كيسنجر أحدث تحولا موضع جدل في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط  

أ ف ب-الامة برس
2023-12-01

 

 

   وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر (يسار) مع الرئيس المصر أنور السادات في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1973 في القاهرة (أ ف ب)   واشنطن: جال هنري كيسنجر قبل حوالى خمسين عاما في الشرق الأوسط مبتكرا ما يُعرف بـ"الدبلوماسية المكوكية"، سعيا لبناء نظام عالمي جديد بزعامة الولايات المتحدة بعد حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973 بين إسرائيل والدول العربية.

ويترك عملاق الدبلوماسية الأميركية الذي توفي الأربعاء عن مئة عام، إرثا موضع جدل كبير في قسم واسع من العالم، فيما تشيد الولايات المتحدة بدوره كوسيط بين إسرائيل والدول العربية، على الرغم من النزاع المتواصل بين إسرائيل والفلسطينيين وصولا إلى الحرب المحتدمة حاليا بين الدولة العبرية وحركة حماس في قطاع غزة.

عند اندلاع الحرب في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 1973 مع شن مصر وسوريا هجوما مباغتا على إسرائيل، كان كيسنجر في أوج نفوذه فيما الرئيس ريتشارد نيكسون يتخبط في فضيحة ووترغيت.

أدرك كيسنجر أن الرئيس المصري آنذاك أنور السادات، يريد خصوصا إنعاش اقتصاد بلاده المتعثر بدل تركيز جهوده على التصدي لإسرائيل.

وأوضح غوردن غراي الدبلوماسي الأميركي السابق أن كيسنجر "أدرك بسرعة الفرصة الإستراتيجية التي يتيحها الرئيس السادات وأعماله"، مشيرا إلى أن وزير الخارجية السابق كان قادرا على إبداء "مثابرة كبيرة" كمفاوض عند الحاجة.

وقال سليم يعقوب المؤرخ المتخصص في السياسة الخارجية الأميركية في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا "ما أدركه كيسنجر، هو أنه عندما لا تعود مصر في مواجهة مع إسرائيل ... فإن قدرة الأطراف العربية الأخرى التي لها مطالب ضد إسرائيل، سوريا والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية، ستتراجع إلى حد كبير".

- إستراتيجية "بارعة" و"مدمرة" -

وكان كيسنجر الذي كان ينظر إلى العلاقات الدولية من منظار واقعي، يعتبر أن كل الدول تلاحق في المقام الأول مصالحها الخاصة، رافضا التحدث عن اتفاقات سلام بل عن اتفاقات ترمي إلى منع وقوع حرب.

ووضع بين أهدافه الرئيسية في ظل الحرب الباردة إضعاف الاتحاد السوفياتي الذي خسر بفضل سياسته حليفه المصري، معتمدا بهذا الصدد إستراتيجية وصفها يعقوب بأنها "بارعة" و"مدمرة" في آن.

ورأى كيسنجر أن هذا سيمكّن إسرائيل من الاحتفاظ بسهولة أكبر بالأراضي التي احتلتها في 1967، أي الضفة الغربية والقدس الشرقية والجولان، وكذلك قطاع غزة الذي سيطرت عليه حركة حماس عام 2007 بعد أقل من سنتين من انسحاب إسرائيل منه بصورة أحادية.

وعند إعلان وفاة كيسنجر، حيا الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتزوغ الدبلوماسي الذي وضع "حجر الزاوية لاتفاق السلام" بين إسرائيل ومصر.

وبعد فوز جيمي كارتر على جيرالد فورد في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 1976، غادر كيسنجر مهامه مع اعتماد الرئيس الديموقراطي الجديد سياسة خارجية جديدة تقوم على حقوق الإنسان.

وكان كيسنجر الذي فرت عائلته من ألمانيا النازية، أول وزير خارجية أميركي يهودي، لكنه حرص على عدم تسليط الضوء على ذلك ولا سيما في حضور ريتشارد نيكسون المعروف بتعليقاته المعادية للسامية.

- انتقادات -

غير أنه واجه اتهامات بتأخير عملية تسليم أسلحة لإسرائيل عام 1973 على أمل أن تكون الدول العربية أكثر استعدادا للتفاوض إذا ما حققت بعض الانتصارات العسكرية.

وسخر الدبلوماسي خلال اجتماع في البيت الأبيض من مطالبة إسرائيل واشنطن بالضغط على موسكو لتسمح لليهود بالهجرة، معلنا أن هذا الأمر لن يكون من اهتمامات الولايات المتحدة لو قام الاتحاد السوفياتي بـ"وضع اليهود في غرف غاز".

وعند كشف هذا التصريح عام 2010، اضطر كيسنجر إلى تقديم اعتذارات علنية نادرة. وفي بادرة غير معهودة أخرى، ألقى بعد مغادرة مهامه خطابا اعتبر فيه أمن إسرائيل "واجبا أخلاقيا لكل الشعوب الحرة".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي