الأسطورة والمعاصرة تجتمعان في معرض فني سوري بأوكرانيا

2021-08-31

محاكاة للحياة والموت في لوحة الفنان سموقان

كييف - إثر النجاح الذي حقّقه المعرض الفردي الذي أُقيم في العام 2020 للنحات السوري عفيف آغا في العاصمة الأوكرانية كييف، وما لقيه من ترحيب واسع من وسائل الإعلام الأوكرانية وبين صفوف الجالية السورية والعربية والجمهور الأوكراني المتعطّش للتعرّف على الفن التشكيلي السوري المعاصر، واصل آغا وبالتعاون مع الجالية السورية في أوكرانيا للعام الثاني على التوالي تنظيم “المعرض السوري بأوكرانيا”.

وعن المعرض قال مديره الفني والمشارك فيه النحات السوري آغا “يشارك في المعرض هذا العام أكثر من ثلاثين فنانا وفنانة من التشكيليين السوريين، يتم يوميا نشر أعمالهم والتعريف بسيرتهم الفنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي باللغتين العربية والأوكرانية”.

واعتبر آغا أن المعرض يعزّز التبادل الثقافي بين شعبي البلدين، إضافة إلى ما يحقّقه من فرصة تواصل الجالية السورية والجاليات العربية مع سوريا من خلال الفن التشكيلي السوري والتعرّف على مبدعيه.

عفيف آغا: المعرض السوري بأوكرانيا يعزّز التبادل الثقافي بين البلدين

ويوضّح “أردنا من خلال المعرض الذي ضم أعمال نخبة من الفنانين السوريين نقل الصورة الحقيقية عن الثقافة والحضارة السورية إلى بلدان العالم عبر أوكرانيا، لتكون رسالة محبة وسلام ولتصحيح الصورة النمطية والسوداوية التي تروّجها وسائل الإعلام المعادية لسوريا”.

وأوضح النحات السوري أن الأعمال المشاركة في المعرض حملت روح الأسطورة في سوريا ونبض الإنسان السوري المعاصر بصدق وعفوية، فكانت رسالة تحد للحصار والظلم عبر الفن والجمال، وأعطت الأمل بعودة سوريا إلى ألقها قبل الحرب مع التأكيد على انتمائها الحضاري والثقافي العريق المحب للسلام والإنسانية.

وشارك آغا في المعرض بعمل نحتي يمثل رجلا وامرأة يجسّدان التحدّي وعزة النفس وصبر الإنسان السوري في مواجهة الإرهاب والحصار، مبينا أن رسالة الفعالية الثقافية وصلت إلى الجمهور الأوكراني بما تضمنته من أعمال فنية وفيلم وثائقي بعنوان “فوق الأرض” من إخراج ابنه سومر آغا.

ومن بين المشاركين في النسخة الثانية من المعرض يحضر الفنان محمد أسعد الشهير باسم سموقان، مواصلا بحثه الفني التاريخي في الأسطورة السورية القديمة من خلال تجسيده لتفاصيل منها عبر لوحة مفعمة بالدراما والاشتغال على الجمالية في الشكل والتقنية.

وعن اللوحة، قال سموقان “العمل واحد من مجموعة أعمال أسطورية جديدة لم تعرض بعد وفيها رجل وامرأة يمثلان بعل وعشتار، فالخصب هو المحور الأساسي للعمل من خلال مشهد في مسرحية قصة بعل التي كانت موضوعي الذي أشتغل عليه”.

وتبرز اللوحة رجلا وامرأة في حالة عشق مع طقوس الصيد البري والبحري، حيث تحضر الآلهة بعل ويم وعشتار وعناة في محاكاة للحب والحياة والموت وصراعها الأبدي.

وكرّس التشكيلي فريد شنكان خبرته الطويلة في الفنون الدمشقية التراثية من منمنمات وأرابيسك وعجمي لخلق أعمال تشكيلية تضجّ بجماليات هذه الفنون، وهو ما عكسه من خلال لوحته منمنمات سورية ضمن المعرض.

ولفت شنكان إلى أن اختياره للوحة منمنمات سورية جاء بهدف إظهار تفاصيل من التراث السوري ضمن المعرض بما احتوته اللوحة من بيوت وزخارف ولباس محلي، إضافة إلى التعبيرية الرمزية كأسلوب فني تشكيلي اعتمده في إنشاء وتكوين اللوحة.

وشارك الفنان فداء منصور في المعرض بلوحة من تجربته الدائرية المتفرّدة، مستعرضا الدائرة كشكل أنثوي مرن وجميل فيه التكامل والقوة في الوقت ذاته، فأتت لوحاته فاقدة إلى الأشكال القائمة في حدّة زواياها، لينة في دائريتها التي تجمع كل مكونات الحياة الخارجية، والمقصود هنا، خارج اللوحة، وكأنها تحتضن ألوانها وشخوصها، لتنتشلها من صخب الحياة الخارجية وتأثيراتها المأساوية على عوالمها الداخلية المشكلة للوحة/ الفكرة بما هي رمز للسكينة والهدوء والطمأنينة المشتهاة.

وعن مشاركته في المعرض، يقول منصور “هذه المشاركة تضيف إلى تجربتي دفعة نحو العالمية للتعريف بتجربتي الدائرية التي أشتغل على تطويرها باستمرار، واطلاع الجمهور عليها بشكل دوري من خلال معارضي الفردية والمشاركات بالمعارض الجماعية محليا ودوليا”.

وصاغت النحاتة ميسون حبل عملها النحتي التي عنونته بـ”الانتظار” بأسلوب تعبيري يجسّد حالة إنسانية ترتبط برمزية عنوان العمل لشخص تختلط ملامحه بين الذكر والأنثى، ويقترب بالتفافه حول نفسه وتجذّره بالأرض من تكوين الشجرة المعمّرة التي لا تتزحزح من مكانها في انتظار المستقبل.

 التجربة الدائرية لفداء منصور تحضر في المعرض

والعمل الذي شاركت به النحاتة السورية ضمن المعرض جاء بحجم صغير بارتفاع ثلاثة وعشرين سنتمترا بمادة البوليستر المعتق بالألوان من درجات البني وبانسيابية معبّرة عن فكرة الانتظار ومدلولاتها العديدة.

واختارت التشكيلية عبير الأسد لوحة بعنوان “الطبيعة والقدر” بحجم كبير وبتقنية الإكريليك على قماش لتشارك بها ضمن فعاليات المعرض، الذي قالت عنه “أتاح لنا المعرض فرصة عرض نتاجنا الفني على جمهور مغاير بثقافة مغايرة، الأمر الذي يدعم رسالة الفن الحقيقية والأزلية، وهو الانفتاح على الآخر والتواصل معه بلغة عالمية اسمها الرسم”.

وجاءت مشاركة الفنانة عناية البخاري، كعادتها، مختلفة على صعيدي الأسلوب والتقنية، وذلك عبر اعتمادها على الأشكال الهندسية والعلاقات الرياضية المتناغمة بصريا بينها، لصياغة تكوينات صوفية مفاهيمية رصينة وبتقنية قليلة الاستخدام في سوريا، والمتمثلة في طباعة الشاشة الحريرية التي تتطلب الصبر والتأني والخبرة معا.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي