سكان قرية تونسية يعانون بسبب شحّ المياه والتغير المناخي  

أ ف ب-الامة برس
2023-12-06

 

 

مرشات ري تستخدم مياه ماخوذة من محطة لمعالجة المياه المبتذلة في سليانة في شمال غرب تونس بسبب الجفاف المتواصل والناجم عن التغيير المناخي في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 (ا ف ب)   تونس: تقود ونيسة مزهود حمارها الذي يتدلى من على ضهره دلوا ماء فارغان وتسلك طريقا جبلية وعرة في قرية أولاد عمر التونسية للوصول إلى آخر نبع ماء بدأ ينضب بسبب قلّة الأمطار الناجمة عن التغير المناخي.

على غرارها، يعاني الكثير من سكان القرى في عدد من المناطق الريفية النائية في البلاد، من ندرة المياه بسبب الجفاف المتواصل منذ ثمانية أعوام، بحسب وزارة الزراعة.

تستيقظ ونيسة كما باقي سكان قرية أولاد عمر التي تبعد عن العاصمة تونس حوالى 180 كيلومترا، مع هاجس البحث عن مصدر للمياه النظيفة بين ثنايا الجبال والهضاب .

تفصح القروية التي تقطن منطقة من بين أخصب الأراضي المشهورة بانتاج القمح والخضروات في البلاد "نحن موتى أحياء منسيين من قبل الكل، لا ماء لا طريق لا مساعدات لا منازل لاشيء".

يبعد أقرب نبع ماء عن مسكن ونيسة نحو ساعة مشيا على الأقدام في مسالك جبلية خطرة.

وتضيف بينما تنحني لملء الدلو بمياه الينبوع العكرة "نشعر بآلام في الظهر والرأس والمفاصل لأننا نشقى من الصباح إلى الليل (بما في ذلك لجلب الماء)".

- "نقص فادح في الماء" -

يتوقع البنك الدولي في تقاريره أن تعاني دول شمال افريقيا والشرق الأوسط من "نقص فادح في الماء" بحلول العام 2030 بحصة أقل من 500 متر مكعب للفرد الواحد سنويا.

وتونس المصنفة من بين 33 دولة في العالم مهددة بندرة المياه، وقد تراجع فيها نصيب الفرد إلى 450 مترا مكعبا سنويا، وفقا لمنظمة "ورلد ريسورسز انستيتيوت" الأميركية.

تبلغ نسبة امتلاء السدود في البلاد والتي تمثل المصدر الأول للزراعة والشرب 22%، فيما 20 من مجموع 37 سدّا خارج الخدمة خصوصا تلك المتواجدة في جنوب البلاد ذي المناخ الصحراوي.

أقرّت السلطات الزراعية منذ ربيع العام الفائت حصصا لتوزيع المياه الصالحة للشرب من خلال قطع الماء لمدة سبع ساعات ليلا بهدف ترشيد الاستهلاك داخل الأحياء التي تشهد كثافة سكانية.

ولكن في القرى الريفية المهجورة من السكان تقريبا، حيث تؤثر ندرة المياه أيضًا على الزراعة والماشية التي يعتمد عليها السكان المحليون بشكل كبير، لقلة توافر مصادر المياه وقع أكبر.

تقطن قرية أولاد عمر 22 عائلة تتقاسم النبع الوحيد الذي ينتج فقط حوالى 10 لترات من الماء يوميًا التي يقول القرويون إنها "غير صالحة للشرب".

أخذ مربي المواشي الثلاثيني رمزي السبتاوي، على عاتقه جلب الماء لعائلته كل يوم بالسيارة من أقرب مصدر للمياه النظيفة يبعد حوالى 20كيلومترا في مدينة مكثر المتاخمة.

يقول رمزي "كان الوضع أفضل خلال الثلاث سنوات الفائتة بوجود العديد من الينابيع التي نستعمل مياهها في الشرب وفي المنزل، لكن تغيرت الأحوال اليوم وجفت الينابيع بسبب التغير المناخي".

وفضلا عن نقص المياه، الطريق الوحيد المؤدي إلى القرية متهالك على مسافات طويلة ولم يتم تعبيده منذ عقود. ويقول القرويون إن ذلك يزيد من شعورهم بالعزلة.

وفي محاولة لحمل السلطات على التحرك، قطع بعض سكان أولاد عمر مسافة 50 كيلومترا تقريبا إلى مدينة سليانة للاحتجاج أمام مقر المحافظة الإداري، مطالبين بطريق معبد والحصول على المياه النظيفة.

وتعتبر الباحثة هدى مزهود والتي تطالب بحصول أولاد عمر على المياه النظيفة منذ العام 2020، "ليس لديهم مصدر لمياه الشرب، ولا حتى الصنابير". وتضيف لوكالة فرانس برس "نتيجة لذلك، يستخدمون مصدرًا طبيعيًا، ولكن مع تغير المناخ بدأ يختفي".

- "يهاجرون" -

يشعر بعض القرويين أنهم مجبرون على النزوح إلى المناطق الحضرية أو حتى الهجرة إلى خارج البلاد بسبب عدم توافر مياه الشرب في المنازل لنحو 300 ألف شخص، بحسب منظمة "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" غير الحكومية والتي تعنى بالمسائل الاجتماعية.

وتروي جميلة مزهود (60 عاماً) قريبة ونيسة، أن ابنها وابنتيها يقيمون  في أماكن أخرى بحثاً عن حياة أفضل، لأنهم لم يتمكنوا من البقاء في القرية.

وتقول "لقد علمنا أطفالنا حتى يعتنوا بنا عندما نكبر، لكنهم لم يستطيعوا ذلك (..) الناس إما عاطلون عن العمل أو يهاجرون (بطريقة غير نظامية) بحرا".

وتؤكد جميلة إن عائلات بأكملها غادرت القرية. وتقولوهي تشير إلى منزل صغير على مسافة "بيوتهم لا تزال فارغة، لقد تبعوا أطفالهم حتى عندما كبروا...هل يستطيع رجل يبلغ من العمر 80 عاما أن يذهب إلى النبع لجلب الماء؟".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي