نيزافيسمايا: هل تستعد بكين لاستخدام قنبلة ذرية في الصراعات الإقليمية؟

2021-06-26

نشرت صحيفة نيزافيسمايا الروسية تقريرا حول قلق البنتاغون من تزايد القدرات النووية الصينية، عرضت فيه مقارنة بين القدرات العسكرية للبلدين، ومدى جدية التهديد الذي تشكله الصين بالنسبة لأمريكا.

وقالت الصحيفة في تقريرها؛ إن تقديرات البنتاغون تشير إلى أن مخزون بكين من الأسلحة النووية، اللازمة لردع أي تهديدات محتملة، بات قديما. والآن لم يعد بإمكان الصين استخدام هذه الأسلحة النووية إلا في الصراعات الإقليمية. في المقابل تشير تقديرات البنتاغون إلى أن تحديث الصين لقدراتها النووية يسير بنسق سريع جدا، وبنهاية هذا العقد سوف يكون قد تجاوز ضعف ما هو عليه الآن.

وللإجابة حول التساؤلات بشأن مدى جدية هذه التوقعات، تنقل الصحيفة رأي ويليام هارتونغ مدير دراسات التسلح والأمن في المركز الأمريكي للسياسات الدولية، الذي يرى أن واشنطن تعتبر الصين العدو الأساسي لها في كل المجالات. حيث إن التركيز على الخصم الصيني طريقة جيدة لتضخيم ميزانية البنتاغون باتت الآن تتجاوز أكبر ميزانيات منحت له سابقا، وذلك خلال حربي كوريا والفيتنام في الثمانينيات تحت رئاسة ريغان.

ويضيف ويليام هارتونغ أن الولايات المتحدة الآن تتفوق عسكريا بشكل كبير على الصين. حيث إنها تمتلك قوات جوية أكثر تطورا، وبحرية أكثر قوة، وترسانة نووية أضخم من الصين. ويعد الفرق بين البلدين في القدرات النووية أمرا حاسما بشكل كبير، حيث إن واشنطن لديها 11 ضعف ما تمتلكه الصين. كما أن لديها خمسة أضعاف ما لدى الصين من الرؤوس النووية الجاهزة للإطلاق.

وتشير الصحيفة إلى أن كل هذه البيانات تم توثيقها بشكل مفصل، ضمن تقرير تحليلي نشره مؤخرا المركز الأمريكي لمراقبة التسلح والحد من الانتشار النووي.

ويرى ويليام هارتونغ أن الصين تظل لاعبا عسكريا قويا على النطاق الإقليمي فقط وليس الدولي. وفكرة أن الولايات المتحدة تحتاج باستمرار للإبقاء على جيوشها الرئيسية في حالة استعداد للقتال قرب الأراضي الصينية، هي فكرة تحتاج لتحليل جدي. إذ إنه في حال اندلاع أزمة، فإن واشنطن بإمكانها تحقيق أهدافها بعدد أقل من الجنود وبمخاطرة أقل. والتحدي الحقيقي الذي تشكله الصين بالنسبة لأمريكا يظل اقتصاديا وسياسيا وليس عسكريا. ومن ثم يفترض أن تعكس ميزانية البنتاغون هذه الحقيقة بحسب رأي هارتونغ.

ويعارض هذا الباحث الأمريكي النبرة التحذيرية وسياسة التخويف التي يعتمدها بعض المسؤولين وأعضاء الكونغرس الأمريكيين؛ إذ إن ثلاثة من القادة الجمهوريين، في لجنة العلاقات الخارجية ولجنة القوات المسلحة ولجنة الاستخبارات في مجلس النواب، وجهوا رسالة إلى الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، يطلبون منه تطوير استراتيجية تقنع بكين بالتفاوض حول مراقبة أسلحتها النووية. وإذا لم تنجح واشنطن في فرض هذا الأمر، فإن بكين سوف تعادلها من حيث القوة النووية بحلول العام 2029.

وتشير الصحيفة الروسية إلى أن جريدة غلوبال تايمز الصينية، لسان حال اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الحاكم، كانت قد وصفت هذه التقارير بأنها مجموعة من الأكاذيب، هدفها تضليل الرأي العام الأمريكي، وخلق انطباع بأن واشنطن وبكين منخرطتان في سباق تسلح مشابه لما حدث بين الأمريكيين والسوفييت خلال الحرب الباردة.

وبشأن مدى تطور الترسانة النووية الصينية، يشير تقرير للبنتاغون إلى أن بكين لديها أكثر من مائتي رأس نووي. ويشير فاسيلي كاشين الباحث في معهد شؤون الشرق الأقصى في الأكاديمية الروسية للعلوم، إلى أن "وجود مائتي رأس نووي جاهز للإطلاق، هي جملة تتكرر كثيرا في التقارير السنوية للبنتاغون، وعلى الأرجح فإن هذا الرقم قديم، ويعتمد على مصادر غير دقيقة. وكان معهد ستوكهولم لأبحاث السلام قد عرض تقديرات تشير إلى امتلاك الصين 350 رأسا، ويمكن أن يكون الرقم الحقيقي قد ارتفع أكثر بكثير".

وتنوه الصحيفة إلى أن مقاربة الصين في التعامل مع الأسلحة النووية شهدت تغييرا كبيرا، وهذا التغيير حدث منذ وقت طويل إلا أن واشنطن فضلت تجاهله، ويصعب تفسير دوافعها في هذا الموقف.

إضافة إلى ذلك، فإن الصينيين لم يتطرقوا إلى فكرة الرؤوس النووية الجاهزة للإطلاق، خلال التفاهم الثنائي الذي قبلت به واشنطن. وفي أوقات السلم على الأقل، كانت الصين دائما تبقي على رؤوسها النووية في حالة عدم جهوزية.

وتقول الصحيفة؛ إن الصين اتخذت قرارا سياسيا باستثمار موارد كبيرة لتحديث قوتها النووية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. ولكن بسبب الصعوبات في التنفيذ، بدأت الآن فقط في تحقيق نتائج فعلية؛ حيث تم خلال السنوات الأخيرة إنشاء عدد كبير من المنظومات العسكرية الاستراتيجية، وهي تتضمن صواريخ بالستية عابرة للقارات، وغواصات نووية ضخمة.

ولذلك يقول فاسيلي كاشين: "نحن أمام صعود قوة نووية عظمى جديدة، وأعتقد أنه في المستقبل ستنظم الصين لمفاوضات التحكم في التسلح بين روسيا وأمريكا. إلا أن الصينيين أوضحوا مسبقا أنهم لن يوقعوا على أية اتفاقية تمنحهم حق امتلاك عدد من الأسلحة النووية أقل من روسيا والولايات المتحدة".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي