
الفاتيكان(روما ، ايطاليا) - ووري البابا فرنسيس السبت الثرى في بازيليك سانتا ماري ماجوري في روما بعدما شارك أكثر من 400 ألف شخص في ساحة القديس بطرس وشوارع روما في جنازته المهيبة التي حضرها عدد كبير من قادة الدول الذي اغتنموا الفرصة لإجراء مباحثات دبلوماسية على هامش الجنازة.
وانتهى القداس ظهرا بالتوقيت المحلي (العاشرة ت غ) وتخلّله تصفيق حار مرّات عدة، لا سيما عند وصول النعش إلى ساحة بازيليك القديس بطرس، ونقله منها، وخلال العظة التي عدّدت مآثر البابا الذي توفي الاثنين عن 88 عاما.
وغادر النعش بعد ذلك الفاتيكان بعدما وضع في سيارة البابا البيضاء المكشوفة لينقل على الضفة المقابلة من نهر التيبر في وسط روما إلى بازيليك سانتا ماريا ماجوري حيث اختار البابا فرنسيس أن يُدفن خلال مراسم خاصة.
وقال وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي في تصريح تلفزيوني "نقدّر عدد المشاركين بين الحاضرين في ساحة القديس بطرس وأولئك الذين انتشروا على طول مسار الموكب الجنائزي ب400 ألف شخص".
وقد تجمّع 150 ألف شخص على طول المسار الذي سلكته السيارة البابوية، على ما أفاد الفاتيكان.
في ساحة القديس بطرس، قال دييغو "أنا كاثوليكي لكنني غير ممارس. إنما للمرة الأولى، شعرت أنني ممثل من جانب البابا فرنسيس، ليس فقط لأنه أرجنتيني بل لما قد قام به".
على طول الطريق التي سلكها الموكب الجنائزي، لا سيما الجادة المؤدية إلى الكوليسيوم، صوّر زوّار من العالم أجمع بهواتفهم مرور نعش الحبر الأعظم.
وقال جان روجيه موغينغي، وهو غابوني يبلغ 64 عاما، أتى مع زوحته تكريما لأول بابا أميركي جنوبي "هذا يوم تاريخي فعلا".
قبل بدء مراسم الجنازة، دخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب برفقة زوجته ميلانيا إلى بازيليك القديس بطرس ملقيا نظرة الوداع الأخيرة على جثمان البابا المسجى، على غرار ما فعل نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والفرنسي إيمانويل ماكرون والبرازيلي لويس أيناسيو لولا دا سيلفا والأرجنتيني خافيير ميلي، وغيرهم.
ونُقل النعش الى الساحة أمام مذبح في الهواء الطلق، ووضعت عليه نسخة من الإنجيل.
وضاقت الساحة بالمشاركين الذين اضطر بعضهم للوقوف في جادة فيا ديلا كونسيلياتزيوني المحاذية لها.
وشدّد الكاردينال الإيطالي جوفاني باتيستا الذي ترأس الجنازة في عظته على أن البابا فرنسيس كان "قريبا من الناس بقلب منفتح على الجميع"، مشدّدا على "مبادراته" و"دعواته المتواصلة (..) حيال المهاجرين والنازحين".
- لقاء ترامب زيلينسكي -
قبيل بدء المراسم، عقد ترامب الذي غادر روما بعيد انتهاء المراسم، لقاء في البازيليك مع زيلينسكي اعتبره الطرفان "مفيدا جدا".
وقال زيلينسكي إنه بحث مع ترامب في "وقف إطلاق نار شامل وغير مشروط" في أوكرانيا حيث تتواصل الحرب بين قواته والقوات الروسية، آملا بتحقيق "نتائج".
ونشرت الرئاسة الأوكرانية صورا لزيلينسكي وترامب في لقاء منفرد، وأخرى مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.
وكان ترامب أعلن قبل ساعات أن كييف وموسكو "قريبتان جدا من اتفاق" بعد أكثر من ثلاث سنوات على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
والتقى زيلينسكي أيضا ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين.
وصافح ترامب فون دير لايين في خضم الخلاف حول الرسوم الجمركية بين القارتين.
وشارك نحو خمسين رئيس دولة ونحو عشرة ملوك في مراسم الجنازة. وبين الحضور، الأمير وليام ممثلا والده ملك بريطانيا تشارلز الثالث، وملك بلجيكا وملك الأردن.
وقد انتشر مئات من عناصر الأمن في الساحة ومحيطها.
وشكلت المشاركة الشعبية الواسعة في الجنازة استكمالا لتوافد أكثر من 250 ألف شخص وانتظارهم لساعات طويلة خلال هذا الأسبوع لإلقاء نظرة الوداع على جثمان البابا، الزعيم الروحي لنحو 1,4 مليار كاثوليكي.
- فرنسيسكوس -
وأقيمت قداديس في مناطق مختلفة من العالم لراحة نفس البابا الذي تجاوزت رسالته الكاثوليك.
في بوينوس آيرس حيث ولد البابا فرنسيس في العام 1936، يقام قداس في الهواء الطلق السبت.
وتمتّع البابا فرنسيس بشعبية واسعة، وكان مدافعا شرسا عن السلام والمهاجرين والمهمّشين والفقراء.
وشارك في الجنازة أيضا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وأوفد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في حقّه مذكرة توقيف دولية، وزيرة الثقافة أولغا ليوبيموفا.
ويقع ضريح البابا الرخامي الصغير قرب مذبح كنيسة سانتا ماريا ماجوري المشيّدة في القرن الخامس والتي تضمّ أساسا أضرحة سبعة بابوات سابقين.
وسيحمل قبر البابا كلمة وحيدة هي "فرانسيسكوس" وهو اسمه باللاتيني.
واعتاد البابا المجيء إلى الكنيسة قبل كل رحلة له إلى الخارج وبعد عودته منها للصلاة.
ومع انتهاء مراسم الجنازة، ستتوجه الأنظار إلى مجمع الكرادلة حيث سيعكف 135 كاردينالا في سن الانتخاب أي دون سن الثمانين، في الأسابيع المقبلة خلال جلسات مغلقة في كنيسة سيستينا، على اختيار خلف للبابا فرنسيس.
الى ذلك توافد نحو 200 ألف شخص اجتاز بعضهم آلاف الكيلومترات قادمين خصيصا من دول مثل الولايات المتحدة أو سلوفاكيا منذ مساء الجمعة إلى ساحة القديس بطرس لوداع البابا فرنسيس "بابا الجميع".
واستقبل المشاركون بالتصفيق الحار النعش الذي وضعت عليه نسخة من الانجيل عند إخراجه إلى ساحة القديس بطرس حيث سُجي أمام مذبح حيث يقام القداس.
وشدد سيريل كلارك أحد المشاركين في المراسم في الساحة "كان يمثل السلام وقبول الجميع. كان بابا للجميع".
وقال جيريمي ميتيه الذي قدم خصيصا من غرينوبل في فرنسا "كان يعني الكثير بالنسبة لي. كان بابا قريبا من الناس العاديين".
وأضاف "انا متأثر جدا بهذا الحضور. من الجميل رؤية كل هذه الجنسيات معا. هذه الساحة مركز العالم اليوم".
وجلس أمام كاتدرائية القديس بطرس نحو خمسين من قادة الدول ونحو عشرة ملوك. وحضر الرؤساء الأميركي دونالد ترامب برفقة زوجته ميلانيا والأوكراني فولوديمير زيلينسكي والفرنسي إيمانويل ماكرون والبرازيلي لويس إينسايو لولا دا سيلفا والأرجنتيني خافيير ميلي.
وضاقت الساحة بالمشاركين الذين وقف بعضهم في جادة فيا دي لا كونسيلتزيوني المهيبة التي تربط الفاتيكان بضفتي نهر التيبر حيث نُصبت شاشات عملاقة ليتمكن الجميع من متابعة المراسم.
وتحلت الحشود بالصبر واختار بعضهم النوم حتى على الرصيف قرب الساحة.
- "أجمل شيء ممكن" -
أمضت غابرييلا لاتزو وأطفالها ليلتهم في السيارة.
وتقول هذه المواطنة البيروفية البالغة 41 عاما إن "حضور مراسم الجنازة مع عائلتي هو أجمل شيء ممكن. كنا نفضل أن نراه شخصيا، لكن بفضل الله وبفضله، نحن هنا في هذه اللحظة".
وأتت اندريا أوغالديه خصيصا من لوس انجليس للمشاركة في الجنازة. وتوضح "ما أن حطت طائرتي الخميس توجهت على الفور إلى ساحة القديس بطرس. كل ما أريده هو أن أكون هنا".
رغم الحزن على وفاة البابا الزعيم الروحي لنحو 1,4 مليار كاثوليكي في العالم، يؤكد هؤلاء أنهم يشعرون بأنهم محظوظون لمشاركتهم في هذا الحدث التاريخي.
وقالت كايتي هيبنر رونكالي وهي مدرسة أميركية تبلغ 33 عاما أتت من ولاية إنديانا ووصلت منذ الساعة الثالثة فجرا مع ثلاثة من تلاميذها "لا يسعنا تفويت ذلك ... كان هذا البابا عظيما".
وأكدت مارين دي بارسيفو البالغة 21 عاما "من المهم للغاية بالنسبة لي أن آتي إلى هنا. هذا البابا طبع جيلا بأكمله".
وأضافت الطالبة الفرنسية التي كانت ترسم لوحة عن واجهة كاتدرائية القديس بطرس قبيل بدء المراسم، "كل التقدم الذي احرزه على صعيد البيئة ومستقبل الشباب والمثلية الجنسية أحيا أملنا بالمستقبل وكان من المفيد وجود صوت أكثر حداثة في الكنيسة".
وعند فتح المنافذ إلى الساحة بعيد الساعة السادسة صباحا (الرابعة ت غ) جرى عدد كبير من المشاركين في محاولة للحصول على مقعد ورفع بعضهم علم بلده أو صورة لفرنسيس "بابا الفقراء".
ولخصت الاسترالية إلويز بيرد البالغة 38 عاما الشعور العام بقولها "حضور (المراسم) شيء فريد في الحياة قد لا يتكرر ... الوصول إلى هنا كان صعبا بسبب التدافع، أتعبني لكني سعيدة لوجودي هنا".