
برشلونة - أظهرت إحصائيات رسمية صدرت عن دور العبادة في إقليم كاتالونيا الأسباني، أغنى منطقة في البلاد، ارتفاع عدد المساجد به بمعدل 10 مساجد كل سنة، غير أن هذه الزيادة لم ترض أفراد الأقلية المسلمة الذين يوضحون من جهة أن هذه "المساجد" عبارة عن مساحات ضيقة في أقبية البنايات، ويتطلعون من جهة أخرى لإقامة مسجد كبير ببرشلونة عاصمة كاتالونيا يجمع شملهم ويخرج أماكن الصلاة من الأقبية.
وذكرت إحصائية أعدتها المديرية العامة للشئون الدينية في الحكومة المحلية الكاتالانية (لاخينيراليتات) أن عدد المساجد في كاتالونيا ارتفع خلال السنوات الثلاث الماضية إلى 169 "مسجدا" بعد أن كان عددها خلال سنة 2003 هو 139 مسجدا، بمعدل 10 مساجد كل سنة.
وأشارت الإحصائية التي نشرتها وسائل الإعلام الأسبوع الجاري وأشرف على إنجازها جوان أستروش، أستاذ علم الاجتماع في جامعة برشلونة المستقلة، إلى أن هذا الارتفاع يعزى إلى ازدياد أعداد المهاجرين المسلمين في المنطقة، والذي تضاعف عددهم حوالي 10 مرات منذ سنة 1995، كما بينت الإحصائية أن هناك حوالي 3500 كنيسة في كاتالونيا.
وتقدر أوساط شبه رسمية عدد المسلمين في منطقة كاتالونيا بحوالي 800 ألف مسلم، وهي أكبر نسبة للمسلمين في إقليم بأسبانيا التي تضم اليوم حوالي مليون ونصف مليون مسلم.
إحصائية غير واقعية
ويقول مهاجرون في برشلونة استقصت "إسلام أون لاين.نت" آراءهم: إن الحديث عن زيادة عدد المساجد لا يعكس الحقيقة التي يعاني منها مسلمو المدينة وهي غياب مسجد كبير يجمعهم خصوصا خلال الأعياد والمناسبات الدينية، مثل شهر رمضان المبارك.
ويقول علي المختاري، أحد الناشطين المعنيين بأوضاع المهاجرين في المنطقة: "الحديث عن زيادة عدد المساجد هو حديث غير دقيق، وحقيقة الأمر أن هناك فقط 169 مكانا صغيرا عبارة عن جراجات أو مساحات في أسفل العمارات وفي أقبية ضيقة تخصص لصلاة المسلمين ولا يمكن بأي حال تسميتها مساجد".
وأشار المختاري إلى أن "أغلب هذه الأماكن توجد في مناطق يتجمع فيها المهاجرون المسلمون، خصوصا المغاربة والباكستانيين، ولا تزال هناك الكثير من الصعوبات التي تعيق حلمنا في بناء مسجد كبير جامع في مدينة برشلونة يخرج المسلمين من الأقبية التي اعتادوا الصلاة فيها".
من جهته شكك أحمد الزين، وهو مهاجر مغربي في برشلونة، في مصداقية الإحصاء الأخير حول ارتفاع عدد المساجد وقال: إنها "مجرد محاولة من الحكومة المحلية من أجل إعطاء الانطباع بأن المساجد تتزايد ولا حاجة إلى بناء المسجد الكبير الذي يطالب به المهاجرون المسلمون منذ سنوات".
وكانت بلدية برشلونة قد أعلنت عام 2000 أنها ستمنح المسلمين قطعة أرض من أجل بناء مسجد كبير عليها، فشرع المسلمون في استعدادات من أجل جمع التبرعات، إلا أن البلدية تراجعت عن قرارها لاحقا، وأعلنت أنه من المتعذر أن تمنح قطعة أرض لبناء هذا المسجد باعتبار "أنها قضية لا تحظى بالأولوية".
عقبات محلية
وعزا المختاري هذا التراجع إلى الاحتجاجات التي عرفتها بعض مناطق برشلونة مثل منطقة "سانتا كولوما" من طرف السكان الأسبان احتجاجا على عزم البلدية السماح بإنشاء هذا المسجد. وكان عمدة سانتا كولوما بارتوميو مونيوث قد وجّه رسالة تأييد لموقف السكان المحتجين.
كما أن احتجاجات مماثلة عرفتها منطقة بادالونا في برشلونة، والتي دفعت أيضا إلى توقيف مشروع بناء مسجد في المنطقة، على الرغم من أن أفراد الأقلية المسلمة يشكلون نسبة كبيرة من سكانها.
ويقول محمد الشايب، وهو نائب في البرلمان المحلي (البرلمان الكاتالاني) من أصل مغربي: إن "برشلونة تفتقر لمسجد كبير، والأقلية المسلمة تتحرك بوعي وبشكل حضاري للتغلب على هذه الصعوبات من أجل بناء مسجد يكون في حجم وتأثير المسلمين في المنطقة".
ويلخص الشايب هذه الصعوبات في مسألتين أساسيتين: "العثور على منطقة مناسبة لا تلقى معارضة من طرف السكان، والعثور على التمويل الضروري من أجل بناء مسجد يكون في مستوى طموحات المسلمين في المنطقة، وأيضا في مستوى قوة وتقدم المعمار المحلي الذي يتميز بدرجة كبيرة من الإتقان والتميز".
وكان أحمد بن علال، منسق المجلس الإسلامي في كاتالونيا، قد صرح أنه يجب العمل على تقريب الدين الإسلامي أكثر من سكان المنطقة الأسبان والتواصل معهم بإيجابية من أجل تجنب احتجاجاتهم ضد المساجد وطمأنتهم أو إزالة ما لديهم من سوء فهم عن الإسلام".
ويحتل الإسلام اليوم المرتبة الثانية من حيث عدد المعتنقين في إسبانيا بعد الكاثوليكية. غير أنه يأتي ثالثا بعد الكاثوليكية والبروتستانتية.
كنائس البروتستانت في ازدياد
على صعيد آخر، فإن إحصائيات المديرية العامة للشئون الدينية في كاتالونيا أشارت إلى ارتفاع كبير في عدد الكنائس الإنجيلية والبروتستانتية في البلاد، وهي كنائس كان عددها محدودا بالنظر إلى أن الأغلبية الساحقة من الأسبان يدينون تقليديا بالكاثوليكية.
وأشارت الإحصائية إلى أن سبب ارتفاع هذه الكنائس يعود إلى أن الكثير من معتنقيها هم من مهاجري أمريكا اللاتينية، وهم الذين لا يجدون صعوبات تذكر في إنشاء كنائس جديدة، وفي كثيرة من الأحيان ينقلون نشاطهم إلى ساحات وشوارع المدن الإسبانية.
وبلغ عدد الكنائس الإنجيلية في كاتالونيا أزيد من 450، أغلبها أنشئت خلال السنوات القليلة الماضية مع الوصول المكثف لمهاجري أمريكا اللاتينية إلى إسبانيا.