
القاهرة - محمد عبد الرحيم - يأتي صالون الشباب في دورته الـ (35) كامتداد لحالة المغايرة التي بدأت إرهاصاتها العام الفائت، والتي تحاول تجنب موضة ما بعد الحداثة التي تم استهلاكها حد السخف، هذه الموجة التي تحجمت في الغرب ـ ناهيك من السياقات السياسية والاجتماعية التي أنتجت هذا التيار ـ في تسعينيات القرن الفائت، والتي لم تزل تجد مَن يُهلل لها من التشكيليين والنقاد المصريين، دون وعي. على الجانب الآخر تنوعت الجوائز التي لم تقتصر كالعادة على وزارة الثقافة المصرية إلى مشاركة العديد من الغاليريهات باقتناء بعض الأعمال المتميزة ـ كل حسب اتجاهه وما يُروّج له ـ كشكل من أشكال التقدير للفنانين الشباب.
الموضوعات
بالنظر إلى موضوعات الأعمال في مجملها، ووفق العنوان الكبير الذي تم اختياره هذا العام «استلهام»، تراوحت الأعمال بين الترجمة المباشرة لهذا العنوان، سواء في استلهام البيئة، أو التراث والمظاهر الاجتماعية، رغم اختلاف أسلوب العمل ومادته، كما في أعمال كل من محمود سنوسي، ناجح محمود ومحمد جابر عبده. ثم الأسلوب التعبيري غير المباشر عن حالات نفسية واجتماعية، كالوحدة والصداقة والعائلة، كما في أعمال أميرة أيوب، أحمد حسام، ريهام علي ودينا فايز، ذلك دون تغريب أو ابتعاد عن واقع هذه اللوحات، إضافة إلى رؤية تميل إلى رصانة الفنانين المصريين القدامى.
الأساليب
تنوعت أساليب الأعمال، سواء من خلال الخامة وما تفرضه على الفنان، أو من خلال المدرسة الفنية التي تعبّر عن موضوعه، فنجد مثلا عملاً لم يزل ينتهج موضة تيار ما بعد الحداثة، ويأتي كنغمة نشاز تذكّر بمآسٍ ماضية ــ عمل الفنانة أمنية أشرف ـ وقد نال بدوره إحدى الجوائز، ربما خشيت اللجنة من مقاطعة مثل هذه الأعمال حتى لا تتصف بالجهل، أو أن أحد المنتمين إليها، والمنتمي للتيار نفسه انهارت أعصابه عندما وجد أن معظم هذه الأعمال لا تنتمي إلى الاستسهال ومسايرة موضة شارفت على الموت. إلا أن حالة التهويمات وغموض اللانهائية وما بعدها وجدت نفسها في أعمال الفيديو آرت، وبعض من أعمال التجهيز في الفراغ، فلم تكن على مستوى فن التصوير ومعالجته لموضوعاته، أو مدى إحساسه بها، رغم تباين هذه الحساسية والقدرة على نقلها إلى العمل الفني.
الحالة وتنوعها
من الأعمال اللافتة، التي وإن كانت تتناول موضوع الصراع والاقتتال، كما في لوحة أحمد حمدي، حيث الجثة الملقاة على الأرض وسط أقدام لأجساد شخوص لا تظهر وجوهها، فقط تعبير الضحية ووضعية الجسد هو الأهم من تعبيرات الوجوه التي تراه، لتبدو حالة اللامبالاة التي يعيشها المتحلقون حوله، أو ربما شاركوا في مصيره هذا، وفق وضعياتهم ومشاهداتهم الصامتة. هذه النهاية نرى تفاصيل أحداثها ـ دون قصد ـ في العمل النحتي لمنة الله مسعد، التي يتماهى من خلالها الإنسان والحيوان في صراعه، حيث يعتلي شخصان يتعاركان ظهر ثورين في حالة صراع بدورهما، وكأنهما يستكملان الحالة والحركة، فجاءت الأيدي المتشابكة للشخصيتين وكأنها اكتمال لدائرة مغلقة على هذه الحالة، وكأنها استمرار دائم لن ينتهي. ومن الصراع المباشر إلى صراع يتخذ من اللعب شكلاً له، لعب الأطفال، الذي لا يقتصر على جماهير الرفاق، بل يمتد إلى الحيوانات الأليفة، كحالة من التناغم بينهما، رغم ملامح الغضب والتحفز التي تعلو وجوه الأطفال أكثر من الحيوانات، كما في لوحة إيمان ناجي. إضافة إلى الأعمال السابقة نجد العديد من الأعمال اللافتة، التي تحاول معالجة موضوعاتها بشكل وأسلوب لافت، منها أعمال كل من عمر درويش، عمرو ياسر، ريم محمود، وأحمد عبد الله.