تونس بعد الانتخابات.. أي سيناريوهات لتشكيل الحكومة؟

تونس- محمد علي لطيفي
2019-11-05


ما زال الغموض يسيطر على تشكيلة الحكومة المقبلة في ظل الشروط المشدّدة، التي تضعها الأحزاب الفائزة التي تفضّل التموضع في المعارضة، بدل التحالف مع حركة النهضة صاحبة أكبر كتلة برلمانية (52 مقعدا)، حيث تختلف الرؤى حول نوع الحكومة الأنسب لقيادة المرحلة المقبلة.

ورغم رغبة النهضة في ترؤس الحكومة والتحالف مع القوى المساندة للثورة، فإن جل الأحزاب الفائزة -باستثناء ائتلاف الكرامة (21 مقعدا)- لم يعبّر عن رغبته في التحالف مع الحركة، وهو ما يعني أن الطريق المسدود قد يؤدي إلى تدخل رئيس الجمهورية قيس سعيد وتكليف شخصية وطنية لتشكيل الحكومة.

وشهدت تونس تعاقب حكومات مختلفة منذ ثورة 2011، حيث مرت البلاد من حكومة الترويكا إلى حكومة التكنوقراط فحكومة وحدة وطنية، وكان عنوانها الأبرز مشاركة حركة النهضة في مختلف هذه الحكومات.

علي العريض نائب رئيس حركة النهضة التونسية

مشاورات متعثرة

وتجدد الأحزاب التي تعرف بخط الثورة -وهما حزب التيار الديمقراطي (22 مقعدا) وحركة الشعب (16 مقعدا)- موقفها الذي يدعو إلى تكوين حكومة كفاءات بعيدة عن المحاصصة الحزبية مع حركة النهضة التي تتشبث بموقفها على أن تكون الطرف الأساسي المكون للحكومة المقبلة باعتبارها الحزب الفائز في الانتخابات.

ويقول نائب رئيس حركة النهضة التونسية علي العريض للجزيرة نت، إن الحركة تسعى إلى تشكيل حكومة كفاءات تترأسها شخصية من النهضة، موضحا أن النهضة ما زالت تنتظر موقفا رسميا من شركائها في الحكومة المقبلة لتحديد قرارها حول البرنامج الذي قدمته الحركة لمشروع عمل الحكومة المقبلة.

في سياق متصل، أكد أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي أن حزبه لا يرى مانعا من التموضع داخل صفوف المعارضة، مشيرا إلى أن حركة الشعب لن تشارك في أي حكومة تترأسها شخصية من حركة النهضة.

حكومة الرئيس

وتقترح حركة الشعب تشكيل ما سمّته "حكومة الرئيس"، أي أن يتولى رئيس الجمهورية قيس سعيّد تعيين شخصية مستقلة يثق بها على رأس الحكومة وتدعمها الأحزاب في البرلمان، كما تقترح الحركة أيضا تشكيل حكومة تكنوقراط مصغّرة تلتزم ببرنامج يضعه داعموها السياسيون.

وكان حزب النهضة قد أعلن في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أنه سيختار شخصية من داخل الحزب لرئاسة الحكومة الجديدة.

من جهته، يطالب حزب التيار الديمقراطي بالحصول على وزارات العدل والداخلية والإصلاح الإداري، مع تفضيل اختيار رئيس حكومة مستقل ووجود برنامج واضح للحكم، حتى يشارك في الحكومة.

غازي الشواشي القيادي بحزب التيار الديمقراطي

لا مشاركة


وقد تطور موقف التيار إلى موقف ثان يؤكد فيه استعداد الحزب للتصويت لصالح الحكومة من دون المشاركة فيها، فقط من أجل عدم تعطيل مصلحة البلاد، مع الالتزام بالمعارضة.

ويقول القيادي بحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي إن حزبه ينتظر من مجلس شورى حركة النهضة أن يتراجع عن موقفه الذي يصر على ترؤس شخصية من حركة النهضة الحكومة المقبلة، مبينا أن التيار سيغادر المشاورات إذا رفضت النهضة الاستجابة لشروط التيار الديمقراطي في هذه النقطة.

وأوضح الشواشي أن ما قدمه التيار الديمقراطي هي ضمانات أكثر منها شروط، من أجل تشكيل حكومة تلبي مطالب التونسيين بخصوص مكافحة الفساد ومراجعة الأزمة الاقتصادية.

وبحسب تصريحات قيادات حركة "تحيا تونس" (14 مقعدا)، التي يتزعمها رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد فإن الحزب غير معني بتشكيل الحكومة.

مقابل هذه الضبابية والشروط المشددة، ترى النهضة أن بإمكانها الوصول إلى تفاهم يضمن تحصيل أغلبية داخل البرلمان، حيث لم تستبعد قيادات النهضة أن تكون تصريحات الأحزاب الفائزة مجرد مناورة للتأثير على التفاوض.

تحالفات مستبعدة

التسريبات حول وجود مشاورات بين حزب قلب تونس (ليبرالي- 38 مقعدا)- الذي يقوده رجل الأعمال نبيل القروي الملاحق في قضايا تهرب ضريبي وتبييض أموال- وحركة النهضة التي تخوض سباقا مع الزمن لتشكيل الحكومة في آجالها الدستورية فندتها قيادات الطرفين.

واستبعد القيادي بقلب تونس حاتم المليكي للجزيرة نت أن يتحالف حزبه مع حركة النهضة في تشكيل حكومة تترأسها شخصية من الحركة، مشيرا إلى أن حزبه يرى أن الحكومة المقبلة لا بد أن تترأسها شخصية مستقلة تتمتع بالكفاءة، ويساندها حزام سياسي قوي حتى تقوم بمجموعة من الإصلاحات.

من جهته، قال علي العريض إنه لا توجد مشاورات بين الحركة وقلب تونس حول تشكيل الحكومة المقبلة.

وكانت حركة النهضة قد أكدت عدم التحالف مع حزبَي قلب تونس بسبب شبهات الفساد التي تلاحق زعيمه نبيل القروي، والحزب الحر الدستوري (17 مقعدا)، الذي قالت إن له ارتباطا بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي وبرامجه، مع الإشارة إلى أن كليهما رفضا مبكرا التواصل مع النهضة، وأعلنا أنهما سيكونان في المعارضة.

وتمكن حزب النهضة في انتخابات السادس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي من جمع 52 مقعدا في البرلمان (من مجموع 217)، وهو مطالب بتكوين ائتلافات مع أحزاب أخرى ليتمكن من جمع 109 مقاعد، حتى يتمكن من تشكيل الحكومة المقبلة.


حكومة محاصصة
وقد تجري رياح التحالفات بما لا تشتهيه سفن إرادة الأحزاب السياسية، لتشكيل الحكومة المقبلة، حيث يتوقع المحلل السياسي محمد بوعود في حديث للجزيرة نت، أن تتراجع حركة الشعب والتيار الديمقراطي عن سقفهما العالي الذي يطرحانه على حركة النهضة، لأن تعنتهما قد يؤدي لإعادة الانتخابات التشريعية، وهو ما لن يقبلا به خاصة بعد أن حققا صعودا على مستوى المقاعد البرلمانية، خوفا من عدم تحقيق النتائج نفسها.

ويرى بوعود أن النهضة قد طوت صفحة الانتخابات الرئاسية والتشريعية على غرار بقية الأحزاب، مبينا أن ما قد يحدث في مشاورات تشكيل الحكومة سيكون بمثابة المحاصصة لتقاسم الكراسي بين جميع الأحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي