أحمد شريف - الزواج ورغم أهميته فإن هناك اختلافاً كبيراً في الرأي وتجاذباً للحديث حول الزواج المبكر، وما بين إيجابياته وسلبياته؛ فالزواج رباط مقدس في الإسلام وفي جميع الأديان السماوية، ولكن لذلك الرباط المقدس حدوده وضوابطه وتشريعاته الخاصة، التي يجب أن يلتزم به طرفا الزواج الناجح، وفي التقرير التالي نرصد لك الزواج المبكر.. هل له إيجابيات أم سلبيات؟
سلبيات الزواج المبكر
ورغم أن البعض يرى أن فكرة الزواج المبكر أمر جيد ويحفظ عفة الزوجين ويبعدهما عن طريق المعاصي؛ فإن هناك مجموعة من السلبيات التي تنتج عنه مثل عدم نضوج الزوجين، فالزواج المبكر من الممكن أن ينتج عنه أن الزوجين يكونان غير قادرين على تحمل جميع المسئوليات سواء كانت في الأعباء الاقتصادية أو النفسية المترتبة على الزواج أو تربية الأطفال أو بناء الأسرة.
كما أن صغر سن أحد الزوجين أو الاثنين معاً قد يكون عائقاً أمام قدرة الطرف الآخر على التعامل معه ومع المجتمع والعائلة، وفهم العادات والتقاليد المناسبة، بجانب أن الزواج المبكر ينتج عنه حرمان الفتيات في أغلب الأحيان من استكمال فرصة في الدراسة والتعليم؛ ما يجعل الفتيات غير قادرات على تكوين شخصياتهن المستقلة سواء على المستوى الاقتصادي أو النفسي.
كما أن الزواج المبكر ينتج عنه تعريض الفتيات للعديد من المشكلات الصحية؛ حيث إن جسدها يكون ضعيفاً في أثناء الحمل والولادة، وتكون تجربة الحمل والولادة في قمة الصعوبة عليها في ظل سنها الصغيرة؛ لذلك فإن الزواج المبكر ينتج عنه: حرمان من حق التعليم، وحرمان من حق العمل، وحرمان من حق السلامة الجسدية، وحرمان من حق النماء، وحرمان من حق الحماية، وحرمان من حق اتخاذ القرار، وانتهاك حق الكرامة الإنسانية، وجعل الفتاة في مرتبة متدنية، ويدمر العلاقات الأسرية في المستقبل، وقد ينتج عنه الطلاق في النهاية.
الزواج المبكر في الإسلام
الإسلام يحث المقتدرين من الرجال على المسارعة للزواج وتكوين الأسرة، وفق قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «يا معشرَ الشبابِ! من استطاع منكم الباءة فليتزوّجْ؛ فإنّه أغضُ للبصرِ، وأحصنُ للفرجِ، ومن لم يستطعْ فعليه بالصّومِ، فإنّه له وجاءٌ»، والهدف من ذلك في الشريعة الإسلامية: ارتياح النفس وسعادتها، وحفظ النسل والنسب ورعايته، وحفظ النوع الإنساني، وحفظ المسلم من الوقوع في الحرام، وعفة النفس.
ودائماً ما تفرق الشريعة الإسلامية ما بين جواز الوطء وجواز العقد؛ حيث يجوز نكاح العقد على من لم يبلغ السن القانونية، ولكن لا يجوز الوطء أو النكاح إذا لم تكن المرأة تتحمل ذلك، وربط الله سبحانه وتعالى الزواج بالاستناد للبلوغ، وفق ما ورد في قوله تعالي: «وَإِذَا بلغ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَذِينَ مِن قَبْلِهِمْۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِنُ اللَهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ۗ وَاللَهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»؛ ولذلك يمكن القول إن الإسلام لم يشجع على الزواج المبكر، ولكن سمح بالزواج في حال بلغ الطفل أشده، ولا يجوز زواج الأطفال.
حلول الزواج المبكر
ولكن رغم أن الزواج المبكر له سلبيات كثيرة؛ فإن هناك بعض الفوائد التي يتحدث عنها البعض مثل أن الزواج المبكر يعمل على تحصين الشباب المسلم من أن يقع في الرذائل والفاحشة، ويكون فريسة لشهواته عند ضعف الإيمان وكثرة الشهوات والفتن المحيطة به؛ ولذلك فإن الزواج المبكر في تلك الحالة يكون وسيلة لحفظ المسلم وتحصينه وعفته ودفع الفتنة عنه من خلال إشباع غرائزه الجنسية وشهواته بالطريقة الصحيحة ووفق أحكام الدين.
ويرى البعض أن الزواج المبكر يعمل على تأهيل الشباب على تحمل المسؤولية بشكل مبكر، ومهما بلغ الشاب من العمل لا يبدأ في تحمل المسؤولية الفعلية إلا بعد أن يكون داخل قفص الحياة الزوجية، ويستطيع التعامل مع أعبائها وواجباتها، ويستطيع صقل شخصية المرأة والرجل على حد سواء؛ ليستطيعا أن يدركا أن الزواج والحياة الزوجية هي منعطف لا بد منه في حياة الإنسان لاختبار أمور جديدة.
كما أن البعض يتحدث عن أن الزواج المبكر له دور في القضاء على العنوسة داخل المجتمع وعندما يتزوج الرجل مبكراً يبعد عن شبح التأخر في الزواج، أو التفكير في العزوف عنه بشكل نهائي، وكذلك الأمر نفسه بالنسبة للمرأة؛ حيث إنها تبعد الفتيات عن ضياع فرصة الزواج، ويجنبها العنوسة؛ ما يحمي المجتمع الإسلامي.
كما أن الزواج المبكر يستطيع أن يحقق السعادة للأفراد في المجتمع فإن الزواج يشبع حاجات ورغبات الشباب؛ حيث إن الزواج يؤدي إلى السعادة والرضا النفسي، ووجود السعادة في المجتمعات معناه أن المجتمع سيكون صحياً للأفراد أكثر وأيضاً أكثر تطوراً، ويحد من الجرائم الأخلاقية في المجتمع، ويزيد من إنتاج الأفراد؛ فكلما زادت سعادة الشخص تزيد إنتاجيته في العمل.