قصة جميلة وملحمة ومجزرة.. 3 من أروع الأفلام التي تستحق المشاهدة

2021-06-13

مشهد من فيلم "الرسامة واللص"

لا يكاد يختلف اثنان على أنه قد صدرت كثير من الأفلام الجيدة في العام ونصف العام الماضيين، وأن معظم الأفلام التي رُشّحت لجوائز الأوسكار في الأيام الأخيرة كانت جديرة بذلك، وحظيت بما يكفي من اهتمام النقاد.

لكن في الوقت نفسه، هناك أفلام أخرى رائعة كان نصيبها التجاهل التام، رغم إجماع النقاد على الإشادة بها.

وفي مقدمة الأفلام التي استُبعدت من الترشيحات يأتي فيلم "الرسامة واللص" (The Painter and the Thief) الذي قالت عنه الناقدة كاث كلارك إنه "يرسم صورة مذهلة لصداقة غير متوقعة، بين روحين ضائعتين لفنانة ولص".

كذلك فيلم "أيها الرفاق الأعزاء" (Dear Comrades) الذي وصفته جيسيكا كيانغ بأنه "عرض جراحي دقيق ومهيب وملحمي ومتلألئ، لتاريخ مُخجل من القمع".

وفيلم "شمس" (A Sun) الذي عدّته ماغي لي "تحفة تجمع بين التعاطف والسيطرة، من خلال قصة روحية للبقاء والبحث عن مسار في الأوقات العصيبة.

الرسامة واللص

فيلم نرويجي وثائقي عن الرسامة التشيكية باربورا كيسيلكوفا، وكارل برتيل نوردلاند الذي سرق اثنتين من أثمن لوحاتها، من غاليري نوبل بمدينة أوسلو، في عام 2015.

أخرجه بنجامين ري، في عام 2020، وقال عنه الناقد بريان تاليريكو "واضح أن كل من يشاهده سيتحدث عنه، فرغم أنه مصنف كفيلم وثائقي فإنك لن تشعر بذلك حتى ينتهي".

حيث تحولت الدراما إلى اجترار عميق للصداقة غير المتوقعة، والتدمير الذاتي، والاندفاع الإبداعي الخلاّق على مدى ساعة و46 دقيقة، استطاع فيها ري أن يقدم رؤية عن كيفية حدوث تواصل بين شخصين من عالمين مختلفين، "جعلنا نشعر كما لو كانت الصداقة فنًّا في حد ذاته".

يبدأ الفيلم بلقطات من رسوم كيسيلكوفا، ذات الطبيعية المخيفة، حيث يرقد طائر أبيض ميتا وسط عشب طويل داكن، ثم يعرض لقطات لجريمة السطو. وبعد القبض على نوردلاند، مدمن المخدرات، الموشوم بالكامل، المصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، ضحية الطفولة البائسة، ولكنه لا يخشى إظهار مشاعره، تستجمع كيسيلكوفا شجاعتها في المحكمة وتطلب منه التحدث إليه، فتصبح مفتونة به وهو يسوّغ سرقته لرسومها بأنه "وجدها جميلة".

وعندما يجلس أمامها لترسمه، وتسأله عن مكان لوحاتها، يرتجف ويشرع في البكاء. وبعد أقل من 30 دقيقة من بدء الفيلم، يصيبه حادث يؤدي به إلى المستشفى، فتساعده على العلاج.

يصور ري، ببراعة استثنائية، العلاقة بين اثنين يتصرفان على أساس الغريزة إلى حد كبير. امرأة أعيد بناؤها من حطام علاقة مسيئة، فهي تنجذب إلى الجوانب الكامنة في النفس البشرية، لذا عند رسمها هذا المحتال السابق ترفض رؤيته على أنه لص، وتصرّ على اكتشاف الجانب الخفي من شخصيته، ورجل شعر بإساءة فهم ووصم طوال حياته.

فنجد أنفسنا في النهاية أمام "قصة صداقة أغرب من الخيال، تُنتج نتائج لا تصدق"، على حد وصف الناقد بيتر ديبروغ.

الرفاق الأعزاء

فيلم روسي أخرجه وشارك في كتابته أندريه كونشالوفسكي في عام 2020، يُظهر على مدى 121 دقيقة الأسباب التي أدت إلى القتل الجماعي، وتغطية كل شيء وخنقه، من خلال "دراما مؤثرة، يملؤها الخوف والغضب"، حسب وصف الناقد بيتر برادشو، في إعادة إحياء مذهلة باللونين الأبيض والأسود للمجزرة التي تلت احتجاجات على رفع الأسعار، شهدتها إحدى المدن الروسية في عام 1962، وأسفرت عن مقتل قرابة 80 شخصا، وأصبحت تمثّل ثقبا أسود في ذاكرة الشعب الروسي.

ليودا (يوليا فيسوتسكايا) الشخصية المحورية في الفيلم، أنثى قوية في منتصف العمر، ناشطة في الحزب الشيوعي، ولها علاقة بفرع المخابرات الروسية "كيه جي بي" (KGB) في المدينة.

ورغم تضررها من ارتفاع الأسعار، كبقية رفاقها، تجلس في اجتماعات الحزب، لتستمع إلى اتهامات للمتظاهرين بأنهم مثيرو شغب ويجب القضاء عليهم، فوضعها في الحزب لا يسمح لها بالاحتجاج. وفي المقابل تهتم ابنتها المراهقة سفيتكا (يوليا بوروفا) بالثورة أكثر من اهتمامها بالطعام.

وعندما تبدأ المجزرة، نرى ليودا تزحف تحت الرصاصات الطائشة بحثا عن ابنتها. ورغم الحصار المفروض على المدينة والاعتقالات الجماعية، تصرّ باندفاع محموم أن تعثر عليها، حية أو ميتة، في رحلة مروعة تمشط روحها دون أن تبكي أو تئن، وذلك ما جعل الناقد غلين كيني يرى في الفيلم "صورة ممتلئة بالمفارقات، عن الروح التي تصلبت من شدة الصدمة التي قاستها".

شمس

فيلم "شمس" (A Sun) درامي تايواني، أخرجه وشارك في كتابته مونغ هونغ تشونغ، وحوّل فيه الدراما الأسرية إلى ملحمة للبقاء والبحث عن حلول في الظروف الصعبة، على مدى ساعتين و36 دقيقة.

حيث قدمت دراما تشونغ الحميمة دروسا عميقة، بعرض قصة أسرة تعثرت ماليا بعد أن دمرتها مأساة تفشي الوباء غير المتوقعة، ولم يعد أمامها غير أن تكافح من أجل التماسك، رغم المخاطر التي تُحيط بها.

وهي المخاطر التي صوّرها تشونغ عبر تسلسل افتتاحي يُعدّ واحدا من أكثر الأحداث المروعة التي صممت بطريقة مذهلة تجعلها لا تُنسى في السينما الحديثة، وبحبكات دائرية هزّت الجمهور، عن التنافس بين الأشقاء، والخيانة الأخوية، وغضب الأب، وتضحية الأم.

في الفيلم الذي رآه بيتر ديبروغ "أحد أروع الأفلام السينمائية العالمية، عام 2020″، تتكرر عبارة "اغتنم وقت النهار، وحدد مسارك"، كشعار يردده مدرب القيادة، السيد تشين (تشين يي وين) على مسامع طلابه، ليحددوا وجهتهم ويركزوا في طريقهم.

ومع ذلك، لم يتمكن تشين ولا أي أحد لديه خطة للحياة من تحديد مساره بسهولة، بعد أن داهم الوباء العالم، وفقد الملايين وظائفهم وأحباءهم وقدرتهم على التنقل. لتصبح الرسالة، كما تقول ماجي لي، "إنه من دون ظلمة، لا يمكن للمرء أن يرى النور".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي