا مع إعلان حاكم جاكرتا أنيس باسويدان تمديد إجراءات "التباعد الاجتماعي الموسع" لشهر آخر يمتد حتى عيد الفطر المبارك، ويتوقع أن تحذو حذو العاصمة المحافظاتُ الأخرى المحيطة وعدد من المدن والمحافظات في جزر أخرى.

يلتزم معظم الإندونيسيين في صلاتهم بإجراءات التباعد الاجتماعي للوقاية من عدوى كورونا

جدل حول الإحصائيات

هذه القرارات جاءت مع ارتفاع وتيرة الإصابات بفيروس كورونا، وفي ظل تساؤلات وجدل علمي وسياسي حول الأرقام المعلنة، ففي الأسابيع الأولى كانت الحكومة تعلن فقط عن أرقام الإصابات المؤكدة مخبريا وعدد الوفيات والمتعافين وتوزعهم جغرافيا، حيث أقر الرئيس جوكوي الشهر الماضي بأن بعض المعلومات لا تنشر حتى لا يتسبب ذلك في ذعر بين الناس، وقبل أيام غير الرئيس موقفه وطالب المسؤولين بنشر المعلومات كاملة بشفافية لتكون متاحة للجميع.

فحتى مساء الخميس -وحسب الأرقام الرسمية التي أعلنها المتحدث باسم الحكومة أحمد يوريانتو- بلغ عدد من تأكدت إصابتهم بفيروس كورونا مخبريا 7.775 مصابا نحو نصفهم في جاكرتا، تليها أقاليم جزيرة جاوا الوسطى والغربية والشرقية، وكلما ابتعدنا جغرافيا عن العاصمة قلت الحالات، من مجموع نحو 48 ألف شخص ظهرت نتائج فحوصاتهم، توفي منهم 647 شخصا، وتعافى 960.

ظلت الحكومة تكتفي بإعلان تلك الأرقام لأسابيع، ثم بدأت في 14 أبريل/نيسان الجاري الإعلان عن أرقام أخرى تشمل فئة "المرضى تحت الرقابة" أو الرعاية، وعددهم حتى مساء الخميس 18.283 مريضا، ومن هؤلاء من يتوفون وتطالب نقابة الأطباء بالكشف عن عددهم. لكن الحكومة ما زالت ترفض الإعلان عن مجموع من توفي منهم، رغم أن الأخبار تتوالى عن وفاة عدد منهم، ولكن لا يحسبون ضمن الوفيات المعلنة رسميا والمنشورة عالميا، وهناك فئة "الأشخاص تحت الرقابة" وتقترب من مئتي ألف وتحديدا 195.948 ألفا، وهنا يدور الجدل العلمي بشأن هذه البيانات.

"المرضى تحت الرقابة" أو العناية هم حسب التعريف المعتمد رسميا من ظهرت عليهم أعراض فيروس كورونا مثل الحمى والسعال والصعوبة في التنفس وآلام في الحلق، والتهابات في الجهاز التنفسي مع اتصال مع شخص تأكدت إصابته، وعندها تجرى لهم الفحوص المخبرية تظل نتائج فحصهم وتأكيد إصابتهم بفيروس كورونا من اختصاص وزارة الصحة.

وأما "الأشخاص تحت الرقابة" فهم الذين بدأت أعراض الفيروس تظهر عليهم لكنها خفيفة ومبكرة مثل السعال وآلام الحلق والحمى لكنهم لم يتصلوا بأشخاص تأكدت إصابتهم، وأحيانا يطلب منهم الرجوع لمنازلهم لعزل أنفسهم منزليا لأسبوعين، لكن عدد هؤلاء الكبير يجعل من الصعب ضمان أنهم لم يلتقوا بمصابين بالفيروس.

وهناك فئة أخرى -حسب وزارة الصحة- وهم "الأشخاص بدون عوارض" الذين تواصلوا وكانوا قريبين من مصابين بالفيروس ولكن لم تظهر عليهم عوارض بعد، ولهذا يطلب منهم عزل أنفسهم لأسبوعين.

توزع هيئة التعامل مع آثار الكوارث مساعدات طبية لإحدى الجزر

عدد الوفيات أكبر

نقابة الأطباء تحدثت عن أن عدد الوفيات الفعلي بسبب كورونا يتجاوز ما هو معلن، حيث يشمل من توفي ولم تظهر نتائج فحصه بعد، أي أنه من فئة "المرضى تحت الرقابة" وأن الأرقام لا تعكس الواقع الحقيقي بتفاصيله عن انتشار فيروس كورونا، كما قال المتحدث باسم النقابة حالك مالك، مشيرا إلى أن هناك حالات وفاة في مستشفيات خارج عملية الإحصاء اليومي للمصابين وبعض "المرضى تحت الرقابة" بمنازلهم.

يقول د. محمد أديب حميدي نائب رئيس نقابة الأطباء إن تلك المصطلحات وتقسيم فئات المرضى منطلقة من علم الوبائيات وليست طبية، مشيرا إلى أن ما يعرف بذروة الوباء في البلاد لم تظهر بعد، بسبب محدودية عدد الذين يمكن فحصهم، وهذا ما يجعل تأكيد الحالات المصابة بالفيروس بطيئا، مشيرا إلى أنه مع استيراد أجهزة فحص جديدة من سويسرا مؤخرا فإن هذا قد يؤدي إلى طفرة في أرقام المصابين الذين تأكدت إصابتهم مخبريا. وستكون الحالة حينها كارثية في ظل قلة عدد أجهزة التنفس الصناعي التي يقدرها حميدي بنحو ثمانية آلاف جهاز فقط في كل البلاد.

ويشير د. حميدي إلى ضرورة الكشف عن تفاصيل حالات الوفيات لكل من يعنى بصنع القرار، لمعرفة الحالات الصحية لمن توفي ونسب المصابين منهم بأمراض أخرى كالسكر وضغط الدم والكلى والقلب وغيرها، وأعمار المتوفين، ونسبة من توفي أو تعافى بعد عناية مركزة، فهذا سيسهل على صناع القرار من الأطباء والمسؤولين وضع قرارات أفضل للتعامل مع الوباء.

ويؤكد د. حميدي على أهمية الكشف رسميا عن كل البيانات المتعلقة بكورونا وتوفيرها لخبراء الصحة العامة وعلماء الأوبئة ليتخذوا القرارات المناسبة في التعامل مع مختلف الحالات المصابة.

ويتفق رئيس اتحاد التمريض خريف فضيلة مع نقابة الأطباء على ضرورة توفير المعلومات المتعلقة بالوفيات ممن لم تتأكد نتائج فحوصهم بعد، مشيرا إلى أن ما لديهم من بيانات تشير إلى وفاة 16 ممرضا وممرضة بسبب فيروس كورونا، إلى جانب عشرات الأطباء، لكن كثيرا من البيانات المتعلقة بحالة المتوفين الصحية قبل وفاتهم ظلت من حق أسرة المتوفى والإدارة الصحية في تلك المنطقة فقط، وفي رأيه فإن المصلحة العامة في معرفة تلك التفاصيل مقدمة على سرية المعلومات الصحية للمتوفى لوضع سياسات أفضل في مواجهة الفيروس.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي