حتى مع الأطفال.. هكذا تصل إسرائيل في عنصريتها إلى أرقام قياسية!

2019-11-11

لا يوجد شيء يسمى إسرائيليين غير يهود؛ ستفعل إسرائيل كل ما في استطاعتها لئلا يكون هناك شيء كهذا ذات يوم. هناك أمريكيون غير افنغلستيين، وهناك فرنسيون غير كاثوليكيين، وألمان غير بروتستانت وحتى عرب غير مسلمين. هناك عشرات آلاف الكنديين من أصل صيني وسويديين من أصل صربي.. جميعهم يعتبرون من أبناء القومية في دولتهم. اليهودية لم تقرر بعد إذا كانت ديانة أم قومية، لكن إسرائيل قررت أن غير اليهودي لن يكون إسرائيلياً. وستعمل على طرده أو على الأقل إبعاده عن الإسرائيلية. فهي غير عائدة له. كم مرة قلتم فيها إسرائيليون وكان قصدكم اليهود؟ كم مرة قلتم عرب وكان قصدكم غير الإسرائيليين؟ هذه هي علاقة الدولة بمواطنيها العرب، وهذا أيضاً هو تفسير التنكيل بأطفال العمال الأجانب. الأطفال الذين ولدوا وترعرعوا ودرسوا هنا، ولا توجد لهم لغة غير العبرية، ولا يوجد لهم مجتمع غير المجتمع الإسرائيلي هم غير إسرائيليين، ويحلمون بالخدمة في الجيش ليكونوا جنوداً مطيعين ومخلصين. ولكن عتبة الدخول المقدسة هذه غير كافية، فإسرائيل تريد طردهم، وهي لا تريد أن تكون دولة الإسرائيليين ولا حتى دولة اليهود، بل تريد أن تكون دولة اليهود فقط. من هو الإسرائيلي؟ اليهودي وليس غيره.

بهذا الشكل تصل الدولة في عنصريتها إلى أرقام قياسية عالية جدا، حيث مفهوم اليهودي النقي يحصل على معنى جديد ويثير القشعريرة بشكل لا يقل عن المفهوم السابق، من مكان نقي من اليهود إلى مكان نقي مليء باليهود، نقاء عرقي، حيث إن هذه القومية المتطرفة موجهة نحو المواطنين العرب، توجد لها ذرائع كثيرة جداً: الإخلاص المشكوك فيه لدولتهم، في الوقت الذي فيه شعبهم هو عدو دولتهم، الصراع القائم على البلاد، واتهامهم الخالد بأنهم طابور خامس، “الخطر الديمغرافي”، الحقيقي أو الوهمي، والأصولية ونمط حياتهم الذي يهدد إسرائيل العلمانية والليبرالية.

هذه الذرائع تتلاشى عندما يصل الأمر إلى أطفال العمال الأجانب. هنا لا توجد عبادة أمن، ولا يوجد أي خطر حتى ولو وهمياً، باستثناء خطر نقاء العرق. عنصرية سافية. مايرون في الصف السادس في مدرسة غبرئيلي طفل إسرائيلي، إسرائيلي تماماً، فقط إسرائيلي، لكنه لا يستطيع أن يعتبر كذلك لأنه غير يهودي.

كان يجب على إسرائيل أن تركع على ركبتيها شكراً لآباء هؤلاء الأطفال الذين يعتنون بعجوز بإخلاص لا حدود له، الذي يزيد أحياناً عن الاعتناء بأولادهم. هذه الظاهرة الاستثنائية في أبعادها، والتي يوجد فيها للمسنين الإسرائيليين خادم مرافق بسعر منخفض جداً، توجد لها جوانب سلبية. ومع ذلك إسرائيل مدينة بدين أخلاقي كبير لهؤلاء العمال.

وعليها الآن أن تشكر أولادهم، لأن صيدهم في المدارس هو درس المدنيات المهم جداً الذي يمكن أعطاؤه لأولاد إسرائيل: هنا انظروا، من نافذة الصف، في أي مجتمع أنتم تترعرعون. أكثر من ألف درس في التاريخ وعلم الاجتماع ماثلة أمام ناظريكم. عملاء شرطة الهجرة الذين يخطفون الأولاد من غرف الأطفال والمدارس بسبب أصلهم، الأخبار المذهولة للأطفال التي ينقلونها لزملائهم: لقد اعتقلت، وأمي اعتقلت، والتحدث عن إخفاء الأطفال في الغرف على السطح. مصير آلاف الأطفال الذين تطلق عليهم النار ويتم اختطافهم وضربهم وإهانتهم في المناطق المحتلة، لم يلامس في أي يوم قلوب أطفال إسرائيل أو والديهم، مغسولي الأدمغة وعديمي المعرفة الذين تم تدجينهم كي يعتقدوا بأن هذا يحدث لأنهم مخربون. ولكن عندما تصل عملية الخطف والطرد إلى المدارس في تل أبيب فإن الأطفال والآباء لا يمكنهم الهرب وغض النظر والبقاء غير مبالين.

الشر والعنصرية صعدا درجة أخرى: هما يقفان عاريين ومجردين ودون مبررات أمام الأولاد في إسرائيل. وزير الداخلية آريه درعي، ومدير عام سلطة الهجرة والسكان شلومو مور يوسف، تحولا إلى معلمي الجيل. “قصيدتهما التربوية” ستنقش عميقاً في قلوب الطلاب، والصديق الذي اختطف من باب المدرسة وطرد من الدولة، هو تجربة حزينة لا يمكن نسيانها. والآن إلى تحضير الدروس لليوم التالي، أن تكتب مئة مرة جملة “فقط اليهودي يمكنه أن يكون إسرائيلياً”، إلى أن تستوعب ذلك.

بقلم: جدعون ليفي

هآرتس 10/11/2019







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي