دين ودنياتقاريرملفاتتحليلاتحقوق وحرياتنقطة ساخنةهجرةالأزهر الشريف

ألعاب الفيديو سلاح التضليل الجديد في الحرب الإعلامية بين إسرائيل وحماس

ا ف ب - الأمة برس
2023-10-20

صورة من داخل مكتب في العاصمة الأميركية واشنطن في 28 كانون الأول/ديسمبر 2022 تظهر شاشة كمبيوتر عليها أربع نوافذ لـ"يوتيوب" تعرض مقاطع قتالية من لعبة الفيديو الحربية "أرما 3" (ا ف ب)

بموازاة احتدام النزاع الدائر بين إسرائيل وحركة حماس على أرض الواقع، تعج الشبكات الاجتماعية بمقاطع مأخوذة من ألعاب الفيديو تتسم في الظاهر بواقعية كبيرة لكنها تُستخدم لنشر معلومات مضللة.

انتشر مقطع فيديو على نطاق واسع على فيسبوك بعنوان "حماس تسقط مروحيتين إسرائيليتين"، وآخر حول "استعراض" أجرته "القوات المسلحة الباسلة في مالي" ضد الجماعات الجهادية، أو حتى مقطع فيديو حول "مروحية روسية" ضد "مدفع هاوتزر أوكراني".

تزعم الفيديوهات كلها أنها تنقل مقاطع حقيقية عن اشتباكات بالصواريخ، أو تفجيرات لدبابات بواسطة مسيّرات، أو إسقاط طائرات مقاتلة في بيئة واقعية للمدن المحترقة. 

لكن في الواقع، هذه اللقطات مأخوذة من "أرما 3" ("Arma 3")، وهي لعبة فيديو قتالية طورها الاستوديو المستقل "بوهيميا إنترأكتيف" Bohemia Interactive ومقره في تشيكيا.

وقد استمر تحويل مقتطفات كثيرة من ألعاب الفيديو الحربية على مدى السنوات العشر الماضية لإنتاج لقطات مقدّمة على أنها حقيقية للصراعات، بدءاً من الحرب في سوريا إلى الغزو الروسي لأوكرانيا.

ففي عام 2017، نشر الجيش الروسي، على سبيل المثال، على حسابيه الرسميين على تويتر وفيسبوك صوراً جوية بالأبيض والأسود التُقطت، بحسب قوله، على الحدود العراقية السورية، وقدّمها كدليل "قاطع" على أن الولايات المتحدة وفّرت "غطاء" لتنظيم الدولة الإسلامية... قبل أن تقارن منظمة "كونفليكت إنتلجنس تيم" ("فريق استخبارات الصراع") غير الحكومية إحدى هذه الصور بلعبة الفيديو الحربية "AC-130 Gunship Simulator: Special Ops Squadron".

وبعد حذف هذه الصور بسرعة، أكد الجيش الروسي لوكالة ريا نوفوستي العامة أن ذلك كان "خطأ" من جانب موظف مدني.

إمكانات انتشار واسع

غالباً ما تكشف فرق تقصي صحة الأخبار في وسائل الإعلام المختلفة عن زيف هذه المعلومات المضللة، بينها وكالة فرانس برس التي كشفت عن عدد كبير منها، بما في ذلك واحدة في 12 تشرين الأول/أكتوبر تدعي أنها تُظهر مروحيات إسرائيلية أسقطتها حركة حماس الفلسطينية، وتُرجمت إلى لغات عدة وتمت مشاركتها على منصات عدة ( فيسبوك، إكس، تيك توك).

وكتب المطورون في "بوهيميا إنترأكتيف" على موقع الاستوديو في 10 تشرين الأول/أكتوبر أن "مقاطع الفيديو التي أنشأها المستخدمون لديها القدرة على الانتشار على نطاق واسع وتتم مشاركتها على نطاق واسع من جانب مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وأحياناً حتى من وسائل الإعلام الرئيسية أو المؤسسات الحكومية الرسمية حول العالم".

وقد وقعت وسائل إعلامية حتى في فخ هذه المقاطع المضللة: على سبيل المثال، عرضت قناة "رومانيا تي في" الرومانية، في تشرين الثاني/نوفمبر، مقطع فيديو قديماً من لعبة "أرما 3" عُرض على أنه يظهر القتال في أوكرانيا، وعلّق على الصور وزير دفاع سابق وكذلك رئيس المخابرات السابق.

كيف كان ذلك ممكناً، خصوصاً في ظل الطبيعة الأقل تعقيداً للمعلومات المرتبطة بألعاب الفيديو، والتي يسهل التحقق منها أكثر من مقاطع "التزييف العميق" التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء صور واقعية للغاية؟

أوضحت كلير واردل، المديرة المشاركة لـ"إنفورميشن فيويتشز لاب" (مختبر المعلومات المستقبلية) في جامعة براون في الولايات المتحدة، لوكالة فرانس برس في كانون الثاني/يناير الماضي، أنه "مع تحسن التقنيات البصرية في ألعاب الفيديو، يمكن أن تبدو الصور المولدة بالكمبيوتر للوهلة الأولى حقيقية".

ويقول الخبير الفرنسي في شؤون التطرف عبر الإنترنت تريستان مينديز فرانس "إن الزيادة المذهلة في الواقعية لألعاب محاكاة الحرب هذه هي التي تزعج أولئك الذين قد يتعرضون لهذا النوع من المحتوى ويخطئون فيها على أنها صور حقيقية".

يحصل ذلك خصوصاً وأن لعبة مثل "أرما 3" تتميز أيضاً بكونها قابلة للتعديل على نطاق واسع من جانب اللاعبين، الذين يمكنهم إنشاء مناطق جديدة للمواجهة أو مركبات أو أسلحة أو معدات أو سيناريوهات، بسهولة شديدة وبتكلفة قليلة، عبر مولدات الصور عبر التوليد الذكاء الاصطناعي، مثل ميدجورني.

ولتجنب الوقوع في الفخ، قدّم مبتكرو اللعبة سلسلة إشارات مرئية وصوتية للمساعدة في تمييز صور ألعاب الفيديو عن تلك الحقيقية، مثل الانفجارات، التي يصعب تجسيدها بصورة "طبيعية" حتى من "ألعاب الفيديو المعاصرة".

وفي إحصاء أرسل إلى وكالة فرانس برس الأربعاء، أحصت شركة مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي "فيزيبراين" 209,6 مليون رسالة مرتبطة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.

وعلى سبيل المقارنة، فإن هذا يزيد بنسبة 84% عن الحجم المسجل خلال كأس العالم لكرة القدم 2022، وهو أحد أكثر الأحداث التي يتم الحديث عنها في العالم.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي