قصة محتجزي أمريكا لدى إيران.. سبب إضافي للخلاف بين البلدين أم ورقة للتفاوض؟

متابعات الامة برس:
2021-02-23

واشنطن-وكالات: بدأت مفاوضات مباشرة بين إيران وإدارة جو بايدن لكنها ليست بشأن الاتفاق النووي وإنما بخصوص 5 أمريكيين تحتجزهم طهران، فهل هذه المحادثات لفتح الباب أمام الهدف الأكبر أم أنها نقطة خلاف إضافية بينهما؟

وعلى الرغم من أن ملف الأمريكيين المحتجزين لدى إيران ليس جديداً، إذ يرجع تاريخ احتجاز بعضهم إلى ما قبل 12 عاماً، إلا أن إعلان الإدارة الأمريكية أنها بدأت "التواصل مع الإيرانيين حيال هذا الموضوع"، أثار التكهنات بشأن ما يجري بالفعل خلف الكواليس، خصوصاً أن العلاقات بين طهران وواشنطن مقطوعة بشكل كامل ويرفض كلاهما التفاوض بشأن العودة للاتفاق النووي قبل التزام الطرف الآخر أولاً ببنوده.

 

مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان

وجاء الإعلان عن "التواصل"، على لسان مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، الذي قال لشبكة CBS الأمريكية إن إدارة الرئيس جو بايدن بدأت بالفعل مفاوضات مع إيران بهدف إطلاق سراح أمريكيين محتجزين لدى طهران. وقال سوليفان: "لن نقبل حلاً طويل المدى بينما يواصلون احتجاز أمريكيين ظلماً ودون سند من القانون".

كما نقلت رويترز عن مصادر إيرانية، قولها: "تبادلت طهران وواشنطن رسائل فقط حول المحتجزين الأمريكيين وذلك عبر السفارة السويسرية لدينا".

هل أصبح ملف المحتجزين أولوية لبايدن؟

تحتجز إيران 5 أشخاص على الأقل يحملون الجنسية الأمريكية والإيرانية بتهم التجسس، وهي اتهامات يقول أهالي المحتجزين ومحاميهم إنها بلا أساس، واصفين الاعتقال أو المنع من السفر خارج إيران بحق هؤلاء بأنه "احتجاز لأغراض سياسية"، أو بمعنى آخر يتهمون إيران بأنها تستخدم المحتجزين كأوراق ضغط في مفاوضاتها مع واشنطن.

وإضافة إلى الخمسة من ذوي الجنسية المزدوجة، يوجد أيضاً مواطن أمريكي اسمه روبرت ليفنسون، مختفٍ في إيران منذ 12 عاماً، بحسب تقرير لمجلة The Atlantic الأمريكية.

وكان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، قد التقى مطلع فبراير/شباط الجاري، عائلات المحتجزين الأمريكيين بإيران، في إشارة قوية إلى أن إدارة بايدن تجعل من إطلاق إيران سراح المحتجزين أولوية على أجندتها، بحسب تقرير لشبكة CNN.

 

 ظريف وكيري

وتزامن الإعلان عن الاتصال بين واشنطن وطهران مع تراجع إيران عن تنفيذ قرار برلمانها وقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطرد مفتشيها، بعد التوصل إلى اتفاق مؤقت يسمح باستمرار عمل المفتشين مع تقليص بعض صلاحياتهم، في إطار تمسك الولايات المتحدة وإيران بموقفهما المتعلق بمن يعود أولاً للالتزام ببنود الاتفاق النووي.

ترامب تبادل محتجزين مع إيران

الحديث عن اتصالات مباشرة بين إدارة بايدن وإيران بشأن إطلاق سراح المحتجزين الأمريكيين يعيد إلى الأذهان موقفاً مشابهاً تم خلال إدارة دونالد ترامب، حيث تبادلت الدولتان إطلاق سراح سجينين بوساطة سويسرية أيضاً.

ففي ديسمبر/كانون الأول عام 2019، تبادلت واشنطن وطهران سجينين، فيما وُصف وقتها بأنه بادرة تعاون نادر بينهما وفتح باب التكهنات أمام إمكانية التوصل إلى تفاهمات لعودة إدارة ترامب إلى الاتفاق النووي الذي كانت قد انسحبت منه في مايو/أيار 2018، لكن العلاقات ازدادت توتراً وغادر ترامب البيت الأبيض دون أن تحدث انفراجة في الملف النووي بينهما.

الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب

ووقتها أعلن ترامب أن المواطن الأمريكي من أصل صيني شي يو وانغ، الذي كان محتجزاً في إيران منذ ثلاثة أعوام بتهم تجسس، عاد إلى الولايات المتحدة، وفي المقابل عاد الإيراني مسعود سليماني الذي كان مسجوناً بالولايات المتحدة، إلى طهران. وتقوم سويسرا على رعاية المصالح الأمريكية في طهران منذ قطع العلاقات بين البلدين بعد قيام الثورة الإسلامية بإيران في عام 1979.

ووقتها قال ترامب: "تولي إدارتي أهمية كبرى لإطلاق سراح الأمريكيين الأسرى، وسنواصل العمل الدؤوب لإعادة كل مواطنينا المحتجزين ظلماً خارج الولايات المتحدة"، موجهاً الشكر لإيران، لقيامها بـ"مفاوضات منصفة جداً" بعد تبادل للسجناء بين البلدين العدوين، وكتب ترامب أيضاً على تويتر: "هل رأيتم، نستطيع إنجاز اتفاق معاً".

ماذا يقول الأمريكيون المطلق سراحهم من إيران؟

اللافت أن وانغ ومايكل وايت، وهو مواطن أمريكي آخر كان محتجزاً أيضاً في إيران وتم إطلاق سراحه في صفقة تبادلية، إضافة إلى نزار زكا اللبناني المقيم في الولايات المتحدة وتم أيضاً إطلاق سراحه أثناء رئاسة ترامب، كانوا قد وجهوا رسالة لإدارة بايدن عقب تنصيبه مباشرة، طالبوه فيها بضرورة الضغط على طهران لإطلاق سراح بقية المحتجزين، بحسب تقرير لموقع VOANews.

وقال وانغ إنه على إدارة ترامب ألا ترفع العقوبات التي فرضها ترامب على إيران قبل أن تفرج طهران عن جميع الأمريكيين المحتجزين لديها، حتى لو وافقت إيران على العودة للالتزام بجميع بنود الاتفاق النووي.

الاتفاق النووي الإيراني

وفي هذا السياق يرى مراقبون أن ملف المحتجزين بإيران سيتم طرحه كورقة تفاوض من جانب إدارة بايدن، في إطار الجهود الرامية إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي الذي يعتبر الهدف الأكبر للإدارة، أما مدى نجاح تلك الجهود من عدمه فهو مرهون بعوامل ومتغيرات أخرى ليست بالضرورة مرتبطة بواشنطن وطهران وحدهما.

وبالتالي ليس من المستبعد أن يتكرر ما حدث مع إدارة ترامب، بمعنى أن تتوصل الولايات المتحدة وإيران إلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين، في إطار صفقة تبادلية دون أن يؤثر ذلك على مسار المفاوضات بشأن العودة للاتفاق النووي، أي أن يتم الفصل بين المسارين.

ويميل بعض المحللين إلى أن هذا السيناريو ربما يكون الأرجح، بسبب التعقيدات المحيطة بالاتفاق النووي، فإدارة بايدن أعلنت بوضوح، أن طهران لابد أن تعود للالتزام ببنود الاتفاق التي خالفتها أولاً، وأبرزها ما يتعلق بنسبة تخصيب اليورانيوم وغيرها من الأنشطة النووية، بينما تقول طهران إن على واشنطن رفع العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب أولاً دون قيد أو شرط.

لكن من يعود للاتفاق أولاً ليس العقبة الوحيدة، فهناك أيضاً مطالب الحلفاء الإقليميين لواشنطن كإسرائيل والسعودية بشأن تفكيك برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية ووقف الدعم لوكلائها في لبنان واليمن والعراق، وغيرها من المطالب التي يريدون أن يشملها الاتفاق النووي، أو بمعنى أدق، التوصل لاتفاق جديد مختلف وأكثر شمولاً، وهو ما ترفضه طهران.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي