فرنسا تكرّم مدرّسَين قتلا على أيدي متطرفين وماكرون يدعو إلى "عدم التسامح"

ا ف ب - الأمة برس
2023-10-16

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء وصوله إلى مدرسة في أراس شمال شرق فرنسا، في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بعد مقتل مدّرس في هجوم بسكين (ا ف ب)

باريس - وقف التلاميذ والأساتذة في كل مدارس فرنسا دقيقة صمت اليوم الاثنين تكريماً للمدرّس الذي قُتل على يد طالب سابق متطرّف في شمال البلاد الجمعة، والأستاذ سامويل باتي الذي قُتل قبل ثلاث سنوات، في وقت دعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى عدم التسامح في مواجهة الأيديولوجيات الإرهابية.

وتعهّد الرئيس الفرنسي، بعد ثلاثة أيام على مقتل المدرّس دومينيك برنار طعناً أمام مدرسة في أراس، أن تظلّ المدرسة "حصناً في مواجهة الفكر الظلامي" و"ملاذاً" للطلاّب والمعلّمين.

وسيحضر ماكرون وزوجته بريجيت مراسم دفن برنار صباح الخميس في كاتدرائية أراس، بحسب ما أكد الاثنين كل من الأبرشية وقصر الإليزيه لوكالة فرانس برس.

وتكريم برنار الذي نُظم الاثنين وسط تعزيز الأمن في فرنسا في مواجهة التهديد بهجمات، سبقه تحذير بوجود قنبلة في مدرسته في الصباح، ما استدعى إخلاءها، ورُفع التحذير ظهراً.

وأكد وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أنّ 168 تحذيراً بتفجيرات استهدفت المؤسسات التعليمية منذ بدء السنة الدراسية في مطلع أيلول/سبتمبر. 

وقال ماكرون إنّ مقتل المدرّس برنار "يذكّر بشكل مأسوي باغتيال" المدرس سامويل باتي، الذي قُطع رأسه على يد إسلامي في إحدى الضواحي الباريسية قبل ثلاث سنوات، بعد أن عرض رسومًا كاريكاتورية تمثل  النبي محمد خلال الفصل الدراسي.

وأكدت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن الاثنين في مدرسة بوا دولن، في كونفلان سانت أونورين حيث كان يدرس أنّ "الجمهورية لن تنحني أبدًا في وجه الإرهاب".

وتخليداً لذكراهما، وقف التلاميذ والأساتذة الإثنين دقيقة صمت في كل المدارس في فرنسا عند الثانية بعد الظهر (12 ظهراً بتوقيت غرينتش)، فيما تمّ تأجيل وقت استئناف الدراسة في المدارس إلى الساعة العاشرة صباحاً لإتاحة الوقت للمناقشات بين الطلاّب والمعلّمين.

وقال بنجامين مارول، وهو مدرّس في ضواحي باريس "من المهم جدًا أن نجتمع معًا فهذا يخفف التوتر".

وقال وزير التربية الوطنية غابرييل أتال الأحد متحدثًا عن المعلمين إنّ "الذي قُتل واغتيل هو واحد منهم". وأضاف "سيتمكّنون معاً من إيجاد الكلمات لمخاطبة طلابهم والإجابة على أسئلتهم"، مؤكداً أنه لن يتم التسامح مع "أي استفزاز" خلال هذا التكريم.

أدى هجوم أراس الذي نفّذه شاب يبلغ 20 عاماً ولد في روسيا ومتّهم بالتطرّف الإسلامي وأسفر عن جرح ثلاثة أشخاص أيضاً، إلى إحياء المخاوف في البلاد خصوصاً بين المعلّمين.

مُسجل متطرف

قبل بداية التكريم، قال أحد مستشاري الرئيس للصحافيين إنّ ماكرون يريد أيضاً من وزرائه أن "يجسّدوا دولة غير متسامحة تجاه كلّ من يعبرون عن الكراهية والأيديولوجيات الإرهابية".

وأعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان الاثنين، عقب اجتماع أمني ترأسه إيمانويل ماكرون بعد هجوم أراس، أن الحكومة تريد تسريع طرد 193 أجنبياً متطرفاً في وضع غير نظامي. 

ومن بين هؤلاء الـ 193 المسجلين في ملف الأشخاص المتطرفين هناك 85 "ليسوا حالياً بلا شك على الأراضي"، حسبما أوضح مقرّبون من الوزير لوكالة فرانس برس، موضحين أنه تم طلب "التحقيق على أساس كل حالة على حدة"، بشأن هؤلاء الناس. وقال الوفد المرافق للوزير إن في المجمل، ستتم إعادة النظر في وضع 2852 أجنبياً نظامياً مسجلين في ملف الأشخاص المتطرفين. 

يتحدّر مهاجم أراس محمد موغوشكوف من جمهورية إنغوشيا الروسية في القوقاز، وكان قد أُدراج في "الملف إس" لأمن الدولة وأخضعته الاستخبارات المحلية للمراقبة مؤخرًا. وكان قد تمّ ترحيل والده في العام 2018 بتهمة التطرّف، كما سُجن شقيقه الأكبر لمشاركته في هجوم مخطّط له يستهدف الإليزيه.

وفي العام 2014، خضعت عائلة المهاجم لإجراءات ترحيل تم إلغاؤها لاحقاً.

وأعلنت السفارة الروسية في باريس الاثنين أن موغوشكوف الإسلامي المتحدّر من القوقاز الروسي، أصبح متطرفاً في فرنسا، إذ كان طفلاً عندما وصل إليها مع عائلته. 

وقالت السفارة "نود أن نلفت الانتباه إلى حقيقة أنه وصل إلى فرنسا في سن الخامسة ويعيش في هذا البلد منذ ذلك الحين. ومن الواضح أن تطرفه لم يحدث في روسيا"، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الروسية تاس.

سياق عنيف

وُضعت فرنسا الجمعة في حالة تأهّب لـ"هجوم طارئ"، وقررت الحكومة نشر 7 آلاف جندي في الداخل، بعد هجوم أراس وفي مواجهة خطر انتقال أصداء الحرب بين إسرائيل وحماس إلى أراضيها.

كذلك، أعلن وزير التربية الوطنية، الذي طلب تعزيز الأمن حول جميع المؤسسات، نشر ألف عنصر أمني من الوزارة.

وقالت ماري ترافير مدرّسة الرياضيات في إحدى المدارس في بيتون بالقرب من رين غرب فرنسا، "السياق العنيف هو ما يقلقني، بالنسبة لطلّابي في الصف السادس".

وأضافت "علينا أيضاً أن نقوم بتمارين (مواجهة) هجوم واقتحام في المدرسة هذا الأسبوع، ونتحدث مرة أخرى عمّا حدث لسامويل باتي. إنه أمرّ مقلق جدًا".

من جهته، أشار وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان الذي دعا إلى "الطرد المنهجي لأيّ أجنبي... تعتبره أجهزة الاستخبارات خطراً"، إلى احتمال وجود "صلة" بين الهجوم والنزاع المدمّر الدائر بين إسرائيل وحركة حماس.

وقال مصدر في الشرطة لوكالة فرانس برس إنّ المهاجم محمد موغوشكوف، "لم يتحدّث" منذ إلقاء القبض عليه. وكان شهود عيان قد أفادوا بأنّه صاح "الله أكبر" عندما طعن المدرّس في أراس. وكان ما زال ثمانية أشخاص آخرين رهن الاحتجاز الأحد.

وأوضح غابرييل أتال أنّ "المعلّمين كانوا قد قدّموا بلاغات بحقّ هذا الطالب وإخوته، قبل عدة سنوات".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي