"ميناماتا".. جوني ديب يوثق تبعات الوباء المسكوت عنه في القرن الماضي

2021-06-17

مشهد من الفيلم

يوثق فيلم الدراما الأمريكي ”ميناماتا“ Minamata الصادر منتصف فبراير/شباط 2021، تبعات وباء ”ميناماتا“ الذي لم يحظ بتغطية وافية عندما ضرب اليابان في القرن الماضي على الرغم من استمرار كوارثه البيئية وآثاره على صحة أدمغة المصابين.

والفيلم مقتبس عن كتاب يحمل الاسم ذاته، صدر عام 1975 للكاتبين إيلين إم سميث ودبليو يوجين سميث.

ويرصد العمل وباء التسمم الزئبقي بسبب أحد المصانع الكيماوية وأثرها المدمر على المجتمعات الساحلية؛ وبشكل خاص مدينة ”ميناماتا“ في اليابان، من خلال جين سميث، الصحافي الأمريكي الحربي الذي يسافر إلى اليابان لينقل للجمهور التشوهات والفظائع البيئية والوقائع ويلفت الانتباه للوباء الخطير، ويجسد دوره النجم جوني ديب.

وتطغى الألوان الحمراء والإضاءة المشتعلة واللقطات المتسارعة منذ اللحظات الأولى للعمل، ما يوحي بداية بعنصر الخطر ولفت الانتباه، في حين جاءت الموسيقى هادئة وعدلت من حدة المشاهد الحمراء وغيرت مسار الخوف والخطر لتبعث مشاعر الحماسة والتفاؤل والبدايات الجديدة.

ويكشف العمل عن كوارث مصنع ”تشيسو كوربويشن“ الياباني وتفريغه للنفايات السامة في مياه الصرف الصحي، إذ حاولت إحدى المنظمات الإنسانية تسليط الضوء على الوباء المهمش، وتعريف الناس بوجوده وخطره، من خلال استنجادها بسميث لجذب الاهتمام العالمي والحد من انتشاره.

مشهد من الفيلم

وبطرق ملتوية تحاول العميلة إيلين الوصول إلى المصور جين والدخول إلى منزله برفقة أحد أشد معجبيه، محاولة تحفيزه واستثمار شهرته الواسعة وتأثيره اللافت في عالم التصوير الصحافي.

وحين تستشف الرفض أثناء حديثه تتحايل العميلة بدعوته لحضور حفل عشاء للموسيقي ”ويل نوتون“ لتكمل المهمة الموكلة إليها في طلب النجدة من خلال توظيف شهرته وفنه بنقل الوقائع والكوارث الناتجة عن وباء ميناماتا.

ويعبر جين عن رفضه للعرض ويستاء من فكرة المصلحة الواضحة والنوايا الخفية وراء لقائهما حتى ولو كانت الغاية تهدف إلى مساعدة الناس الأبرياء، ويرفض سماع القضية ومعرفة التفاصيل المبهمة.

وتتصاعد الأحداث مع اطلاع سميث على الملف ومعرفة تفاصيل الوباء وخطورته على البشرية وما تسبب به من أضرار فادحة، ليأخذ القضية على محمل الجد ويعتزم الرحيل إلى اليابان برفقة إيلين لنقل حقيقة الكارثة البشرية إلى العالم.

وينقلنا المخرج إلى اليابان وتحديدا محافظة كوماموتو الساحلية المتميزة بطبيعة خضراء وإطلالة ساحرة، ونرى سميث متكئا على نافذة القطار، وبشكل مفاجئ تلمع في رأسه صور سريعة من ذاكرته المتخمة بأهوال الحروب والأطفال الذين يعانون الويلات.

وفي نقلة جذرية، تتغير الموسيقى التصويرية لتبعث مشاعر الحزن والخوف والترقب، وينعكس ذلك على ملامح المدينة، فتبدو باهتة فاقدة للحياة وتفوح منها رائحة الموت.

ونشهد تعابير الاستغراب على وجه سميث بمجرد وصوله إلى الوجهة المحددة، ليبدأ في تعطيل الزمن وتوثيق اللحظات المأساوية الجلية على ملامح السكان من خلال صور احترافية.

وفي مشهد آخر يسأم جين من الكاميرا ويعبر عن يأسه، وحزنه الشديد وحاجته للتفريغ والفضفضة عن طريق حديثه مع طفل ياباني مراهق يعاني مرضا في ساقيه، وعلى الرغم من إدراكه بعدم فهم الطفل لحديثه، إلا أنه يبقى مصرا على الاستمرار.

مشهد من الفيلم

وفي لحظة عبثية تنم عن يأس سميث وثورته وغضبه الداخلي، يقرر الاستغناء عن الكاميرا ومنحها للطفل بهدف التجربة والتعلم مع تأكيده أن اكتساب الخبرة والمعرفة لا يحدث إلا بعد الوقوع في الأخطاء.

وتزداد حدة التشويق في الثلث الأخير من العمل، مع اضطرار الأبطال إلى ارتكاب مخالفات قانونية لنقل الحقيقة بشفافية وجرأة.

ويحمل العمل رسالة تسعى لبث الوعي وتعزيز المسؤولية الاجتماعية لمناصرة البيئة والحد من تلوث المحيطات والبحار والأنهار والتصدي للاحترار العالمي.

وفي جانب آخر يبرز الشغف الشخصي، من خلال الاهتمام بالتصوير الفوتوغرافي والتوثيق الصحافي، ونلاحظ ذلك من خلال حديثه عن الكاميرا وتعامله معها ورؤيته المختلفة وتحمل مسؤولية التصوير وأخذ لقطات من روح الشخص والمصور.

والعمل من إخراج آندرو ليفيتا، وبطولة جوني ديب الذي حصد جائزة مهرجان كاميرماج السينمائي الدولي عن هذا الفيلم، واحتفل بها من خلف القضبان بعدما أضحى خاسرا لدعوى التشهير التي رفعت ضده من قبل زوجته السابقة، وعُرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان برلين السينمائي الدولي في فبراير/شباط 2021.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي