الفن الفلسطيني المعاصر هوية ثقافية متماسكة

2021-05-14

الفن الفلسطيني هوية خاصة (لوحة للفنان خالد حوراني)القدس – يقدم كتاب “الفن الفلسطيني المعاصر: الأصول، القومية، الهوية” للمؤلفين بشير مخول وغوردن هون دراسة موسعة عن الفن الفلسطيني تنظر إلى تطور ممارسات الفنون المعاصرة من جانب نظري ونقدي، بصفتها جزءا لا يتجزأ من فهم تشكيل وتمثيل الهوية الوطنية الفلسطينية.

ويعتمد الباحثان على نظريات تشكيل الأمة وعلاقتها بالدولة القومية الحديثة في إطار استعماري وما بعد استعماري، ويبحثان بصورة خاصة، في العلاقة الدقيقة بين الفن والقومية، إذ تؤدي فكرة المنشأ فيها دورا مهما وإشكاليا.

ويعتبر الكتاب النكبة بمثابة الحدث التأسيسي للتاريخ الفلسطيني الحديث، ووصلة محورية في بناء الهوية الفلسطينية، كما يعتبر “الشتات”، كمفهوم مؤسس للهوية الفلسطينية المعاصرة، أساسا لفهم الثقافة الفلسطينية وتمثيلاتها بشكل يتجاوب مع صيغة إدوارد سعيد المتناقضة “تماسك التشتت”.

يفكك الكتاب السرديات المتداولة في تأريخ الفن الفلسطيني والتي تبحث عن جذوره في القرن التاسع عشر، وفي المقابل يعتبر أن الفن الفلسطيني المعاصر يتمظهر من خلال تعدد الهويات والمرجعيات السياسية والفلسفية وعلاقاتها المركبة تجاه سرديات الهوية وبناء الأمة.

كما يربط ما بين هذه الأطروحات النقدية والنماذج التي تنتجها العولمة في عالم الفن، ويعرض قدرة الفنان الفلسطيني على تخطي حدود القومية والتحليق في فضاءات عولمة الفن على الرغم من غياب الدولة.

وجاء في تقديم الناشر أن المهتمين بالفن المعاصر على مدار العشرين سنة الماضية ضاعفوا اهتمامهم بالفن العربي. ويرى الناشر أن هذا الانبهار الغربي الواضح بالفن المنتج في هذه المنطقة يزيد من الاهتمام بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني على وجه الخصوص، وقد شجعت الرواية التاريخية المتنازع عليها للشعب الفلسطيني أجيالا من الفنانين من هذا السياق الثقافي لتقديم فن يندرج في هذا الإطار من محاولة تقديم سردية إنسانية، وهو ما طبع أعمال الفنانين الفلسطينيين بطابع الرسالة الكونية المنطلقة من الخصوصيات التاريخية والمكانية والثقافية والسياسية.

كما استفاد الفلسطينيون من الحرف الفلسطينية القديمة ومن تعقيد الهويات التي يعيشها الشعب الفلسطيني.


دراسة موسعة عن الفن الفلسطيني

وكما يرد على الغلاف الخلفي للكتاب فإنه “يستكشف العلاقة المعقدة بين الفن والقومية”. حيث يضع المؤلفان مخول وهون إطارا لعدد من القضايا المهمة المتعلقة بالهوية الفلسطينية وتأثيرها في إنتاج الفن الذي طغت عليه مهام تاريخية وسياسية والقضايا الوطنية. ويبدأ الكتاب بمسح الحجج الموجودة حول هذا الموضوع، لاسيما من خلال تقييم أعمال باحثين سابقين مثل عمل المؤرخ الفلسطيني كمال بلاطة حول الفن في فلسطين من سنة 1850 إلى غاية 2005.

تتكرر الإشارات إلى هذه النصوص في جميع أجزاء الكتاب، في كشف لمواطن الخلاف حول الفن الفلسطيني كما أرخ له الفلسطينيون وكما قدمه النقاد الفنيون الإسرائيليون أيضا.

ويحرص الباحثان على فتح بحثهما لتعدد الرؤى بعيدا عن الأصولية الأحادية، ومن خلال ذلك تمكنا من الكشف عن أصول الإنتاج الفني والخصائص الثقافية المستنتجة في الأعمال الفنية التي تمت مناقشتها، على سبيل المثال انتشار النص في الفن المرئي الفلسطيني.

والكتاب مقسم إلى ستة فصول حسب الموضوع بدلا من التقسيم الكرونولوجي، ويفتتح بتوجيه القارئ من خلال تنقل طموح ولكنه متماسك إلى نظرية ما بعد الاستعمار مع الاعتماد على الإحداثيات التي يمكن التنبؤ بها إلى حد ما من خلال كتابات إدوارد سعيد وميشيل فوكو ووالتر بنيامين وهومي بابا.

ويرى المؤلفان أنه على الرغم من استحالة تحديد أصالة القومية الفلسطينية، فقد عبّر الفن الفلسطيني عن تطلعه إلى السيادة الذي غالبا ما يكشف المواقف المتناقضة، ومن الأمثلة المعاصرة على ذلك ما قام به الفنان خالد حوراني من خلال معرض بيكاسو في فلسطين، الذي نشر لوحة بيكاسو “بورتريه امرأة” التي يعود تاريخها إلى 1943، وتم عرضها في الأكاديمية الدولية للفنون في رام الله سنة 2011.

دراسة موسعة عن الفن الفلسطيني

يحاول الفن والفعاليات الفنية في فلسطين مجابهة مخاطر الوجود الفلسطيني نفسها في ظل الاحتلال والاستيطان الذي يتوسع يوما فآخر، ولا يمكن فصل استضافة بيكاسو عن إقرار الدولة الفلسطينية.

الفن الفلسطيني إذن ليست له فقط وظائف جمالية، بل يملك في جوهره وظيفة أعمق من ذلك، إذ يسعى إلى أن يكون مؤرخا ومصدرا لإثبات الوجود، علاوة على كونه جبهة مقاومة ثقافية، ترسخ عناصر الهوية الفلسطينية، وتنقل إلى العالم رسالة الشعب الفلسطيني وما يواجهه، وهو ما اتّحدت فيه فنون كثيرة، من أدب ومسرح وسينما، وإن كان بطرق غير تلك المباشراتية التي اعتدناها من قبل، طرق أكثر ذكاء وانفتاحا وتأثيرا.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي