إلى متى تستطيع إسرائيل شد الحبل مع "حزب الله"؟  
2024-06-13
كتابات عبرية
كتابات عبرية

 

كان عيداً قاسياً على نحو خاص. في الجنوب – أربعة مقاتلين من “جفعاتي” قتلوا في رفح يضاف إليهم رد حماس في مسألة المخطوفين؛ وفي الشمال اشتداد القتال والإحساس بأن الردع الإسرائيلي تآكل بشكل خطير؛ وفي الجبهة الداخلية – الإقرار الفضائحي في الكنيست لقانون الإعفاء من التجنيد.

بتنا مطالبين بقرارات حاسمة. ورفض حماس للصفقة يعطي إسرائيل نقاط استحقاق مهمة لم تكن في أيديها من قبل، في ضوء أنها أيدت الصفقة، وعملياً بادرت إليها. ريح الإسناد من بلينكن ليس مجرد كلام، بل يخدم إسرائيل في استمرار الجهد الحربي في غزة، بدعوى أنه بغياب صفقة فلا بديل آخر غير مواصلة الضغط العسكري لتحقيق إعادة المخطوفين وهزيمة حماس. وعلى إسرائيل أن تبحث عن صيغة تؤدي إلى تحرير مخطوفين وتجيب لنفسها ما في نيتها أن تفعله في اليوم التالي لرفح. يقدر الجيش انتهاء الحملة في فرح في غضون نحو أسبوعين – ثلاثة أسابيع، في نهايتها، تنتهي المرحلة الثانية من الحرب في غزة. بعدها ينتقل الجيش إلى اقتحامات بحجوم وتواتر متغير في القطاع، لكن مسألة السيطرة فيه تبقى مفتوحة وتتطلب جواباً.

أساس الانتباه سيتغير

النهاية المتوقعة للقتال في غزة ستسمح لإسرائيل بنقل الانتباه إلى الشمال، وإن مرت ثمانية أشهر منذ بداية الحرب، تعرض فيها الشمال إلى ضرب على نحو متواصل، إلا أن حكومة إسرائيل لم تحدد الأهداف تجاه حزب الله. عملياً، كما قررت الحكومة، المطلوب الآن من الجيش الإسرائيلي إلى جانب هزيمة حماس في القطاع وإعادة المخطوفين هو الامتناع عن فتح جبهة أخرى في الشمال، وهو هدف منقطع تماماً عن الواقع حيث يخلى إقليم من سكانه ويتعرض لضربات شديدة على أساس يومي.

أمس سجل مستوى جديد في التصعيد حين سمعت صافرات في طبريا لأول مرة منذ أكتوبر، ومرة أخرى في صفد وفي أثناء اليوم كان نحو 200 قذيفة من أنواع مختلفة، رداً على تصفية سامي طالب عبد الله قائد وحدة ناصر في حزب الله المسؤولة عن جزء من منطقة الحدود. يعتبر طالب نجماً في حزب الله، الذي رأى أن تصفيته ترفع الوتيرة – كان الرد عليها بارتفاع درجة.

بجولة قصيرة في الشمال نرى حجم ما ألحقته به الحرب، فالطرق خالية جراء الحرب وجراء العيد أيضاً. وانتشرت على الطرقات سيارات لإطفاء الحرائق التي بدت أضرارها ملموسة في كل المنطقة. من تبقى من السكان فضلوا إغلاق بيوتهم على أنفسهم، فالتجول قد يكون خطيراً جداً.

لن تستطيع حكومة إسرائيل شد هذا الحبل لزمن طويل آخر. وهي مطالبة بالحسم إذا كانت تتطلع إلى اتفاق يعيد السكان إلى بيوتهم دون إبعاد حزب الله والتهديد عن الجدار، أم البحث عن حل عسكري وإن كان جزئياً. بفضل الخيار الأول: ستوفر إسرائيل فيه حرباً قد تكون قاسية مع إصابات كثيرة وأضرار واسعة، استمراراً للحرب القاسية الحالية التي تجري في الجنوب. نقيصة هذا الخيار: المشكلة في لبنان لا تحل. إسرائيل تؤجلها فحسب، وقد تصطدم بها في المستقبل بحجوم أكبر وأخطر بأضعاف.

فضل الخيار الثاني: إسرائيل تعمل بفاعلية كي تغير الوضع في جنوب لبنان. ونتيجة لذلك، السماح للسكان بالعودة إلى بيوتهم بأمان. وستضطر بالطبع إلى إجراء توافقات إضافية وعلى رأسها تكيف الوجود العسكري في الحدود وبناء مجال دفاع مختلف تماماً – لكن إذا انتصرت عسكرياً فستصمم واقعاً جديداً مختلفاً عن ذاك القائم الآن. نقيصة هذا الخيار: حرب ضارية قد تنضم إليها جهات أخرى من سوريا والعراق واليمن، وحتى من إيران نفسها.

خطوة تستوجب الاستعداد

الجيش الإسرائيلي يؤيد خطوة عسكرية في الشمال، بإسناد من وزير الدفاع غالانت. رئيس الوزراء نتنياهو عارض في الماضي توسيع الحرب في لبنان، لكن تصعيد الأسابيع الأخيرة يستدعي منه أجوبة أوضح حول كيف يعتزم إعادة الهدوء إلى الجبهة. على سكان الشمال معرفة ما إذا كانوا سيبدأون السنة الدراسة القادمة في البيت أم في مكان آخر، وقد حان الوقت لإقامة مديرية تعالج جملة المشاكل الاقتصادية والتشغيلية والتعليمية وغيرها والتي تؤجلها الحكومة حتى الآن.

حرب واسعة في الشمال تستوجب استعداداً في جملة مجالات أخرى، من بلورة شرعية دولية، في فترة ترى إسرائيل مكانتها في درك أسفل غير مسبوق، وحتى إدارة أخرى لمخزون السلاح والذخيرة. كما أنها تستوجب حلولاً لمشكلة القوة البشرية في الجيش، التي تحتدم على خلفية العبء الثقيل، ومنظومة الاحتياط والجيش النظامي. ضباط كبار قالوا إن الكنيست وجهت “صفعة رنانة” حين صوتت إلى جانب تمديد إعفاء الحريديم.

معنى هذا التصويت أكثر بكثير من مجرد صفعة؛ فهو فقدان تام للقيم والأخلاق ومس مباشر بأمن الدولة. لقد صوت النواب إلى جانب مصالح سياسية ضيقة في ظل الإضرار بعموم الجمهور. يدعي بعضهم أنه تصويت فني فقط يعدل لاحقاً، هذه كلمات فارغة. لم يتغير شيء بعد 7 أكتوبر.

إذن، ما كان لن يكون بعد اليوم. ذات مرة قيل إن الإمعات لا يموتون بل يتغيرون. لكنه “كليشيه” لم يعد صحيحاً. في الحرب القاسية الجارية هنا والكفيلة بالاتساع، يموت الإمعات على أساس يومي، بل إنهم يعملون ويدفعون الضرائب نيابة عن كل أولئك الذين لا يفعلون. حقيقة أن 63 نائباً يعتقدون أن هذا يبعث على أحاسيس مؤلمة، مثل ابتسامة نتنياهو في نهاية التصويت.

 

 يوآف ليمور

إسرائيل اليوم 13/6/2024



مقالات أخرى للكاتب

  • لماذا ستجرب إسرائيل استراتيجيتها مع لبنان بعد فشلها بقطاع غزة؟  
  • إسرائيل بعد 7 أكتوبر: لا سلام ولا أمن بدون تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني  
  • نتنياهو قد يخسر الليكود في معركة البقاء: ما مصير الائتلاف في 24 تموز؟







  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي

    الأكثر قراءة