مجلّة "دفاتر الشعر": تحسين الخطيب ورهان على القصيدة المترجمة

متابعات - الأمة برس
2023-04-10

جعفر العلوني

للشعر دفاتر، وللدفاتر أوراق، وللأوراق أسطر قد تكون فارغة وقد تكون مليئة بالأحرف، بالكلمات، بالصور، بالخطوط، بالقصائد، وبالشعر. هذا هو حال مجلّة "دفاتر الشِّعر"، المجلة الإلكترونية المتخصِّصة بالشعر والفنون التي تجاوره، والتي صَنعَ دفترها الأول، الموافق لشهر نيسان/ أبريل الجاري، وحرّره وترجم أوراقه، المترجم والكاتب الأردني الفلسطيني تحسين الخطيب، في جُهدٍ فرديٍّ يُحسَب له.

بعناية واضحةٍ بالصورة والنص، يقدِّم لنا الخطيب خمساً وسبعين ورقة، تنوّعت محتوياتها بين نصوص شعريّة ونثريّة. تصدرت غلافَ العدد صورةٌ للشاعرة والروائية والقاصة الأميركية ساندرا سيسنيروس (1954)، حيث اختار محرّر المجلّة مجموعة شذرات من ديوانها "امرأةٌ بلا خجل" (2023)، مع مقدِّمة تناول فيها أهم محطات حياتها وأعمالها الشعريّة.

إنّها، منذ الصفحة الأولى، إذاً، مجلّةٌ تراهنُ على الشعر وعلى ترجمته، كما يُفصحُ محرّر المجلّة نفسه في مقدّمة العدد، حيث يقول مستعيراً عبارة الشاعر الأميركي روبرت فروست: "إذا كان الشعر هو الذي يضيعُ في الترجمة، فإنّ الترجمة المُثلى للشعر هي تلك التي تضيع فيه: تستحوذ عليه وتتغلغل في أعماق أعماقه، فلا يظلّ من النصّ الأصلي إلّا مقدار ما يبقى من الترجمة فيه. هُنا، تغدو الترجمة في حدِّ ذاتها نصّاً أصليّاً، فلا يشعر القارئ، الذي تتوجّه إليه الترجمة، في الأصل، بأنّه أمام نصّ أجنبي/ غريب، بل واحد كتب بلسانه هو".

ويتابع الخطيب، على سبيل التقديم، في مقدّمته التي حملت عنوان "ما يضيعُ في الترجمة": "إنّ الشاعر-المترجم لا يبحث عن النظير؛ فالنظير هو المثل والسواء والشبه في كلّ شيء، بل عن المُتماهي (المتقّمص، والمستلِب، والمتوحِّد) وعن المتحوّل والمتجاوِز والعابر بإشراقاته في جسد النص وفي روحه أيضاً، وليس العابر الزائل والثابت الذي لا يتبدّل".

احتوى العدد مواد متنوعة لشعراء مختلفين من إسبانيا، والولايات المتّحدة، والسويد، وتركيا، والأرجنتين وتشيلي وغيرها من الدول. كما وردت بين أوراق المجلّة قصائد للشاعر الأردني الفلسطيني جهاد هديب (1967 - 2015)، وأُخرى للشاعر الفلسطيني مهيب البرغوثي، إضافة إلى قصائد كتبها صاحب المجلّة ومحرّرها حملت عنوان "قصائد الأمس".

ونقرأ في العدد "مرثية صوتيّة" للشاعرة التركية غُولتن أكين، و"في الطرف الآخر" للشاعرة الأرجنتينية أليخاندرا بيسارنيك، ومجموعة نصوص "زهرة كاسر الحجر" للأميركي وليام كارلوس وليامز. الشاعر الإيرلندي شيمُس هيني يحضر عبر قصيدته "نشيد".

وفي "ثلاثون قصيدة هايكو"، نقرأ السويدي توماس ترانسترومر، حيث يقول: "ينحني الموت عليّ. مسألة في الشطرنج أنا، والحلُّ لديه". وتحت عنوان "لافتة على نهاية العالم"، نقرأ قصائد للشاعر الأميركي مارك ستراند، إضافة إلى نصوص أُخرى لكلّ من الشاعر البريطاني سايمن أرميتاج، والكندية مارغريت آتوود، والبولندي آدم زغاييفسكي، والتركي أزدمير عسّاف.

على الرغم من التنوّع الشعري والجغرافي واللغويّ للشعراء الموجودين في العدد، استطاعَ تحسين الخطيب - الذي صدرت له العديد من الترجمات؛ من بينها: "العالم لا ينتهي" و"المسخ يعشق متاهته" للأميركي تشارلز سيميك، و"الجذور الثقافية للإسلاموية الأميركية" للكاتب تيموثي مار - أن يتماهى معهم، وينقل قصائدهم ويفصح عن دقائقها وخفاياها بأشد الألفاظ تمثيلاً ودلالة، وهو بذلك يتبنّى مقولة طه حسين: "يجب أن يشعر المترجم بما شعر به المؤلّف".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي