
احمد بن محمد بن حنبل, ولد سنة 164 هجرية ببغداد, وقد ساعده هذا ان يعكف على العلم بالدين, ويتخذ له كل العلوم الممهدة من علم باللغة والحديث والقرآن, ومآثر الصحابة والتابعين وفتاويهم, فضلا عن احوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسيرته.
وهكذا حفظ القرآن الكريم منذ نشأته الاولى, وظهرت عليه الالمعية مع الامانة والتقى, ثم اتجه الى علم اللغة, ثم طلب الفقه ممن جمعوا بين الحديث والرأي, الذي اخذه اول الامر عن ابي يوسف. ولم يستمر طويلاً فقد انصرف في معظم تلقيه الى علم الحديث, وطلبه على ايدي شيوخه في بغداد, ثم البصرة, ومنها الى الحجاز واليمن وغيرها, واستمر في طلبه للحديث وروايته حتى بلغ مبلغ الامامة, اتجه الى تدوين الاحاديث, فضلا عن تدوينه لكتب الرأي وحفظها, فكان اماماً في الفقه والحديث, وان كان الاظهر عليه علم الحديث.
واثر عنه النهي عن تدوين آرائه وفتاويه حرصا منه على السنة المطهرة, ودعم امامته في السنة موقفه في المحنة التي اريد حمله فيها للقول بخلق القرآن, شهد له بعلو منزلته, وامامته في الحديث والفقه والفضل والتقى والورع والثبات على الحق كثير من الأئمة. قال الشافعي: »خرجت من بغداد, وما خلفت بها اتقى ولا افقه من ابن حنبل«. وقال ابن العماد الحنبلي: »كان احمد بن حنبل اماماً في الحديث وضروبه, اماماً في الفقه ودقائقه, اماماً في السنة ودقائقها, اماماً في الورع وغوامضه, اماماً في الزهد وحقائقه«.
وقال المزني مكبراً موقفه في المحنة: »احمد بن حنبل يوم المحنة, وابو بكر يوم الردة, وعمر يوم السقيفة, وعثمان يوم الدار, وعلي يوم الجمل وصفين«. وقد توفى الامام احمد سنة 247 هجرية.