
طالب مزارعو التبغ من مسلمي اليونان الاتحاد الأوروبي بمساعدتهم على زراعة محاصيل بديلة، تعوضهم عن الخسارة المالية الكبيرة التي ستلحق بهم عند سريان قراره بتخفيض الدعم الممنوح لمزارعي التبغ بحلول عام 2013.
وحذروا من أنه إذا أصر الاتحاد على تخفيض الدعم دون تقديم بدائل، فإن معظم سكان قرية سكيادا والقرى المحيطة بها في منطقة تراقيا الغربية (شمال شرق اليونان) سيغادرونها إلى أماكن أخرى؛ بحثا عن فرص عمل تسد الفجوة الكبيرة المرتقبة بين دخولهم قبل وبعد تخفيض الدعم، موضحين أن التبغ هو محصولهم الرئيسي، وفقا لما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية اليوم الإثنين.
ويعيش في "سكيادا" وحدها نحو عُشر عدد مسلمي اليونان البالغ عددهم مليون مسلم من إجمالي تعداد البلد الذي تجاوز 10 ملايين نسمة.
ويعمل معظم سكان القرية من المسلمين بزراعة التبغ.
رأس مال
بصوت تعلوه نبرة الأسى والقلق، قال المزارع حسين أمين (63 عاما): "طيلة حياتي لم أر طفلا يغادر هذه القرية؛ لأنهم كانوا دائما يجدون فرص عمل جيدة في زراعة التبغ".
أما حسين سيزوا (44 عاما) فأوضح أن "القمح والتبغ هما فقط ما يزرعان في منطقتنا، والقمح لا يعود علينا بمال كاف، وإذا قررت تربية الماشية بدلا من زراعة التبغ، ألا يحتاج هذا المشروع لرأس مال؟!".
سيزوا كان يربح نحو 18 ألف يورو (28 ألف دولار) سنويا من زراعة التبغ، لكن أرباحه تراجعت منذ قرار الاتحاد إلى ما بين 8 و 9 آلاف يورو.
ومنذ أن قرر الاتحاد في عام 2006 تخفيض الدعم الممنوح لمزارعي التبغ انخفض إنتاج اليونان منه بنسبة 80%، كما تراجع عدد مزارعيه من نحو 50 ألفا إلى 15 ألفا، بحسب إحصاءات الاتحاد العالمي لمزارعي التبغ.
تحذير من النزوح
من جهته، حذر الاتحاد اليوناني للجمعيات التعاونية الزراعية من أن عدم وجود بديل لزراعة التبغ سوف يدفع بمعظم سكان قرية سكيادا والقرى المحيطة بها إلى النزوح إلى أماكن أخرى؛ بحثا عن فرص عمل تعوضهم عن الانخفاض الكبير المرتقب في الدخل.
وخشية ذلك حث المزارعون حكومتهم على مطالبة الاتحاد الأوروبي بطرح مسألة إعادة النظر في تخفيض الدعم على جدول القمة الأوروبية المقررة في وقت لاحق من الشهر الجاري.
غير أن مسئولا كبيرا في الشئون الزراعية بالاتحاد الأوروبي رأى أن فرص قبول مثل هذا الطرح ضئيلة جدا.
كما أن المزارعين أنفسهم لا يأملون كثيرا أن يستجيب الاتحاد لمطالبهم بالاستمرار في تقديم الدعم كاملا أو المساعدة على إيجاد بدائل لزراعة التبغ، ولا يعولون كثيرا على أن تستجيب الحكومة لندائهم بتقديم تعويضات؛ "لأن الحكومة لا تلقي بالا بما يكفي لليونانيين من أصول تركية"، وفقا لحسين سيزوا.
النصر الوحيد المؤقت الذي أحرزه المزارعون في هذا الاتجاه كان في الشهر الماضي عندما تبنى البرلمان الأوروبي قرارا يدعو إلى استمرار الدعم كاملا حتى عام 2013 بعد أن كان مقررا استمراره حتى عام 2010.
لكن داميانو ماروفيدس، رئيس اتحاد التعاونيات الزراعية بمنطقة "تراقيا"، هون من شأن هذه الخطوة؛ معتبرا إياها "مجرد إطالة أمد، وليست حلا".
ولفت إلى أنه نفسه قرر في وقت سابق الانتقال من زراعة التبغ إلى تربية الماشية بجانب زراعة القمح؛ تحسبا لتداعيات تخفيض الدعم.
الأمور بمقاصدها
أما عن حكم زراعة التبغ، فقال الدكتور محمد البنا، مدير تحرير النطاق الشرعي بشبكة "إسلام أون لاين": "مما لا شك فيه أن التدخين حرام لما يسببه من مضار كثيرة، فضلا عن التبذير والإسراف الذي يصاحبه، ولا يكون الضرر منصبا على فاعله فقط، وإنما يمتد كذلك للآخرين؛ مما يدلل على أن الناتج من ورائه يشكل ضررا عاما وليس خاصا".
وأردف قائلا: إن "أصل التدخين من التبغ، وبالتالي فإن كان التبغ لا يصلح إلا لصناعة التدخين فزراعته حرام، أما إن كانت للتبغ فوائد كأن يكون علاجا أو غير ذلك، فالأمور بمقاصدها".
وعن ذريعة أن العائد الاقتصادي لزراعة التبغ لا تعوضه زراعة القمح، أكد د. البنا أنه "لا يصح القول بأن زراعة التبغ - كمصدر للتدخين - جائزة لأنها تدر دخلا اقتصاديا، فالدخل الاقتصادي له أسبابه الأخرى، ويجب أن يمتنع المسلم عن كل ما يشكل ضررا، وأمامه زراعات أخرى مشروعة، فالمكسب القليل ذو المصدر الحلال أولى؛ وذلك لأن (الله طيب لا يقبل إلا طيبا)".