العارف.. ينقذ السينما المصرية من فخ رداءة الأكشن

2021-07-25

أحمد عز

لمياء رأفت: ضمن أفلام عيد الأضحى المبارك عرض فيلم "العارف" من بطولة أحمد عز وكارمن بصيبص ومحمود حميدة وأحمد فهمي وأحمد خالد صالح، وإخراج أحمد علاء الديب، وتأليف محمد سيد بشير، ومثل أغلب أعمال أحمد عز ينتمي الفيلم إلى نوع الأكشن مع لمسة وطنية واضحة، لتعزيز موقفه كمنافس لأمير كرارة الممثل الذي دأب منذ سنوات على تقديم أعمال تجمع بين الفن والأيديولوجيا.

تقليدية الأكشن المصري

تدور أحداث فيلم "العارف" حول يونس الذي يعيش مع زوجته وطفلته الرضيعة في إحدى الشقق بوسط البلد، ويعمل في هيئة معلوماتية حكومية سرية، ويلجأ إلى سرقة أحد البنوك عن طريق الإنترنت، ولكنه يعتزل ويرغب في الابتعاد، حتى يحاول رئيسه مراد إعادته للعمل مرة أخرى باللين أو القوة، وينجح في ذلك بعدما يغريه بعودة غريمه القديم للعمل، مما يتيح له فرصة الانتقام لمقتل والدي زوجته بدلا منه عن طريق الخطأ في عملية اغتيال مدبرة من راضي.

ومن هنا نتعرف أكثر على المهمة التي يتصارع فيها كل من يونس (أحمد عز) وراضي (أحمد فهمي) في خليط من الحرب المعلوماتية والفعلية حول بيانات تغير شكل الصراعات في المنطقة العربية، وتدور الأحداث بين مصر وبلغاريا وإيطاليا.

منذ سنوات يحاول صناع الأفلام المصريين تقديم أفلام أكشن مميزة، فهي من أكثر الأنواع السينمائية شعبية وشيوعا، ومع تراجع الكوميديا إلى حد ما فالمجال مفتوح بالفعل، والجمهور -خاصة الشباب منه- متقبل لأفلام تشبه ما يشاهده من أعمال أجنبية ولكن مصرية من بطولة نجومه المحبوبين.

لكن هذا المسعى لا يكلل دوما بالنجاح، مرة لتأثر المخرجين المصريين بأفلام أميركية رديئة المستوى، ومرة أخرى لضعف الإمكانيات والميزانيات، أو عدم امتلاك الأبطال المؤهلات الجسدية المطلوبة لنوع الأكشن السينمائي.

غير أن فيلم "العارف" استطاع النجاة بتقديم فيلم أكشن جيد بالفعل، مثير ومسلّ، مع مشاهد قتال جسدي مصممة جيدا، ومطاردات وانفجارات مصورة بشكل احترافي بالفعل، وبطل يمتلك اللياقة الجسدية ومدرب بما فيه الكفاية ليصبح مقنعا للجمهور.

لكن الأزمة الأخرى التي يواجهها صناع أفلام الأكشن المصريون هي أنهم بدؤوا من حيث بدأ الآخرون وليس من حيث انتهوا، فخلال العقدين الماضيين حدث تطور مطرد في الأنواع السينمائية التقليدية، وذلك بالدمج بينها، أو التلاعب في الحدود الفاصلة، أو حتى إضفاء أبعاد نفسية أو فلسفية على الصراع بين الخير والشر.

وتراجعت إلى حد ما الأفلام ذات النكهة الوطنية أو ذات الأجندات المحددة مسبقا مثل الصراع الأميركي الروسي أو الصيني، لتعتبر أفلاما تقليدية وقديمة عفا عليها الزمن، وفيلم "العارف" من هذه الأفلام التي على الرغم من جدية صنعها ومستواها الجيد فإنها في عالم الأكشن أصبحت موضة زائلة تحتاج إلى تطوير.

 
 
 
View this post on Instagram
 
 
 

A post shared by Carmen Bsaibes كارمن بصيبص (@carmenbsaibes)

وهم الذكورية والشباب الدائم

في ساحة فنية عربية تفرز النجوم الجدد بآليات شديدة التعقيد لا يزال بعض النجوم القدامى هم من يتسيدون المشهد السينمائي، ومنهم أحمد عز الذي يبلغ هذا العام الـ50 من عمره، ولكنه واحد من أهم نجوم الأكشن الذين يعدون على أصابع اليد الواحدة.

وصنع أحمد عز نجوميته في البداية بسبب وسامته التي أهلته لتقديم الأدوار الرومانسية والاجتماعية، ولكنه انتقل بعد ذلك بسلاسة إلى أفلام التشويق والإثارة مثل "ملاكي إسكندرية" و"الرهينة" و"الشبح"، ثم النقلة التالية كانت لأفلام الأكشن كثنائية "ولاد رزق" و"الخلية"، وبطبيعة الحال خلال هذه المسيرة تعامل عز مع عدد من المخرجين والمؤلفين، وعلى الرغم من ذلك فإنه حافظ على ذات الأسلوب التمثيلي، بل حتى الأفيهات أو النكات وطريقة إلقائها ونوعيتها كما لو أنه من يكتب حواره بنفسه أو له من الثقل الفني الذي يجعله يطغى على كل من دور المخرج والمؤلف.

ويبدو أن أحمد عز نفسه يرى أن خفة الظل والدعابات يجب أن تحمل تلميحات جنسية أو مهينة للمرأة بشكل أو بآخر، ليستعرض وسامته وفحولته وتأثيره على النساء من حوله، وعلى الرغم من تغير الممثلات اللواتي يعملن معه أو الأدوار التي يقدمنها فإنهن في النهاية مجرد طرف آخر في الحوار لا يمثل سوى الغباء المثير لسخرية النجم، وكذلك عيون محدقة على اتساعها لوسامته الشديدة.

هذا الخطاب العنصري والمهين تجلى من قبل في أفلام "ولاد رزق" الذي يمكن تبريره في هذا السياق بأن البطل وأخوته قادمون من بيئة شعبية لها وجهة نظرها الخاصة في الدعابات والمرأة، لكن في فيلم "العارف" نحن أمام بطل متعلم ومن بيئة اجتماعية أعلى بالتأكيد، وبالتالي هذه التعليقات لا تتسق مع الشخصية ولا المواقف التي تلقى فيها وليس أكثر من صورة أحمد عز عن نفسه التي يحاول تمريرها في كل أعماله أيا كانت.

في النهاية وبعيدا عن أداء أحمد عز نجد أننا أمام فيلم أكشن تقليدي لكنه مصنوع بإتقان، مسلّ ومثير، يصلح لأن يكون نواة لأفلام أكشن مصرية تستحق المشاهدة بالفعل، وليست مجرد تقليد سيئ للأفلام الأجنبية مع باقة من الأعذار المسبقة عن نقص الميزانية، بل هو عمل احترافي يستحق المشاهدة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي