هل يتجه غانتس إلى العرب لتشكيل حكومته؟

الامة برس
2019-10-24

الظروف ليست مثالية، ولكن بيني غانتس يمكنه ان يشكل ائتلافا. من جهة، يمكنه ان يستجيب لمخطط الرئيس ويقبل في رزمة واحدة بنتنياهو و”الكتلة الباصمة”. من جهة اخرى يمكنه ان يشكل حكومة ضيقة مع حزب العمل والمعسكر الديمقراطي، مسنودا بالنواب العرب والأمل في أن تتفكك “كتلة الـ55” واجزاء منها ترتبط به آجلا أم عاجلا.

صحيح حتى الآن، سيناريو الحكومة الضيقة بهذا المبنى يثير معارضة وليس فقط في أوساط الجناح اليميني في أزرق أبيض. وهكذا ينضم أعضاء في أزرق أبيض إلى حملة نزع الشرعية ضد القائمة المشتركة. هذا خطأ سياسي، ولكن أكثر من ذلك هو خطأ اجتماعي، أخلاقي وعملي. لأول مرة منذ سنين يمد منتخبو المجتمع العربي اليد للأحزاب الصهيونية ويعربون عن رغبتهم في النزول عن مقاعد المتفرجين والمشاركة في اللعبة السياسية. أو كما يطيب لهم عندنا أن يقولوا: “أن يدخلوا إلى أسفل الحمالة”. لا حاجة للانجراف. فالحديث يدور عن رقصة تانغو بين قنفدين. يجري الرقص بحذر. أيمن عودة واحمد الطيبي لا يتحدثان عن شراكة “كاملة كامنة”، بل عن شراكة محدودة. ولكن هذه فرصة تخترق الطريق محظور تفويتها.

بالمقابل فان نتنياهو ورفاقه من اليمين يواصلون حملة التحريض لمقاطعة العرب. هم لم يخترعوا الطريقة. في الماضي كانوا ضحاياها، حين ثبت بن غوريون عبارة “بدون حيروت وماكي” (حيروت وحزب بيغن وماكي هو الحزب الشيوعي). غير أنهم لم يتعلموا شيئا ولم ينسوا شيئا. فالمبررات لاستبعاد المندوبين العرب تستند إلى لائحة شبهات عامة يتلفظ بها رجال اليمين الذين يدعون بأنهم “يؤيدون الإرهاب”، “طابور خامس”، “حصان طروادة”، ليسوا صهاينة وبالتالي ليسوا موالين للدولة.

حقيقة هي أنه كان على مدى سنوات كنيست إسرائيل مندوبون عرب اشتبه بهم وادينوا بأعمال الارهاب. ولكن هؤلاء كانوا قلائل لا يشهدون على القاعدة. أما محاولة عرض كل نواب القائمة المشتركة كمتآمرين لا يكلون ولا يملون ومخربين محتملين فهي تعبير واضح عن العنصرية. يجب أن نرد ايضا الحجة التسيبية في أنهم لا يمثلون ناخبيهم ويخدمون أساسا الكفاح الفلسطيني. هذه حجة فارغة. بداية يجب أن نسأل باسم من يتحدثون بالضبط. ثانيا، من يعرف عمل النواب من القائمة المشتركة يعرف أنهم يعملون على مواضيع تتعلق بالمجتمع العربي كما يعملون في حقول ليست فئوية. عروبتهم ليست بالضرورة كل شيء بالنسبة لعملهم البرلماني.

لا حاجة لتبني فكر الجبهة الديمقراطية، الحركة الاسلامية، الجبهة العربية أو التجمع الديمقراطي كي نفهم بأن الخطاب الفظ ضدهم ضار أخلاقيا لأنه يؤدي إلى تطبيع الخطاب العنصري والابرتهايد اللفظي والأفكار ضد مواطني إسرائيل العرب المقصيين عن الحكم فقط بسبب كونهم عربا. حقيقة أنهم ليسوا صهاينة لا تجعلهم أعداء الشعب. تماما مثل الاقلية الاصولية بفارق واحد: يهودية الاصوليين تشكل قبة حديدية حامية، وبفضلها يغازلون سياسيا. للعرب لا يوجد حتى سترة واقية. والمعارضة الشديدة بمشاركة أعضاء القائمة المشتركة في حكومة إسرائيل تعبر عن الخوف من مواطني إسرائيل العرب وتجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية. هذا نهج يتعارض مع مبدأ المساواة الذي يقبع في لباب قيم إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. إن واجب التصرف بمساواة ملقي على الأغلبية، وهو أكبر بلا قياس من واجب الأقلية الإعلان عن الولاء للدولة صبح مساء.

يجدر بالحكومة الجديدة التي ستنشأ أن تقبل التحدي الذي وضعه امامها رئيس المحكمة العليا المتقاعد الراحل مئير شمغار فتتخذ دستورا ينص على الحقوق الأساسية لكل مواطنيها. ففي مقاله الأخير كتب شمغار بأن “على الطفل أن ينمو في البلاد مع علمه أن حقوقه المدنية المستقبلية مضمونة في القانون في كل أيام حياته. الدستور يحتاج إلى توافق واسع. ولكن إلى أن يتحقق، يمكن لغانتس أن يضع حجر الأساس وكخطوة أولى ان يحقق مبدأ المساواة. إذا كان عليه أن يختار بين رزمة ائتلافية محافظة تضم “كتلة الـ 55″ و”متماسكة” من لوائح اتهام ضد نتنياهو وبين حكومة ضيقة لا ينبغي له أن يستبعد تماما دعم النواب العرب. يحتمل أن يكون خيار الضيقة بالذات أفضل بكثير.

 

بقلم: اوريت لفي نسيئيل

معاريف 24/10/2019







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي