العُماني علي الجهوري يُعيد تدوير المستهلك بإحساس جمالي

2021-09-06

 سرديات جديدة من مواد قديمة

مسقط - يقدّم الفنان التشكيلي العُماني علي الجهوري تجربته الفنية بعمق الرؤية الفنية البصرية المُغايرة، فهو يسلك واقع الفن من خلال تجميع بقايا الحديد المُستهلكة وإعادة تدويرها بواسطة اللحام الحراري، ليخرج بها قطعة فنية مبهرة.

هكذا عُرف عنه ومن معه مِمّن أتقنوا فن التشكيل البصري المادي والملموس، فهو بلا شك يقدّم تلك الأفكار التي طرحها المذهب التشكيلي العالمي المعروف بـ”الفن الجاهز”، الذي يقوم على أساس توظيف الأشياء المُشكّلة طبيعيا أو المصنوعة من قِبل الإنسان والتي عادة ما تُعطي دلالات ورؤى تعبيرية جديدة تأتي من خلال دمج مجموعة الأشياء في نطاق تشكيلات مبتكرة تتنافى مع الأشكال الوظيفية العادية التي وجدت من قبل لتظهر برؤية فنية معبّرة مختلفة.

والمتابع لسيرة الفنان الجهوري، يرى أنّه قد استمد تجربته من خلال تلك الأعمال والمشاركات الداخلية والخارجية، والتفاعل المباشر مع زملاء المسيرة الفنية. وللمهنة الوظيفية دور بالغ في ذلك مرورا بكونه عضوا في الجمعية العُمانية للفنون التشكيلية، وفاعلا مهما في مرسم الشباب، وعضوا مؤثرا في بيت فن صحار.

علي الجهوري: أحاول في أعمالي تقديم قيم جمالية ورؤى فلسفية يستسيغها المتلقي والناقد على السواء

وعن علاقته ببيت فن صحار، يقول الفنان العُماني “في العام 2014 تأسّس بيت فن صحار ليكون الثمرة الرائدة لذلك الحلم بفضل الفنان النحات علي الجابري، ليكون أول مؤسّسة فنية خاصة بمدينة صحار تقدّم مجموعة من الخبرات وحلقات العمل والبرامج الفنية مع توفير مختلف الخامات والأدوات للفنانين”.

ويصف الجهوري تجربته بدءا من تأثّر ذات الفنان بمحيطها الخارجي والمجتمع، فهو يُشير إلى أنّ البدايات لا بد أن تكون مواكبة لكل تأثير خارجي، ويعتبر حقيقة الفن على مرّ العصور مصدرا مهما من مصادر التوثيق الحضاري، يوظف من خلاله خبراته الفنية لتوثيق تلك الأحداث والقضايا المهمة.

وعن علاقته بالوسط الفني التشكيلي في السلطنة وعوامل الجذب إليه، وعن كيفية استطاعته إيجاد واقع فني خاص به من خلاله، يقول “لا بد للفنان أن يكون على اطلاع مباشر بالوسط الفني الذي ينتمي إليه، لما له من ثراء فكري ومعرفي، فالتعرّف على تجارب الفنانين يُكسب الفنان المزيد من الخبرات الفنية، والمعالجات والتقنيات والمعارف”.

ويضيف “أعتبر التواصل مع الفنانين والمشاركة معهم في المعارض الفنية بمثابة مدرسة فنية أكتسب منها العديد من الخبرات، فعادة ما يكون الوسط الفني غنيا ومتنوّعا بمجموعة من الخبرات الفنية، التي لها تاريخ مُمتد عبر سنوات من الخبرة، كذلك هناك جيل من الفنانين الشباب يبشّر بمستقبل فني واعد، وهذا التنوّع يُثري الوسط الفني ليجعل منه بيئة جاذبة وغنية ومتنوّعة في الخبرات، وقد استطاع الفنان العُماني أن يشقّ طريقه بكل ثقة على المستويين المحلي والعالمي من خلال المشاركات العالمية في مختلف الفعاليات الفنية كالمعارض والبيناليات والملتقيات الفنية”.

وحول استطاعته إيجاد واقع فني خاص به، يوضّح “تفرّد أسلوبي الفني عن التجارب الفنية الأخرى من خلال الجمع بين التشكيل الفني المجسم وتوظيف الخامات الفنية المُستهلكة والتجهيز بالفراغ، فالتجريد الفني سمة مميّزة لأعمالي الفنية المبنية على جماليات الخامة والمعالجات الفنية وما يحمله العمل الفني من مفاهيم وقيم جمالية وتعبيرية ورؤية فلسفية يستسيغها المتلقي العادي وأهل الاختصاص على السواء”.

من المهمل إلى الثمين

وبين الجهوري والفن الجاهز ارتباط وثيق، وفي هذا الشأن يكشف تلك العلاقة وماهيتها معه، وعن نتاجه الشخصي، حيث خصوصيتها على مدى السنوات الماضية، وهنا يُفصح الجهوري “امتزج أسلوبي الفني بين التشكيل الفني المجسم والتركيب أو ما يُعرف بالفن الجاهز من خلال توظيف مختلف الخامات الفنية ومن أهمها خامة الحديد والتي تتمّ معالجتها من خلال اللحام الحراري، كذلك توظيف الخامات الأخرى والتعامل معها بمختلف المعالجات الفنية كخامة الفوركس والأكريليك والنحاس والريزن والنحت على الرخام”.

ولعل السنوات العشر الأخيرة كانت من أهم المحطات التي استطاع فيها الجهوري بلورة أفكاره الفنية وصقل أسلوبه الفني وصولا إلى تجارب فنية ناضجة، فقد وظّف فيها خامة الحديد المستهلك في إنتاجات فنية حملت في طياتها مجموعة من القيم الجمالية والتعبيرية والنقدية للمتلقي.

وهو ما نتج عنه حصده للعديد من الجوائز في المعارض الفنية على المستوى المحلي، مثل الجائزة التقديرية للمعرض السنوي للجمعية العُمانية للفنون التشكيلية 2015، والجائزة الثالثة في النحت في المعرض السنوي للجمعية العُمانية للفنون التشكيلية 2018، والثانية في مجال النحت في المعرض السنوي للجمعية العُمانية للفنون التشكيلية 2019.

أما على المستوى الدولي فللفنان مشاركات مرجعية في العديد من المحافل المختصة، لعل أهمها مشاركته في الملتقى العُماني التونسي بمدينة صفاقس في العام 2016، والمشاركة في صالون موناكو الدولي للفنون بفرنسا في العام 2017، والمشاركة في بينالي ساريا الدولي للفنون بالعاصمة الإسبانية مدريد في العام 2018، وكذلك زيارة العديد من الحلقات الفنية في مدينة كرارا الإيطالية والاطلاع على تجارب النحت للفنانين في العام 2018 والتعرّف على الاتجاهات الفنية الحديثة وما وصل إليه الفنان على مستوى العالم من تقنيات وأدوات أسهمت في صقل خبراته الفنية والرقي بها، مع الإلمام بمختلف المعارف الفنية والفلسفية والتوجهات الحديثة وغيرها الكثير من المشاركات.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي