مؤثرات جيدة وسيناريو ركيك.. “ماكو” يعيد السينما المصرية لرحلة العبارة الغارقة

2021-10-15

يستلهم فيلم "ماكو" حادث العبارة المصرية "سالم إكسبريس"، التي غرقت في منتصف ديسمبر/كانون الأول 1991 قرب سواحل مدينة سفاجا في البحر الأحمر (مواقع التواصل الاجتماعي)

علاء عبد الرازق

يأتي فيلم "ماكو" -الذي نافس في موسم أفلام الصيف هذا العام- بوصفه تجربة جديدة من تجارب التصوير تحت الماء، وهو من إنتاج محمد الشريف وإخراج محمد هشام الرشيدي وتأليف أحمد حليم ومحمد حفناوي.

ويلعب بطولة الفيلم مجموعة من الفنانين أبرزهم: بسمة، ونيقولا معوض، وناهد السباعي، ومنذر رياحنة، وفريال يوسف، وعمرو وهبة، ومحمد مهران، وسارة الشامي.

الحادث

ويستلهم فيلم "ماكو" حادث العبارة المصرية "سالم إكسبريس" التي غرقت في منتصف ديسمبر/كانون الأول 1991 قرب سواحل مدينة سفاجا في البحر الأحمر، بعد اصطدامها بالشعاب المرجانية على بعد 16 كيلومترا فقط من الميناء، مما تسبب في مقتل 476 راكبا أغلبهم من المصريين، ولا تزال العبارة راقدة في أعماق البحر على عمق 32 مترا كموقع يستهدفه عشاق الغوص.

القصة

تدور القصة حول مخرجة الأفلام الوثائقية رنا بهجت (بسمة) التي تسعى لتحقيق حلمها في تقديم فيلم وثائقي يحصد الجوائز، وتتحمس مع فريقها لتصوير فيلم وثائقي عن العبارة "سالم إكسبريس" وعن الطاقة السلبية التي تعم المكان، ويبدأ الفريق الاستعداد للغوص لاستكشاف وتصوير العبارة.

بين سبيلبرغ وماكو

ربما حاول صناع فيلم "ماكو" الاستفادة من تجربة المخرج الأميركي ستيفن ألان سبيلبرغ في فيلمه الشهير "Jaws" المعروف عربيا باسم "الفك المفترس"، التي نقلته من مجرد مخرج شاب يبدأ خطواته في هوليود إلى عالم الشهرة، لكنهم نسوا أو تناسوا أهم ما حققه سبيلبرغ من نجاح.

توافر لدى صناع "ماكو" ميزانية جيدة بمقاييس السينما المصرية: نجوم سينما معروفون، مؤثرات بصرية جيدة في العام 2021، ورغم ذلك لا مجال للمقارنة بتحفة كلاسيكية معروفة مثل "الفك المفترس"، ببساطة لأن السيناريو الجيد وموهبة المخرج هما الفارق رغم الفرق الرهيب في التكونولوجيا، ورغم أن سبيلبرغ نفسه أخفق في أن يجعل الوحش الآلي لسمكة القرش مرعبا بما فيه الكفاية فاستعان بالموسيقى.

دعاية جيدة

لا يكف المملثون في حوارتهم التلفزيونية عن الحديث عن صعوبة العمل، وأجواء التصوير الصعبة، كونه أصعب أدوارهم على الإطلاق، وترى بطلة الفيلم بسمة أن العمل أثار تخوفها في البداية، وأنها لم تكن متأكدة من جدية المشروع، ثم آمنت بالمخرج ورؤيته، ورأت أن هذه التجربة ستفتح باب التجربة والخيال واستخدام الغرافيك في أفلام تالية، والوصول إلى "إنتاج أفلام عن المخلوقات الفضائية".

استغرق الفيلم 4 سنوات من الكتابة والتحضير والتصوير وعمليات المونتاج والغرافيك، ويحسب للفيلم اعتماده على حادثة حقيقية مثل حادث غرق العبارة "سالم إكسبريس"، والمغامرة بتقديم تجربة التصوير تحت الماء من جديد للسينما المصرية، واعتماده على البطولة الجماعية، وتقديم تيمة أفلام سمكة القرش.

ولع بالغوص

لكن لا يكفي عشق المؤلف أو المخرج لرياضة الغوص، أو ولعهما باستكشاف موقع العبارة الغارقة، حتى يكون بوسعهما تقديم فيلم جيد عن استكشاف العبارة، رغم اجتهادهما في خلق تطورات درامية تحت الماء من خشية إصابة أحدهم بغيبوبة السكري ونقص الأكسجين وهجوم سمكة القرش، أو التحولات المفتعلة في سلوكيات الشخصيات، وأغلبها تأتي دون مقدمات أو تمهيد مناسب، مما يستخف بعقلية المشاهد.

غياب المبرر الدرامي

المشكلة الأساسية في السيناريو هي غياب المبرر الدرامي، إذا كان هذا الفريق المتحمس مولعا حقا بتصوير فيلم وثائقي عن العبارة الغارقة، فما الذي يدفعهم جميعا للغوص؟ ألا يكفي مخرجة الفيلم والمصور لخوض التجربة؟ عندما بدا الأمر صعبا وقد يكون خطرا للغاية، لماذا لم يقرروا الانسحاب؟ لماذا يتحول الأبطال فجأة من شخصيات سوية إلى شخصيات شريرة أنانية من دون مقدمات؟

يبدو من شريط الصوت أن أصوات الممثلين تحت الماء تم تسجيلها في الأستوديو ومزجها مع المشاهد التي صورها الممثلون تحت الماء، مما جعله يبتعد عن أجواء الفيلم تماما، خصوصا مع المناقشات الطويلة المملة التي تتم بين أبطال الفيلم تحت الماء بينما الأخطار تحاصرهم.

مجهود جيد

لا بد من الإشادة بالمجهود والإصرار الكبير الذي بذله كل من المؤلف والمخرج لإيجاد منتج لمثل هذه الفكرة الجريئة، وهما يخوضان أولى تجاربهما في عالم السينما، فيلم يتم تصوير أغلب مشاهده تحت الماء، ومن ثم إقناع الممثلين أيضا بهذه الفكرة، بما يتضمن ذلك من تدريبات شاقة للغوص تحت الماء، لكن المجهود الكبير وحده لا يصنع فيلما جيدا، فالقاعدة الأولى أن السيناريو الرديء لا يمكنه أن يصنع أبدا فيلما جيدا.

السينما المصرية تحت الماء

وقدم المخرج نادر جلال التجربتين الأهم في السينما المصرية للتصوير تحت الماء في عامين متتاليين، حيث قدم فيلمه "جحيم تحت الماء" من بطولة سمير صبري وليلى علوي عام 1989، ثم تجربته الأنجح في فيلم "جزيرة الشيطان"، ولعب بطولته عادل إمام ويسرا وأحمد راتب، ليكون من أهم الأفلام التجارية الناجحة التي تناولت تيمة المغامرة والغوص في البحر.

وكان دافع الأبطال قويا لخوض هذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر: هذه المجموعة تشكلت للبحث عن سبائك الذهب الغارقة، فالمبرر قوي لأن يضحي هؤلاء الأشخاص مختلفو الاهتمامات والخلفيات الاجتماعية بوقتهم ومالهم وجهدهم من أجل كنز ثمين.

 

المصدر :الجزيرة

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي