نيويورك - الامم المتحدة - يحلم رائد الصالح، مدير منظمة "الخوذ البيضاء السورية" (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة) بأن "لا يستمر عملنا في سحب الجثث من الانقاض" بعد مرور 14 عاما من الحرب في هذا البلد وفي ظل التصعيد الجديد.
ومثلما فعل قبل عقد من الزمن، توجه الصالح إلى نيويورك هذا الأسبوع للدفاع مرة جديدة عن قضية الشعب السوري أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لكنه إذ يدعو إلى "حلّ سياسي" في بلاده، تبقى آماله ضعيفة في إمكانية تحقيق ذلك.
وأوضح في مقابلة مع وكالة فرانس برس "فشل مجلس الأمن خلال الـ14 عاما الماضية في تحقيق السلام في سوريا وأعتقد انه سيفشل اليوم ولا أعتقد أن شيئا سيتغير".
وأعرب رائد الصالح أمام المجلس الثلاثاء عن أسفه لأن المجتمع الدولي بشكل عام "تخلى تماما" عن السوريين، والسبب الرئيسي في تقديره هو روسيا، حليفة الرئيس بشار الأسد، التي تتدخل عسكريا في سوريا منذ العام 2015.
ويقول بوضوح "روسيا اليوم لا يهمّها السلام في سوريا تهمّها المصالح في سوريا، مصالحها مع النظام السوري لذلك استخدمت الفيتو اكثر من 20 مرة ومستعدة ان تستعمله 20 مرة أخرى لحماية النظام".
وفي المقابل، تتهم موسكو منظمة "الخوذ البيضاء" بالتضليل والرغبة في "التشهير" بالحكومة السورية، وهو السبب الذي جعلها تحاول دون جدوى الثلاثاء منع رائد الصالح من التحدث أمام مجلس الأمن المنعقد بشكل عاجل بمواجهة تصاعد النزاع في سوريا.
- "عقاب جماعي" -
وبعدما عمّ هدوء نسبي منذ العام 2020 مناطق الشمال الغربي بموجب اتفاق لوقف لإطلاق النار رعته أنقرة وموسكو، بدأت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فكّ ارتباطها بتنظيم القاعدة) وفصائل معارضة متحالفة معها، في 27 تشرين الثاني/نوفمبر هجوما خاطفا ضد القوات الحكومية في شمال سوريا.
وفي غضون أيام قليلة، سيطرت الفصائل المعارضة على مساحات واسعة من شمال سوريا وجزء كبير من حلب التي خرجت بالكامل عن سيطرة النظام للمرة الأولى منذ بداية الحرب الأهلية، ما يمثل انتكاسة كبيرة لقوات النظام.
ودخلت الفصائل المعارضة الخميس إلى مدينة حماة ا لإستراتيجية في وسط سوريا حيث تخوض معارك "طاحنة" مع قوات النظام داخل أحياء المدينة، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وهذه المعارك التي خلّفت 704 قتلى خلال أسبوع واحد، بينهم 110 مدنيين، بحسب المرصد، هي الأولى بهذا الحجم منذ العام 2020 في سوريا.
وأوضح رائد الصالح أن "الخوذ البيضاء" التي تعد 3200 متطوع في شمال غرب البلاد، أُعادت نشرهم من جديد في حلب والمناطق المتضررة الأخرى "للاستجابة للعمليات الانسانية الطارئة".
وتابع أنه بالإضافة إلى مساعدة الجرحى، "جمعنا أكثر من 150 جثة لدفنها بشكل كريم وتوثيقها بشكل دقيق لتسهيل عملية التعرف عليها لاحقًا".
ويخشى مدير "الخوذ البيضاء" أن يزداد الوضع سوءًا. ويعتقد أن "الوضع الحياتي صعب لأن النظام بدأ عمليا ومباشرة في إستراتجية سياسة العقاب الجماعي ضد المدنيين في حلب وإدلب".
وإن كان الصالح لا يستطيع "توقع" رد فعل النظام السوري على الانتكاسة التي لحقت به في شمال غرب البلاد، فهو أبدى قلقه حيال "الأعمال الانتقامية ضد المدنيين".
وقال "نحن خائفون من استخدام النظام الأسلحة الكيميائية، كما حدث في 2018 و2017 و2013. وفي كل مرة يتعرض فيها النظام للانهيارات العسكرية، يستخدم الأسلحة الكيميائية ليستعيد زمام المبادرة".
وسبق أن اتهمت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية السلطات السورية باستخدام هذه الأسلحة في الحرب، وهو ما تنفيه دمشق. وأعربت المنظمة هذا الأسبوع عن قلقها بشأن احتمال وجود كمية كبيرة من الأسلحة الكيميائية في سوريا.