
دعت صحيفة “فايننشال تايمز” للعودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو الزعيم الوحيد الذي لديه النفوذ على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقالت الصحيفة إن سكان غزة عاشوا لشهرين راحة وهدوءا من الغارات الجوية الإسرائيلية والقصف الذي حوّل القطاع إلى صحراء قاحلة، وبدأوا في لملمة شتات حياتهم المدمرة. كما تشبثت عائلات الأسرى المتبقين لدى حماس داخل القطاع بأمل رؤيتهم والإفراج عنهم.
لكن رئيس نتنياهو بدد أي أوهام بأن السلام قادم أخيرا بعد 17 شهرا من الصراع الوحشي. وأمر يوم الثلاثاء، الجيش باستئناف قصف غزة، حيث أسفرت غاراته عن مقتل أكثر من 400 شخص، حسب أرقام وزارة الصحة في غزة، مما جعله أحد أكثر أيام حرب إسرائيل في غزة دموية، حيث اقترب عدد القتلى الإجمالي من 50,000.
وألقى نتنياهو اللوم على حماس باستئناف القتال لرفضها الإفراج عن الأسرى. ومع ذلك، فإن إسرائيل هي التي سعت لتغيير شروط الاتفاق. لم يكن هناك مبرر لقرار نتنياهو استئناف الهجوم وتعريض حياة الأسرى المتبقين للخطر.
ودعت الصحيفة إلى إعادة وقف إطلاق النار على وجه السرعة، وإجبار الأطراف المتحاربة على تقديم تنازلات تنهي القتل وتضمن إطلاق سراح الأسرى التسعة والخمسين قبل فوات الأوان لمن بقي منهم على قيد الحياة.
وتقول الصحيفة إن ترامب وهو الزعيم الوحيد الذي يتمتع بنفوذ على نتنياهو شجع الأخير. فقد ساهم فريق ترامب في التوسط باتفاق وقف إطلاق النار متعدد المراحل الذي أُبرم في كانون الثاني/ يناير، وقد نسب الفضل لنفسه في ذلك. لكن منذ ذلك الحين، كشف الرئيس الأمريكي عن خطة خطيرة لإفراغ غزة من الفلسطينيين وأصدر تهديدات عدوانية ضد حماس بالتزامن مع نتنياهو.
وعندما أوقفت إسرائيل إيصال جميع المساعدات إلى غزة وقطعت آخر خطوط الكهرباء هذا الشهر للضغط على حماس لقبول نسخة معدلة من اتفاق وقف إطلاق النار، التزمت إدارة ترامب الصمت. وعندما استأنفت إسرائيل هجومها على غزة، دعم البيت الأبيض الهجوم وانضم إلى إسرائيل في إلقاء اللوم على حماس.
وترى الصحيفة أن حماس مسؤولة عن الدمار الذي حل بغزة في أعقاب الهجوم الذي شنته ضد إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
لكن حماس، التي أطلقت صواريخ لأول مرة باتجاه إسرائيل منذ عدة أشهر، كانت ملتزمة ببنود اتفاق وقف إطلاق النار. وأفرجت عن 38 أسيرا في المرحلة الأولى، مقابل إفراج إسرائيل عن أكثر من 1,500 أسير فلسطيني. وكانت المرحلة الثانية، التي كان من المقرر أن تبدأ مطلع هذا الشهر، هي الاختبار الأصعب، فمن المفترض أن يتفق الطرفان على وقف إطلاق نار دائم وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة، مقابل إطلاق سراح الرهائن المتبقين. إلا أن نتنياهو رفض مرارا إنهاء الحرب أو سحب قواته سعيا وراء أهدافه المتطرفة. ولم ينخرط قط في محادثات جدية بشأن المرحلة الثانية.
بدلا من ذلك، وبدعم أمريكي، طالبت إسرائيل حماس بإطلاق سراح نصف الرهائن المتبقين دفعة واحدة، بدلا من إطلاق سراحهم حسب الاتفاق، مقابل تمديد الهدنة. وكما كان متوقعا، رفضت حماس الاقتراح.
وعوضا عن التعاون مع الوسطاء، أطلق نتنياهو، في ظل الضغوط الداخلية والتدقيق في فضائحه، العنان لجيشه. وهناك سبب يدفع منتقديه إلى اتهامه بتقديم مصالحه على مصالح الإسرائيليين. فالقصف وإراقة المزيد من الدماء لن يؤدي إلا إلى تعريض حياة الأسرى للخطر، ولن يعجل بإطلاق سراحهم. وهو ما كان من الممكن أن يحققه اتفاق وقف إطلاق النار.
وكما قالت عائلات الأسرى، كان ينبغي على نتنياهو أن يقاتل في قاعة المفاوضات، لا أن يدفع إسرائيل نحو حرب لا نهاية لها. وإذا كان ترامب جادا في وعده الانتخابي بإحلال السلام في الشرق الأوسط، فعليه أن يبدأ باستخدام نفوذه الكبير لوقف المذبحة في غزة.