«أنا جنرال ومفاتيح البيانو هم جنودي»: أفضل ما في الموسيقى أنها تجمع الناس

2024-01-03

عاطف محمد عبد المجيد

كثيرون منا يستمعون إلى الموسيقى فيهتزون طربا أو يتمايلون نشوة وانتشاء، غارقين في متعة لا حدود لها، متنقلين بين أحاسيس ومشاعر متباينة، وكذلك يعرف كثيرون أن الموسيقى لغة عالمية، يستطيع أن يترجمها ويفهمها كل إنسان على وجه الأرض، مهما اختلفت جنسيته ولغته. والموسيقى هي لغة التعبير عن المشاعر مثل الحزن والبهجة، وقد عشق الإنسان منذ القِدم الموسيقى، منذ أن قام الإنسان البدائي بصنع الآلات الموسيقية البسيطة من عظام الحيوانات، ومن خشب الأشجار واكتشف صدور الأصوات من خلالها. لكن هل تساءل أحدنا ذات مرة وهو يصغي بانتباه شديد إلى مقطوعة موسيقية مستمتعا بها حد النشوة ومُحلِّقا في عوالم أخرى، ما هي الموسيقى؟ في هذا الصدد يقول شوبنهاور: إن الموسيقى تظهر حقيقة الدنيا المختفية وتعبر عن أسمى المَلَكات بلغة لا يدركها عقل.

وفي موسوعة الآلات الموسيقية الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب يقول الكاتب عمرو عبده دياب صاحب هذه الموسوعة، إن الموسيقى هي إحدى الفنون التي يسعى إليها الإنسان لإرضاء حاجياته ورغباته، أو حبا منه في الجمال، فهي فن رائع وعلم واسع، هي درة لألاءة في عقد الفنون، ونغم خالد في مهرجان الحياة، يردده الوجود ترديدا فيهبه بقاء وخلودا، فهي تصور جنة الخيال وبهجة الجمال، نشوة الأمل وحسرة الألم، يسري فيعشقه كل ذي حس مرهف وقلب شاعر حساس، وكما إنها فن وخيال، فإنها علم صحيح ذو قواعد وأصول، فبتهوفن وموزارت وشوبان وغيرهم، لديهم أفضل موهبة، ولكنْ إلى جانب الموهبة هناك مران طويل وكد سنين في الدرس والتنقيب. والمبتدئ في تعلم الموسيقى يجب عليه أن يسلك سبيل التدرج من السهل إلى الأصعب حتى يبلغ غايته المنشودة، ويواصل دياب حديثه عن الموسيقى في موسوعته هذه قائلا: الموسيقى لها تأثير كبير في علاج الأمراض النفسية وتخفيف الآلام، ولها تأثير واضح على الحيوانات وعلى النباتات أيضا، فما بالك بالإنسان؟

فن الأنغام

يضيف دياب: الموسيقى هي اللغة الوحيدة التي يفهمها الإنسان ويستوعبها في كل مكان على وجه الأرض، بلا حواجز جغرافية أو سياسية أو ثقافية، وهي فن الأنغام وتُدوّن بالسهولة نفسها التي نقرأ بها الكلام الذي ننطقه، أو نكتبه ويلزم لقراءة الموسيقى وفهم هذه القراءة معرفة الرموز التي تدون بها والقواعد التي تنظمها. فالموسيقى تدون عن طريق رموز، وتكتب على مُدرج موسيقي، وفي تعريفه للمدرج الموسيقي يقول كان المدرج الموسيقي يتكون من أحد عشر خطا وعشر مسافات، وقد اكتفى رجال الموسيقى بخمسة خطوط وأربع مسافات، لكي تسهل قراءة الخطوط بسرعة النظر. أما النوتات الموسيقية أو رموز الأنغام وإيقاعها فهي توضح زمن إيقاع النغم واسمه، وتوضح زمن إيقاع الأنغام عن طريق أشكالها المختلفة كما توضح أسماء الأنغام المختلفة، حسب مركزها على المدرج الموسيقي. وعن السكتات تقول الموسوعة: السكتة هي البرهة التي ينقطع فيها الصوت الموسيقي وللسكتات علامات خاصة تبين مدة انقطاع الصوت فيها. أما المفاتيح الموسيقية فتوضع في أول المدرج الموسيقي وهي رموز من شأنها تحديد أسماء النوتات، وبيان مكانها في الوقت ذاته من سلسلة الأصوات الموسيقية في تعاقبها والمفاتيح الموسيقية ثلاثة: مفتاح فا ومفتاح دو ومفتاح صول.

السلم الموسيقي

أما السلم الموسيقي فتقول عنه الموسوعة: يسمى بالسلم المنتظم كل تعاقب من الأنغام التي تتدرج في انتقالها المتصل وفق القوانين المقامية، وتتعاقب أنغام السلم السبع هكذا: دو – ري – فا – صول – لا – سي.. ويضاف إليها نغمة ثامنة وعندئذ تسمى بالسلم المنتظم. والنغمة الثامنة ليست سوى تكرار للنغمة الأولى، ولكن من مسافة ثماني درجات أوكتاف أعلى منها. أما الموازين الموسيقية فهي الأقسام الصغيرة التي تقسم إليها القطعة الموسيقية، وسلم مقام الراست هو السلم الأساس للموسيقى العربية، ويتركب من ثماني درجات مرتبة ترتيبا سلميا تبدأ من درجة دو.

بعد ذلك تورد الموسوعة أسماء عدد من أشهر الموسيقيين مثل: يوهان سباستيان باخ، أنطونيو فيفالدي، جورﭺ فردريك هاندل، جوزيف هايدن، موتسارت، لو دفيغ فان بيتهوفن، فردريك شوبان، روبرت شومان وغيرهم. وإجابة عن سؤال «لماذا يعزف الناس الآلات الموسيقية؟» يقول دياب: يتعلم الناس العزف على الآلات الموسيقية لأسباب عديدة منها تعلم مهارات جديدة، أو المشاركة في عمل موسيقي جماعي مع الآخرين، أو الحصول على دخل مادي، فيما يعزف آخرون لمجرد الاستمتاع بأوقات فراغهم، أما أفضل ما في الموسيقى فإنها تجمع الناس معا.

البيانو

بعد ذلك يقوم دياب في موسوعته بتعريف بعض الآلات الموسيقية، فيعرف البيانو بأنه آلة موسيقية ذات لوحة مفاتيح، يقوم العازف بالضغط على المفاتيح بأصابعه وتقوم مطارق متصلة بتلك المفاتيح وموجودة في داخل البيانو بطَرْق الأوتار التي تهتز بدورها مُصْدرة الصوت، ويصدر الصوت من البيانو عن طريق اهتزاز الصوت واهتزاز أوتار البيانو، يعمل على إرسال موجات صوتية إلى الأذن. وفي هذا الصدد يقول فلاديمير هوروويتز: أنا جنرال ومفاتيح البيانو هم جنودي وعليّ أن أتحكم فيهم، آمرهم، حتى أنتصر وأصل إلى هدفي وأنجح في عزف أجمل المقطوعات الموسيقية. وتضيف الموسوعة، أن تعلم العزف على آلة البيانو يساعد على تعلم العزف على أي آلة موسيقية أخرى في ما بعد. وتعرّف الموسوعة الجيتار بأنه آلة وترية مثل الفيولين والكمان، يمكن العزف عليها من خلال الإمساك بوتر واحد، أو عن طريق مجموعة من الأوتار مع بعضها في وقت واحد لعمل تناغم. أما عازف الجيتار فيمكنه أن يعزف جالسا أو واقفا وبيد واحدة. أما أشهر عازفي الجيتار في العالم فتذكر الموسوعة منهم كرستين كلوناشي، برتغو جورج، أنور كلندر الكويتي وسمير حبيب المصري.

الفيولينه

أما آلة الفيولينه فهي آلة وترية يمكن العزف عليها من خلال تمرير قوس على أوتارها، أو بنبر الوتر باستعمال أصابع اليد اليمنى وهي تُحمَل ما بين الرقبة والكتف وتتغير نغماتها من خلال ضغط أصابع اليد اليسرى على الأوتار. وعن هذه الآلة يقول ألبرت أينشتاين: ما الذي سيحتاجه الإنسان ليكون سعيدا أكثر من مائدة، مقعد، وسلة فاكهة وآلة فيولينه. في الجزء الثاني من الموسوعة يقول دياب: هناك كثير من الناس في مختلف دول العالم يعتبرون أن لكل آلة موسيقية شخصية معينة تتناسب مع الشكل الموسيقي، أو القالب الموضوعة فيه تلك الآلة، وتتناسب مع الدور الذي تؤديه وتعبر عنه، ولكل آلة موسيقية صوت معين ونوتة معينة وطريقة عزف خاصة بها. وفي تعريفه لآلة الترومبيت يقول: الترومبيت آلة موسيقية هوائية نحاسية تتألف من أنبوبة أسطوانية، وتنتهي بشكل يشبه الجرس، ويضاف إلى ذلك عدد من الأنابيب الأسطوانية المستقيمة المتوازية، وتحتوي على ثلاثة ضواغط تستخدم لتغيير طول العمود الهوائي في داخل الآلة. وهناك عدة أنواع من هذه الآلة وهي: سي بيمول، دو، لا، لكن المستعمل منها حاليا في الأوركسترا هو السي بيمول. ومن أشهر عازفي الترومبيت في العالم: موريس آندريا، توماس ستيفن، روجر فوسين، وينتون مارسيلس وأرتورو ساندرفال.

الفلوت

وحين يعرف دياب آلة الفلوت يقول: آلة الفلوت هي آلة من عائلة آلات النفخ الموسيقية التي تعزف بواسطة النفخ لأسفل، والفتحات الموجودة على آلة الفلوت توضع عليها أصابع كلتا اليدين لتغطيتها أو كشفها، وبذلك يتم تغيير الدرجات الصوتية أو النوتة. وعن الفلوت يقول جوان بوديجتون: بعد 34 سنة من العزف على الآلات الموسيقية، ما زالت تطربني أصوات الفلوت المصممة للأوركسترا. وتصنع معظم آلات الفلوت الحديثة من المعدن ولا يزال البعض يفضلون الفلوت الخشبي. وأبرز الشخصيات في تاريخ الفلوت هم: جين بيير رامبل الفرنسي، والأيرلندي جيمس جالدي وروبرت ديك وجورج زامفير. وعن الفلوت يقول الفيلسوف اليوناني أريستوتل: الفلوت ليست آلة ذات تأثير عقلي، ولكنها مثيرة، ولها تأثير عاطفي كبير.

أما آلة الكلارينت فهي آلة خشبية تصنع أحيانا من البلاستيك طورها الألماني يوهان كريستوف دينر حوالي عام 1700 ميلادية وهي تشبه الأنبوبة الضيقة، وعن هذه الآلة يقول العازف جوليان بليز: عندما كان عمري أربع سنوات سمعت موسيقى الكلارينت من أحد العازفين وسألتني والدتي: أتريد أن تمتلك واحدة؟ فقلت لها نِفْسي، فقد كانت تعتقد أنه اهتمام كبير. ومن أشهر عازفي هذه الآلة: جاك بريمر، ساين ماير، دون بيرون. وعن آلة الدرامز تقول الموسوعة: طبلة الدرامز عبارة عن أسطوانة من نسيج يغطي الطبلة أو الأسطوانة ويتميز الدرامز عن باقي الآلات الموسيقية بأنه سهل العزف والتعلم عليه، ويصنع الدرامز من المعدن، فيما كان يصنع قديما من الخشب المجوف. ومن أبرز عازفي الدرامز عالميا: ميتش ميتشل، جيمس هاندركس، بودي ريش، هاري جود، مانيو كاتش، إيفيلين جلين، إضافة إلى العازف المصري نبيل يحيى هاشم والعازف البحريني وجيه حسن عبدالله.

لغة الموسيقى

وفي الموسوعة نقرأ: أجمل لغة هي لغة الموسيقى، وأفضل صديقة هي الآلة الموسيقية التي تكون معك في كل مكان.

وبعد، هذه جولة خاطفة في الجزء الأول والثاني من موسوعة الآلات الموسيقية لمؤلفها عمرو عبده دياب، الذي سعى جاهدا فيها إلى تبسيط علم الموسيقى وتقريبه بشكل ممتع وشيق حتى إلى القارئ العادي غير المتخصص في الموسيقى، ولا يهمه منها سوى أن يستمع إلى الإيقاعات المختلفة لمجموعة الآلات الموسيقية التي تتجاور لتكوّن معا لحنا ونغما يمنح كل من يقترب منه متعة لا حدود لها.

كاتب مصري








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي