"جحيم" مناجم الفحم الهندية يشتعل منذ قرن

ا ف ب - الأمة برس
2023-07-15

صورة تعود إلى السابع من تموز/يوليو 2023 لامرأة تجمع الفحم في منجم فحم مفتوح في ضواحي دانباد في ولاية جهارخاند الهندية (ا ف ب)

تندلع الحرائق منذ قرن في مناجم الفحم في ولاية جارخاند الهندية، حيث تخاطر الشابة سافيتري ماهتو بحياتها، مثل 100 ألف شخص آخرين، لجمع الفحم.

تقول الشابة البالغة 22 عاماً والتي تجمع الفحم بطريقة غير شرعية وسط ألسنة اللهب على حافة منجم تجاري كبير مفتوح، إنّ "الأرض باتت متفحّمة بسبب الحرائق". وتضيف "نعيش في خوف كلّ يوم".

وفق العلماء، حفرت الحرائق تحت الأرض، التي سبّبتها حادثة منجم في العام 1916، شقوقاً في الأرض تتعمّق وتبتلع كلّ شيء، من الناس إلى المنازل.

وتقول سافيتري ماهتو التي تحلم بأن تصبح ممرّضة "من الخطر العيش هنا"، مضيفة أنّ "المنازل قد تنهار في أي وقت". 

كذلك، يفيد جامعو الفحم وناشطون بأنّ مئات الأشخاص لقوا حتفهم على مدى عقود.

وتقول سافيتري موتو لفرانس برس وهي منشغلة حول كومة من الجمر تنتج من خلالها فحم الكوك وهو وقود مضغوط يُستخدم بشكل خاص للطهو ولتشغيل أفران الطوب، إنّ "حوادث عدة وقعت ولا تزال لأنّ الأرض تنهار".  

من جهته، يخشى بائع الخضر أرجون كومار (32 عاماً) الذي فقد منزله بسبب انهيار أرضي، من أنّ "حياته ستتحوّل إلى جحيم" إذا لم يُعد إسكانه، فيما "يُجبَر على العيش في الشوارع مثل المتسوّل". 

تضاعف استهلاك الفحم في الهند، البلد الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم وخامس قوة اقتصادية عالمياً، خلال العقد الأخير، مغذّياً تشغيل حوالى 70 في المئة من شبكة الكهرباء في البلاد.

ويأتي نصف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الهند من حرق الفحم، بينما تستهلك الصين الكمية الأكبر.

وفقاً للخبراء، فإنّ جيوب الحرائق التي تحدث في المناجم المكشوفة وتمتدّ على حوالى 300 كيلومتر مربع، تُسهم في تكليس ملايين الأطنان من الفحم ما يؤدي إلى إنتاج كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون.

يطفو دخان رمادي فوق الحرائق ويغطي التضاريس المظلمة والفوضوية، ممّا يخلق مشاهد تشبّه بنهاية العالم.

- مسؤولية تجاه البيئة -  

يقول سميران دوتا مدير الشركة التجارية المشغّلة للمناجم Bharat cocking Ltd، وهي شركة تابعة لشركة Coal India Ltd، "نتحمّل مسؤولية تجاه المجتمع في ما يتعلّق بالبيئة". 

وفقاً لدوتا، فإنّه لا يمكن تحميل شركته المسؤولية عن سلامة الأشخاص الذين يدخلون المناجم بشكل غير قانوني. من ناحية أخرى، يشير إلى أنّ الشركة "اشترت أدوات مختلفة" مثل تلك التي تطلق الرذاذ، على أمل الحد من تلوّث الهواء.

لكنّ الجهود المبذولة لإخماد الحرائق، بما في ذلك استخدام النيتروجين السائل وحفر فواصل بين الحرائق، لا تزال بلا جدوى. 

تحرك سافيتري ماهتو وشاحها لتغطي وجهها الأسود بسبب السخام. وتقول "الهواء ملوّث للغاية"، في إشارة إلى الغازات السامّة التي تحرق العينين والرئتين.

من جهته، يقول آي كي جها المسؤول في إحدى النقابات المحلية إنّ عمّال المناجم يعملون في ظروف مروّعة، مضيفاً أنّ "الفحم أمر حيوي في جهارخاند". ويؤكد أنّ المناجم لا تزال قادرة على إنتاج الفحم لصناعة الصلب لمدّة 200 عام. ووفقاً له، فإنّ "الفحم لن ينتهي أبداً".

يستمرّ الطلب على الكهرباء في الارتفاع في الهند، التي تعدّ ثالث أكبر مصدر للغازات المسبّبة للاحتباس الحراري في العالم، بعد الصين والولايات المتحدة، وذلك في ظلّ وجود طبقة وسطى سريعة التوسّع تحتاج إلى تجهيز منازلها بمكيّفات الهواء والثلاجات على وجه الخصوص.

حتى الآن، أدّى الاحترار بدرجة واحدة فقط إلى جعل الطقس القاسي أكثر تدميراً وفتكاً.

وتشير الهند التي يبلغ عدد سكانها 1,4 مليار نسمة، إلى أنّ انبعاثاتها للفرد الواحد أقل من المتوسط العالمي، لكنّها مع ذلك ملتزمة خفض انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول العام 2070.

بدأت السلطات بإخلاء السكّان الذين يعيشون قرب المناجم في العام 2008، ولكن العديد منهم يشعرون بالحرمان من سبل عيشهم.

وتقول سهيلا ديفي، التي فقدت ابنتها البالغة 15 عاماً في انهيار أحد الأراضي قبل أربعة أعوام خلال جمع الفحم، إنّ لا خيار لديها سوى البقاء.

وتضيف المرأة التي لا تجني سوى ستة دولارات يومياً، "أخاف دائماً أن أواجه المصير ذاته، ولكن لا يمكنّني القيام بشيء"، مضيفة "إذا لم أعمل، ماذا آكل". 

وفقاً لآي كي جها، ففي غياب الخيارات، سيستمرّ التعدين غير الشرعي.

ويقول "السؤال الأساسي يتعلّق بسبل العيش"، مشيراً إلى أنّه "إذا لم تكن الحكومة قادرة (على توفير الوظائف)، سيتعيّن على الناس أن يتعاملوا مع ما تمنحه لهم الطبيعة". 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي