5 طرق تساعدك في كشف التضليل في النظريات والدراسات العلمية

5 ways to spot if someone is trying to mislead you when it comes to science
2021-04-02

نشر موقع «ذا كونفرزيشن» الأسترالي مقالًا لـ حسن فالي، أستاذ مساعد في جامعة لاتروبي الأسترالية، سلَّط فيه الضوء على القدر الهائل من التضليل في النظريات والدراسات العلمية الذي انتشر في الآونة الأخيرة، مشيرًا إلى الكيفية التي يمكن من خلالها اكتشاف هذا التضليل عبر خمس وسائل ناجعة تُمثل خطًا فاصلًا بين الحقائق والأكاذيب.

الارتباك وعدم اليقين المناخ المناسب لنشر الأكاذيب

في بداية مقاله، يقول الكاتب إنه ليس جديدًا أن يحاول بعض الناس خداعك وتضليلك، لا سيما عندما يتعلق الأمر بدراسة العلوم والنظريات العلمية.

ولكن في عصر كوفيد-19، ربما نكون أكثر عُرضة للخداع عندما تنهال علينا معلومات أكثر من المعتاد، وعندما تتضاعف حالة عدم اليقين، وعندما نشعر بالارتباك والخوف. ويتمثل التحدي في أن يكون الشخص قادرًا على تحديد متى قد يحدث ذلك.

ويُوضح الكاتب أن الأمر قد يبدو سهلًا في بعض الأحيان، إذا أدَّت عمليات تقصي الحقائق والعقلانية أحيانًا دور السلاح الفتَّاك ضد المعلومات المُضلِّلة. لكن الأمر يُمكن أن يكون صعبًا في أحيان كثيرة.

إذ يستخدم الأشخاص، الذين يحاولون إقناعك بتصديق أمر مزيف أو يُشكِّكون في أمر صحيح، مجموعة متنوعة من الإستراتيجيات التي يُمكن أن تخدعك وتتلاعب بك على نحو فعَّال لأقصى حد.

وقدَّم الكاتب خمس وسائل ينبغي التركيز عليها والانتباه لها لتمتلك القدرة على التمييز بين الصواب والزيف:

1- الدراسات العلمية.. سرديات متناقضة

يُؤكد الكاتب على أن أسلوب «نحن في مقابل هم» هو أحد أكثر الأساليب المنتشرة المستخدمة في الخداع والتضليل. لأن هذا الأسلوب يستغل انعدام ثقتنا الحقيقية في السلطات الحكومية، ويُصور هؤلاء الذين لديهم آراء قائمة على الأدلة بوصفهم جزءًا من مجموعة أخرى لا يمكن الوثوق بها. ويفترض أن تكون هذه المجموعة الأخرى -سواء كانت أفرادًا أو مؤسسات- تتعاون معًا للعمل ضد الصالح العام، بل وربما تريد إلحاق الأذى بنا.

وفي الآونة الأخيرة، شاهدنا كريج كيلي، النائب البرلماني من الائتلاف الحكومي الأسترالي، يستخدم هذه الحيلة. إذ أشار مرارًا وتكرارًا إلى «الحكومة الضخمة (مصطلح يستخدمه السياسيون والداعمون لسياسة عدم التدخل وصف الحكومة أو القطاع العام للانتقاص والتهكم بسبب التدخل المفرط والفاسد من القطاع العام)» التي تقف وراء مؤامرة لحجب عقار هيدروكسي كلوروكين وإيفرمكتين عن الشعب الأسترالي (هذه الأدوية حاليًا ليس لها أي فعالية مثبتة ضد كوفيد-19).

وألمح كيلي إلى أن هناك قوى تعمل على منع الأطباء من وصف هذه الأدوية لعلاج مرض كوفيد-19، وأنه في صفنا وإلى جانبنا.

ولفت الكاتب إلى أن هذا الادِّعاء اختلقه كيلي لكي يصرف انتباهنا عن الذي تثبته الأدلة العلمية أو لكي نرفضها تمامًا. كما يستهدف ادِّعاء كيلي هؤلاء الأشخاص، الذين يشعرون بالحرمان من حقوقهم ويميلون إلى تصديق هذا النوع من الادعاءات. على الرغم من أن هذا الأسلوب هو أحد أقل الإستراتيجيات تطورًا المستخدمة للتضليل ويمكن اكتشافه بسهولة، لكنه قد يكون مؤثرًا جدًّا.

2- أنا لست عالمًا ولكن..

وأردف الكاتب قائلًا: يميل الناس إلى استخدام عبارة «أنا لست عالمًا، ولكن…» على اعتبار أنهم يُخْلون بذلك مسؤوليتهم بوجه عام، ويُشْعِرهم ذلك بأنه مسموح لهم قول ما يريدون، بغض النظر عن الدقة العلمية. كما أن عبارة «أعرف ما يقوله العلم، لكن يجب أن نكون متفتحي الذهن» يُقصد بها المعنى نفسه. وغالبًا ما يستخدم الأشخاص، الذين يريدون تجاهل ما تُظهره الأدلة ولكنهم في الوقت نفسه يريدون أن يظهروا بمظهر الشخص المتعقل المنطقي الذي يتحلى بالمصداقية، هذه العبارات.

ويصف الكاتب السياسيين بأنهم من أكثر المجرمين شيوعًا. وفي إحدى حلقات برنامج تلفزيوني من الأسئلة والأجوبة أُجرِي في عام 2020، أشار السيناتور الأسترالي، جيم مولان إلى أنه لا «يعتمد على الأدلة» للوصول إلى استنتاجاته بشأن ما إذا كان تغيُّر المناخ ناجمًا عن البشر. وأضاف أنه يحافظ على ذهنه متفتحًا.

وشدَّد الكاتب على ضرورة دق أجراس الحذر بصوتٍ عالٍ جدًّا، إذا سُمِعت أي تصريحات تبدو باهتة مثل هذه التصريحات، خاصة إذا كانت صادرة من أحد السياسيين.

3- الإشارة إلى نظرية علمية غير مثبتة بعد

وينوِّه الكاتب إلى أن هذا الأسلوب قد يكون أحد أقوى الإستراتيجيات المُستخدَمة لنشر التضليل. وبطبيعة الحال، هناك ثمة أوقات لا يكون فيه العلماء قد استقروا على صحة إحدى النظريات العملية، وعندما يكون هذا هو الحال، يطرح العلماء وجهات نظر مختلفة بناءً على الأدلة المتوافرة.

وفي الوقت الراهن، يُجري الخبراء نقاشًا مهمًا حول دور الجزيئات الدقيقة العالقة في الهواء، والتي تسمى الهباء الجوي، في نقل مرض كوفيد-19. وفيما يخص معظم الأمور المرتبطة بمرض كوفيد-19، لا نمتلك سوى أدلة محدودة وغير مؤكدة، والمشهد في حالة تغير مستمر.

هذا النوع من النقاش مفيد -بحسب الكاتب- لكنه قد يؤدي إلى أن يقول الناس، بأسلوب ضار، إن النظرية العملية لم يثبت صحتها، للمبالغة في حالة عدم اليقين في إحدى المناطق. وتستغِل هذه الإستراتيجية فهم المجتمع المحدود للعملية العلمية، بما في ذلك حقيقة أن أي نتيجة علمية مرتبطة بدرجة ما من عدم اليقين.

ويضرب الكاتب مثالًا على استغلال حالة عدم اليقين في النظرية العلمية، قائلًا: إنه من المعلومات الموثَّقة توثيقًا جيدًا أن صناعة التبغ وضعت إستراتيجية لرفض الإثبات العلمي القائل إن التدخين يُسبب سرطان الرئة. وكان الهدف من هذا هو إثارة الشك وإثارة الارتباك وتقويض العلم. وتكمن قوة هذه الإستراتيجية في كونها سهلة التوظيف نسبيًّا، لا سيما في العصر الرقمي الحالي.

4- التفسيرات الشديدة البساطة

وأبرز الكاتب أن التبسيطات المفرطة والتعميمات هي المدخل الذي ينفذ منه عديد من نظريات المؤامرة. وفي كثير من الأحيان، تكون النظريات العلمية مشوشة ومعقدة وحافلة بالفروقات الدقيقة. وقد يكون تفسير الحقيقة أكثر صعوبة، وربما يبدو هذا التفسير، في بعض الأحيان، أقل معقولية من تفسير مبسَّط لكنه غير صحيح.

ومن الطبيعي أن ينجذب الناس إلى التفسيرات البسيطة. وإذا تسللت هذه التفسيرات من خلال مخاوفنا واستغلت تحيُّزاتنا الإدراكية -أخطاء منهجية نرتكبها عندما نفسر المعلومات- فقد تبدو هذه التفسيرات مخادِعة جدًّا.

وخلُص الكاتب إلى أن نظريات المؤامرة، مثل تلك التي تشير إلى أن شبكات الجيل الخامس هي السبب وراء تفشي مرض كوفيد-19، تحلِّق عاليًا لأنها تقدم تفسيرًا بسيطًا لشيء مخيف ومعقَّد. وهذا الادعاء تحديدًا تغذيه مخاوف بعض الناس من التكنولوجيا الحديثة. وبوجه عام، عندما يبدو أحد الأشياء أنه جيد جدًّا أو سيئ جدًّا ليكون صوابًا، فعادةً ما يكون كذلك.

5- التضليل: النَّهج الانتقائي

يقول الكاتب إن الأشخاص، الذين يستخدمون هذا النهج للتعامل مع الدراسات العلمية، يُشبِهون الشوكولاتة المُقدَّمة في صندوق هدايا، والتي يمكنك اختيار ما تُفضله منها وترفض الأخرى التي لا تحبها. وبالطبع، هذه ليست الطريقة التي يعمل بها العلم. ومن الضروري استيعاب أن كل الدراسات ليست متشابهة، إذ تُقدم بعض الدراسات أدلة أقوى بكثير من دراسات أخرى. ولا يسَعَك أن تضع ثقتك الكاملة بكل أريحية في الدراسات التي تتوافق مع آرائك، وتتجاهل الأخرى التي لا تتوافق معها.

ويشرح الكاتب قائلًا: عندما يفحص العلماء الأدلة، فإنهم يمرون بعملية منهجية لتقييم مجموعة القرائن بالكامل. وتتطلب هذه المهمة الحسَّاسة الخبرة اللازمة.

هل كشفت جائحة كوفيد-19 الخداع والتضليل؟

ويرجِّح الكاتب أنه قد يكون من الصعب التصدي لأسلوب الانتقاء لأنه إذا لم تمر بكل القرائن، فلن تعرف، على الأرجح، ما إذا كانت الدراسات المُقدَّمة قد وُضِعت عن قصد لخداعك أو تضليلك. وهذا سبب آخر للاعتماد على الخبراء، الذين يفهمون السياق الكامل للقرائِن ويمكنهم تفسيرها بعقلانية.

ويختتم الكاتب مقاله بالقول إن الجائحة سلَّطت الضوء على السرعة التي يمكن أن تنتقل بها المعلومات المُضلِّلة، ومدى خطورة ذلك. وبغض النظر عن مدى المعقولية أو ثقافتنا، يمكن للأشخاص، الذين يحاولون تضليلنا، أن يستدرِجونا جميعًا.

ويُضيف الكاتب أن فهم بعض التكتيكات الشائعة المُستخدَمة للتضليل هو المفتاح لمنع هذا التضليل، وبذلك، سنكون في وضْع أفضل لفضح هذا التضليل، وقد يدفعنا هذا إلى البحث عن مصادر معلومات أكثر مصداقية.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي