أصول سردية قادت إلى اكتشاف تقنيات "تيار الوعي"  

الامة برس-متابعات:
2024-03-24

 

 

تيار الوعي يحرر بواطن الشخصيات (لوحة للفنان إبراهيم بريمو)   

نادية هناوي- عُرفت الدراسات البينية في منتصف القرن العشرين كمنهج بحثي، فيه يتداخل علم معين من العلوم الإنسانية مع علم أو حقل معرفي آخر قد يجاوره وقد يكون بعيدا عنه. والغاية أن يمد أحدهما الآخر بالمفاهيم فتتوسع مجالات التمثيل والتطبيق.

ويعد النقد الأدبي واحدا من الحقول المعرفية التي اتخذت – بدءا من ستينات القرن الماضي – من الدراسات البينية منهجا بحثيا يجمع بين النقد وعلم محدد من العلوم الإنسانية. ولقد تمكنت تلك الدراسات من فتح آفاق جديدة وبفضاءات كبيرة ومتنوعة، عمقت مسارات النقد المنهجية واستطاعت في نهايات القرن العشرين زعزعة الأحادية المنهجية في دراسة الأدب، فصار ينظر إليها بوصفها دراسات كلاسيكية.

الانفتاح النصي

مع مطلع الألفية الثالثة، أخذ النقد الأدبي يتجه إلى ما هو أبعد من الدراسة البينية والمتمثلة بالتعدد والتنوع الثقافيين اللذين بهما انتقل النقد الأدبي من مرحلة الانفتاح النصي والتعالق المنهجي إلى مرحلة ما بعد كلاسيكية متعددة التخصصات، تأثرا بالمرحلة ونزعتها ما بعد العولمية وما فيها من تجريب واسع الآفاق تداخلا وتجسيرا وعبورا، وميدانه حقول معرفية مختلفة مثل علم البيئة والفلسفة الظاهراتية والهندسة الجينية والميكانيكا البيولوجية والمعلوماتية أو السبرنطيقا وغيرها.

وقد يُفهم من هذا التحول النقدي من الدراسات البينية إلى دراسات التعدد الاختصاصي أنه هو نفسه الدراسات الثقافية. وهذا تصور غير دقيق، لأن هذه الدراسات هي حصيلة التعدد الاختصاصي مثلها مثل الدراسات النسوية والدراسات السردية والدراسات المستقبلية والدراسة البيئية ودراسات الأخلاق وغيرها.

وإذا خصصنا كلامنا في التعدد الاختصاصي بعلم السرد ما بعد الكلاسيكي، فسنجد لهذا التعدد أدوارا مهمة في انبثاق رؤى وطروحات منهجية ونظرية وإجرائية، تعيد النظر في الكثير من مسلمات الدراسات الأدبية الكلاسيكية. فإما تعززها وتطور كشوفاتها، وإما تؤاخذها وتفندها بحسب ما يستجد في مجال التعدد الاختصاصي من علوم فرعية.

ويعد علم النفس الفرويدي الحقل المعرفي الأكثر صلة بالنقد الأدبي حتى أنه رافق مختلف تحولاته المنهجية، فحين كان النقد ذا منهجية أحادية كانت تطبيقات النقاد للمفاهيم النفسية والسلوكية حول الشخصية وعقدها ونظريات أخرى كالجشتالتية، واسعة على مستوى دراسة سيكولوجية الكاتب أو على مستوى دراسة عملية الإبداع والتأثير في الجمهور، ولكن حين انفتح النقد على الدراسات البينية كان النقاد قد اجترحوا مفاهيم جديدة وبرؤى مغايرة تدخل في خانة النقد النفسي مما نجده في كتابات جاك لاكان وجوليا كريستيفا وهيلين سيكسو وغيرهم، ثم ازداد اجتراح المفاهيم مع التعدد الاختصاصي فتطورت مجالات التعالق البحثي بين النقد وعلم النفس وبينهما والعلوم الإنسانية الأخرى.

وكان لمنظري علم السرد ما بعد الكلاسيكي اهتمام خاص بعلم النفس، فطرحوا منظورات مختلفة وبلوروا مفاهيم جديدة مثل ما بعد الإنسان وما بعد البشرية والسرد النفسي وغيرها. والهدف هو توجيه الخطاب النقدي المعاصر وجهة ثقافية مغايرة فيها الإنسان ليس وحده الكائن المتعالي الذي له المركزية والهيمنة بل تشاركه في ذلك وبكثير من (القرابة النسبية) موجودات أخرى غير بشرية كالأحياء الكائنية (الحيوانات والنباتات والحشرات والبكتريا والفيروسات) وكذلك الجمادات والأجسام الافتراضية والابتكارات التقنية الآلية (الروبوتات والسايبورات).

ولكي ندلل على ما تركته الدراسات البينية من فجوة معرفية، أوجبت الانتقال بالخطاب النقدي إلى التعدد الاختصاصي، نقف مليا عند بينية علم النفس والسرد الأدبي، وما نتج عن هذه البينية من إشكاليات بحثية، متخذين من كتاب “تيار الوعي في الرواية الحديثة” لروبرت همفري عينة بحثية.

علم النفس والسرد

أفاد روبرت همفري من مفاهيم علم النفس الفرويدي كالشعور والسلوك والتداعي والوعي الباطن واللاوعي والتذكر وغيرها، متوصّلا إلى بلورة اتجاه جديد في السرد الروائي أطلق عليه اسم “تيار الوعي”، وما كان لهمفري أن يحصر دراسته لهذا التيار في الرواية وحدها إلا بسبب ما فرضته عليه الدراسة البينية من ضرورات المداخلة بين علم النفس الفرويدي والأدب السردي. هذا إلى جانب ما كانت قد وصلت إليه الرواية الغربية وقت تأليف الكتاب موضع الرصد في نهاية ستينات القرن العشرين من أزمة واقعية حادة، دفعت النقاد إلى البحث عن حلول أو مخرجات عبر العودة إلى الرواية الكلاسيكية – وكانت تعد آنذاك حديثة أو حداثية – وذلك من أجل استقراء أسباب قوتها.

ولقد وجد همفري في علم النفس مبتغاه كمجال يمكن الإفادة من نظرياته في الكشف عن مسارات سردية جديدة، تضع أمام كتّاب الرواية مفاتيح الخروج من الأزمة الواقعية.

ومعلوم أن الواقعية هي أكثر المذاهب الأدبية تأثيرا في السرد الروائي لكنها بالمجمل جعلت هذا السرد معقدا وغامضا بشكل كبير من ناحية التخييل والتحبيك والزمان والتاريخ واللغة والمحاكاة. الأمر الذي استدعى من همفري أن يجري تحرياته البينية – النفس سردية – ووصفها بأنها “الشرط الذي أتمسك به وهو الأساس الذي يمكن أن تفهم في ضوئه الشروح المتناقضة الخالية من المعنى في أحيان كثيرة”. فكان أن اختبر الشخصية الروائية بوصفها عنصرا محوريا من عناصر الرواية، واتخذ من تيار الوعي منهجا تجريبيا لتحليل الأبعاد الذهنية في بناء الشخصية.

وما بين التجريب والاختبار، أهمل همفري المقدمات التاريخية التي عليها قام السرد الروائي، وعلل السبب بحداثة المؤثرات التي ساهمت في ولادة “تيار الوعي” ومنها فلسفة وليم جيمس (1842 – 1910) وعده أول من استعمل هذه التسمية. وما أراده همفري هو “التدريب على كيفية كتابة قصص تيار الوعي”، منتقيا روايات معينة من أجل التوضيح والشرح، مؤكدا أن غايته ليست التنويع، بل الانفتاح بالنظر النقدي من النص إلى سياقاته وأبنيته معا.

ومن المهم القول إن همفري لم يستقر على تعريف محدد لتيار الوعي، فهو تارة يصف الوعي المصور بأنه شاشة وهو التفكير الذهني والاتصال بالآخرين تعرض عليها المادة في هذه الروايات، وتارة ثانية يراه نوعا من القصص يركز فيه على ارتياد مستويات ما قبل الكلام بهدف الكشف عن الكيان النفسي للشخصيات، وتارة ثالثة هو أدب سيكولوجي ينبغي أن يدرس عند النقطة التي يختلط فيها علم النفس بعلم المعرفة العقلية.

وعلى الرغم من ذلك، فإن دراسته البينية – النفس سردية – للوعي الروائي كانت قد أوصلته إلى نتائج جديدة غير مسبوقة منها أولا أن تيار الوعي في السرد ليس هو الذكاء ولا الذاكرة، بل هو الانتباه الذهني الذي يبدأ من قبل الوعي ويمرّ بالذهن ويصل إلى أعلى مستوى من التفكير الذهني والاتصال بالآخرين، مشبها تيار الوعي بالجزء الراقد من كتلة الثلج تحت سطح الماء.

ثانيا لا يختص تيار الوعي بالقصص السيكولوجية التي فيها مستويات التعبير الذهني تقع على هامش الانتباه، بل هو يختص بالروايات التي تشتمل على مستويين من الوعي: مستوى ما قبل الكلام ومستوى الكلام أيّا كان منطوقا أو كتابيا مع وجود نقطة يتداخل عندها هذان المستويان.

ثالثا يقر همفري أن مستوى ما قبل الكلام هو الأكثر توظيفا في الروايات الحديثة، والسبب عدم خضوعه للمراقبة والسيطرة والتنظيم. وأخرج همفري روايات هنري جيمس و”البحث عن الزمن المفقود” لمارسيل بروست من تيار الوعي لأنها تهتم من الوعي بالجانب المتصل بالذكريات ولأن بروست يمسك بالماضي عن وعي وهدفه إقامة صلة مع الماضي.

رابعا أن دوروثي ريتشاردسون رائدة تيار الوعي في القرن العشرين وهي – بحسب همفري – مدينة بشدة لهنري جيمس وجوزيف كونراد. ليأتي خامسا الواقع الخارجي هو الذي يكشف عن خفايا الحياة النفسية ويساعد الكاتب في تصويرها والانغماس فيها بعمق كاف. وسادسا أن فرجينيا وولف استعملت تيار الوعي في ثلاث روايات هي “مسز دالوي” و”إلى المنارة” و”الأمواج”) واستعملت هي وجويس وريتشاردسون ووليم فوكنر تكنيكات أربعة هي: المونولوج الداخلي المباشر وغير المباشر والوصف عن طريق الموضوعات المستفيضة ومناجاة النفس.

وسابع النتائج أن المونولوج الداخلي يكون على نوعين: تام أو كلي جزئي كما يكون مباشرا إذا تم أولا تقديم المحتوى النفسي للشخصية والعمليات النفسية لديها من دون التكلم بذلك ولم يتدخل المؤلف ثانيا ويكون المونولوج ثالثا غير مباشر حين يكون بضمير الغائب كقناع لضمير المتكلم ويعطي إحساسا للقارئ بحضور المؤلف المستمر.

إشكالات بحثية

إن هذه التوصلات التي انتهى إليها همفري – على ما فيها من جدة وأهمية – تخفي وراءها إشكالات لا من الناحية المنهجية وطبيعة العينة الروائية المبحوثة وإنما من ناحية التعالق النظري بين علمي النفس والسرد وكما يأتي:

أولا إذا كان تيار الوعي ينطلق من فكرة أن السرد نشاط إنساني يظهر منه ما هو مباشر وعملي، ويختفي منه ما هو روحي وعقلي، فإن ذلك يعني أن الوعي عموما – لا تيار الوعي – ليس بالجديد، بل هو قديم واشتمل عليه التراث السردي الذي عرفته العصور الوسطى، وفيه كان استعمال الأحلام واستبطان دواخل الشخصية بمثابة تقاليد السرد المعروفة وبخاصة في القصص الصوفية والفلسفية كقصة حي بن يقظان لابن طفيل. ولقد مس همفري هذه النقطة مسا عرضيا من بعيد حين عدَّ بحث الشخصية عن الخلاص نشاطا نفسيا، غير أن معظم البشر ليسوا على وعي بهذا النشاط النفسي، وبسبب ذلك وصف فرجينيا وولف بـ”الصوفية”.

ثانيا إن تيار الوعي يعني اتصال التجربة الإنسانية بالجانب الذهني كماهية وتخيلات وحدوس ورموز ومشاعر وتداعيات. أما الجوانب الأخرى المتعلقة بالذاكرة والتخييل والترميز أو ما رآه همفري يقوم على التمييز بين ماذا وكيف فإنها برأيه توشك أن تكون مستحيلة، وعلل هذا الأمر بأن تيار الوعي يجعل الذهن محددا بسؤالين: ما الذي يمكن تحقيقه من تقديم الشخصيات من زاوية وجودها النفسي؟ وكيف يغتني الفن القصصي من تصوير الحالات الداخلية؟ وهنا نتساءل أليست الذاكرة والتخييل أفعالا لا تتم من دون تفكير ذهني أي أن الذهن يعمل ذاكراتيا وتخييليا كما يعمل نفسيا؟ وهل نجد أن ثمة شخصية تتطور داخليا وخارجيا من دون أن تكون جزءا أساسا من هذا التطور عائدة إلى ما تعانيه من مشاعر وما تتأمله أو تتكهن به أو تتصوره أو تستشرفه ذهنيا من صور وحدوس أو تخيلات ؟ بعبارة أخرى هل يمكن للكاتب أن يصنع حبكة متماسكة من دون أن تتطور شخصياته وخاصة الشخصية المحورية ؟

من المؤكد أن الرواية الحديثة (الكلاسيكية) لم تبتدع النشاط الذهني النفسي أي أنها لم تكتشفه من وحي ذاتها، وإنما هي سارت وأفادت مما في التراث السردي من تقاليد فنية، لكن الذي تميزت به هو أنها طورت هذه التقاليد فتقصدت التركيز على النشاط الذهني في جانبه المتعلق بالشعور والوعي بالذات وبغض النظر عن تأثر كتّابها بمدرسة التحليل النفسي أو لا.

ثالثا إذا كان صحيحا افتراض همفري أن روائيي تيار الوعي أفادوا من علم النفسي التحليلي ونظرية الشخصية وأفكار وليم جيمس وبرغسون عن الزمن والمنطق والرمز والوجودية، فإن من الصحيح أيضا القول إن الفلاسفة قديما وحديثا أفادوا مما في القصص والروايات من شخصيات وحللوا جوانبها السلوكية وحياتها العاطفية والعقلية. وكذلك فعل علماء النفس فلقد قرأ فرويد روايات دوستويفسكي مثل “الجريمة والعقاب” و”الإخوة كارامازوف” وتوصل من خلالها إلى نتائج مبهرة في مجال معرفة النفس البشرية في صراعاتها وتقلباتها وعلاقتها بالمجتمع. ومثل ذلك نجده عند الكثيرين ممن عنوا بالذات وتفسير الإبداع فحللوا روايات ومسرحيات ولوحات عالمية وتوصلوا إلى نظريات نفسية واجتماعية.

رابعا رأى همفري أن “الوجود عند جويس ملهاة.. والنتيجة هي السخرية”، وأن الانطباعات النفسية لا توصل إلى الحقيقة وإنما هي طريقة رمزية يكشف عنها التكنيك هجاء أو سخرية، وهذا يعني أن النشاط الذهني ليس مخصوصا بالسرد الواقعي ولا هو مقتصر على الرواية النفسية وإنما هو موجود في كل أنواع السرد الواقعي وغير الواقعي. فليست الواقعية انعكاس الواقع في الأدب وإنما الواقعية محاكاة الواقع على وفق قانون الاحتمال الأرسطي الذي فيه نجد المحتمل كما نجد غير المحتمل الممكن.

خامسا عد همفري التجريب سببا في اختراع أنواع جديدة من التكنيك، وما دام هناك تجريب فإن هناك أيضا أساسا سرديا سابقا، وعليه يجري الكاتب تجاربه كما في استعمال تكنيكي المونتاج الزماني والمونتاج المكاني. وعلى الرغم من أن التجريب لا حدود له، فإن همفري حدد تكنيكات أربعة ثم أضاف لها خامسا هو القالب الشعري ثم أضاف سادسا هو وسائل الكتابة كالطباعة وعلامات الترقيم وأضاف تكنيكات أخرى مثل مستحدثات السينما وفيها تتداخل الصورة المتحركة مع المونتاج الزمني والمكاني والمنظر المضاعف واللقطات البطيئة والاختفاء التدريجي والقطع والصور عن قرب والمنظر الشامل والارتداد. وما انتهى إليه همفري هو أن للتكنيك الواعي ألوانا من الاشتغال لا يمكن حصرها لأنها تعتمد على التجربة الإنسانية وما فيها من أحاسيس وذكريات وأوهام وأفكار وتخيلات وحدس ورؤية وبصيرة. فتتأكد حقيقة أن حركة الشعور ليست هي وحدها التي تصنع التجربة الإنسانية ككل وإنما هناك عمليات ذهنية أخرى كالذاكرة والخيال، عليها يعتمد بناء السرد الروائي وهي جزء من أيّ فاعلية سردية أيا كان نوع السرد وقالبه.

سادسا فرّق همفري بين الرواية السيكولوجية ورواية تيار الوعي كي يؤكد أن تيار الوعي اتجاه مستقل وغير مختلط بأيّ اتجاهات سابقة عليه ومخصوص بروائيين محددين، هم دوروثي ريشاردسون وجيمس جويس وفرجينيا وولف ووليم فوكنر، بيد أن همفري في تحليل روايات فرجينيا وولف أكد أنها متأثرة بلورنس ستيرن لأنه اهتم بالصمت أكثر مما اهتم بالكلام ولأن جين أوستن رسمت الشخصية من الخارج وجه هنري جيمس اهتمامه إلى عرض الشخصية من الداخل في روايتيه “السفراء” و”جناحا الحمامة”.

ولا خلاف في ذلك فتأثير السابق في اللاحق أمر طبيعي، ولا فرق فيه إن كانت الرواية اجتماعية أو نفسية أو نسوية أو بوليسية لأنها بالمجموع تسير على قوانين فنية محددة تجعل الفاعلية السردية مشتركة كأحداث وشخصيات وزمان ومكان وتخييل وأحلام وتأملات وأوهام.. الخ.

وما من تطور سردي يتحقق بشكل ناضج إلا بوجود أصول سردية سابقة عليه تاريخيا. وهو ما لم يشمله همفري بالتحليل والاستقصاء، فعدّ تيار الوعي ملمحا تطويريا من ملامح رواية القرن العشرين. والحقيقة أن الرواية ما كان لها أن تقع على تيار الوعي لولا أنها بنت أسسها على ما طوره كتّاب القرن التاسع عشر من تقاليد السرد القديم التي اتبعها السرد الأوروبي بدءا من القرن الثاني عشر ووصولا إلى القرن الثامن عشر.

 

*ناقدة وأكاديمية عراقية

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي