أمريكا والصين ترقعان النظام العالمي القديم.. وروسيا الخاسر الأكبر

متابعات - الأمة برس
2023-02-02

الرئيس الصيني شي جينبينغ (يسار) في بكين في 3 تموز/يوليو 2019 والرئيس الأميركي جو بايدن (يمين) في واشنطن في 17 أيار/مايو 2021 (ا ف ب)

سلط المحلل السياسي والباحث في شؤون الشرق الأوسط "جيمس دورسي" الضوء على دلالات عمليات التسلح الأخيرة في أوكرانيا والسعودية، معتبرا إياها دلالة على تشكل ملامح نظام عالمي جديد.

وذكر "دورسي"، في تحليل نشره موقع "أوراسيا ريفيو" أن العنصر الأول في رسم ملامح النظام العالمي الجديد يتمثل في تزويد المملكة المغربية لأوكرانيا بالأسلحة، باعتبارها أول دولة بجنوب العالم تقدم على هذا الفعل، في إشارة إلى تقديم دبابات روسية الصنع من طراز "T-72B"، بينما تدعم الولايات المتحدة في الوقت نفسه السعودية في تطوير استراتيجية وطنية لتصنيع الأسلحة محليا.

أما العنصر الثاني فهو اتفاقية التحويلات المالية التي أبرمتها روسيا وإيران هذا الأسبوع، والتي جاءت بعد زيارة أجراها الرئيس الصيني "شي جين بينج" إلى السعودية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، والتي يراها "دورسي" دلالة على أن أجزاء من نظام عالمي جديد "ثنائي القطبية" في طور التكوين.

وبالنسبة للقوتين المهيمنتين المحتملتين، الولايات المتحدة والصين، فإن كل منهما تتجهان لبذل جهود في إطار الترتيب لتشكل النظام الجديد، أما روسيا فتتمسك بحالة ما قبل الحرب الأوكرانية، من خلال نشر مرتزقة مجموعة "فاجنر" خارج حدودها، وابتكار طرق للالتفاف على العقوبات الاقتصادية.

أما "القوى الوسطى"، بتعبير "دورسي"، فتسعى لاقتحام مساحاتها الخاصة في إطار النظام العالمي الجديد، والاستفادة من تأثيرها المتوقع تعزيزه في ظل الثنائية القطبية.

ويصف "دورسي" هذه التطورات بأنها أشبه بـ"ترقيع" أمريكي صيني للنظام العالمي القديم، في ضوء اتجاه دول العالم لموازنة علاقاتها بين الدولتين، إضافة إلى تعزيز علاقاتها مع روسيا.

فالمغرب، على سبيل المثل، مدفوع في تسليحه لأوكرانيا بخصومته مع الجزائر، التي عززت علاقات عسكرية واسعة مع روسيا، ويخدم انفصالها عن كثير من دول الجنوب هدف الولايات المتحدة المتمثل في الحفاظ على صدارتها للنظام العالمي، حتى لو تضاءلت قوتها فيه.

لكن ذلك لا يؤثر بشكل أساسي على هدف الصين، المتمثل في إعادة توازن القوة في النظام الحالي لضمان تحويله إلى نظام "ثنائي القطبية".

ويرى "دورسي" أن الخاسر الأكبر في هذه الصفقة هي روسيا تريد، مثل إيران، نظامًا عالميًا جديدًا يتم فيه تقليص حجم الولايات المتحدة.

ومن غير المرجح أن يكون للاتفاق بين روسيا وإيران لإنشاء نظام مراسلة مالية يسمح لمصارفهما بتحويل الأموال فيما بينها والتهرب من العقوبات الغربية التي تمنع وصولهما إلى نظام سويفت العالمي تأثير كبير على هيكل النظام العالمي الجديد، حسب ما يراه الباحث في شؤون الشرق الأوسط.

الأكثر أهمية في علاقات روسيا وإيران هو الاتفاق على 3 آلاف كيلومتر من السكك الحديدية وطرق الشحن البحري والنهري لربط أوروبا بالمحيط الهندي، ما يساهم في إعادة تشكيل شبكات التجارة والإمداد في عالم يبدو أنه مهيأ للتقسيم إلى كتل متنافسة.

وفي المقابل، تعزز الولايات المتحدة هدفها المتمثل في "بقاء التفوق" في النظام الجديد، عبر مساعدة دول مثل السعودية في تطوير رؤية طويلة الأمد للمرة الأولى بشأن أمنها القومي، بما في ذلك صناعة الأسلحة وطنيا.

ومن المتوقع أن تكشف السعودية عن استراتيجيتها بهذا الشأن في وقت لاحق من العام الجاري، وهو ما من شأنه أن يقنن "رؤية المملكة الاستراتيجية للأمن القومي والأمن الإقليمي"، وفقا لما نقله "دورسي" عن الجنرال "مايكل كوريلا"، القائد الأعلى للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، الذي يقدم المشورة لنظرائه السعوديين.

ويمثل اتجاه السعودية الاستراتيجي، وتحديثها العسكري، أفضل رهان للولايات المتحدة "لتعقيد إقامة علاقات دفاعية مماثلة للمملكة مع الصين أو روسيا"، بحسب "دورسي".

فالسعوديون، تحت قيادة ولي العهد، الأمير "محمد بن سلمان"، يدركون أوجه القصور لديهم، و"يبدو أنهم مصممون، للمرة الأولى، على معالجتها بالشراكة مع الولايات المتحدة وإلى حد ما مع المملكة المتحدة"، حسب ما نقله "دورسي" عن المحلل العسكري والمسؤول السابق في البنتاجون "بلال صعب"، مشيرا إلى أن ذلك سيكون له تأثيره على رقعة الشطرنج الجيوسياسية.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي