صفقة بايدن مع نتنياهو..

أيهما سيكون له الأولوية للرئيس الأمريكي المنتخب القضية الفلسطينية أم إيران؟

2020-11-13

الرئيس الأمريكي المنتخب لديه علاقة شخصية قوية مع بنيامين نتنياهو

ضمن إحدى النقاط المتوترة على نحوٍ خاص في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، أصرّ جو بايدن علناً على أن ينقل السفير الإسرائيلي في واشنطن الرسالة التالية: "يُستحسن أن تخبروا بيبي أنّنا ما نزال أصدقاء"، كان هذا مؤشراً على شكل العلاقة بين بايدن ونتنياهو في الفترة القادمة.

إذ اكتسب الرئيس الأمريكي المنتخب سمعةً لكونه المُهدّئ الفكاهي الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (بيبي) إبان عهد أوباما حين اعتاد الحليفان المقربان الصدام، وخاصةً بعد أن دخلت الولايات المتحدة في محادثات مع إيران، ألد أعداء إسرائيل، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Financial Times البريطانية.

إذ قال دينيس روس، المفاوض السابق في الشرق الأوسط: "كانت لديه القدرة على أن يكون شديد الصراحة مع بيبي"، مُضيفاً أنّ نائب الرئيس الأمريكي آنذاك كان يُستدعى عادةً لتهدئة الأوضاع. إذ قال بايدن ساخراً في عام 2014: "بيبي، لا أتّفق مع أيّ شيءٍ لعين تقوله، ولكنّني أحبك".

وصادف الدعم الأمريكي القوي تاريخياً من الحزبين لإسرائيل اختباراً عسيراً في عهد أوباما. ورغم تصدّع علاقة نتنياهو مع آخر إدارةٍ ديمقراطية -حيث ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي خطاباً شديد اللهجة أمام الكونغرس ضد الاتفاق النووي الإيراني عام 2015-، لكنّه تمتّع بدعمٍ قوي في عهد دونالد ترامب الذي حقّق مكاسب ضخمة لليمين الإسرائيلي.

كيف ستكون العلاقة بين بايدن ونتنياهو في الفترة القادمة؟

ومع استعداد بايدن لتولّي القيادة، يقول الخبراء إنّ لا شيء سيُوتّر علاقة الرئيس المنتخب الممتدة منذ 38 عاماً مع نتنياهو أكثر من خطته للعودة إلى الاتفاق النووي، الذي تخلّى عنه ترامب قبل عامين.

إذ قال آرون ديفيد ميلر، المفاوض السابق الآخر في الشرق الأوسط والذي عمل مع الإدارات الجمهورية والديمقراطية: "مع استطلاع بايدن للشرق الأوسط، نجد أنّ التوترات مع إيران بشأن القضية النووية هي القضية الوحيدة التي تُهدّد فعلياً استقرار المنطقة وربما تُسفر عن حرب".

والعودة إلى الاتفاق النووي "ستضُر بشكلٍ واضح" الزعيم الإسرائيلي من الناحية السياسية، وفقاً لروس، الذي أشار إلى أنّ النهج البطيء والمتسلسل بعناية قد يُساعد في تخفيف الصدمة.

يبدو أنه بايدن سيقدم تنازلات له في القضية الفلسطينية

وربما يسعى بايدن لتهدئة العلاقات عن طريق عدم الضغط بشدة في ما يتعلّق بمنطقة الخلاف الثانية بين البلدين: القضية الفلسطينية، وهي القضية التي تُمثّل أكبر شوكة في تاريخ العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية.

إذ قال ميلر: "أعتقد أنّ بايدن يُدرك ذلك.. ولو استطاع اختيار قضية ليضغط على الإسرائيليين فيها فسوف يختار إيران (بدلاً من القضية الفلسطينية)، لكنّه لن يضغط على نتنياهو في القضيتين معاً".

الرئيس الفلسطيني مع بايدن خلال توليه منصب نائب الرئيس الأمريكي

وقد أحرز إدارة ترامب مكاسب واضحة لنتنياهو في ما يتعلّق بفلسطين. إذ عاكس ترامب عقوداً من تقاليد السياسة الخارجية الأمريكية حين اعترف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، وتقدّم بخطة سلام رأى الكثيرون أنّها تصب في صالح إسرائيل.

وقُبيل انتخابات العام الماضي في إسرائيل، اعترف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان -التي استولت عليها من سوريا في حرب عام 1967، وضمّتها لاحقاً إلى الأراضي الإسرائيلية في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. وأعرب نتنياهو عن شكره سريعاً بإطلاق اسم الرئيس الأمريكي على إحدى المستوطنات في بادرة عرفانٍ بالجميل.

لن ينقل السفارة الأمريكية من القدس

وأشارت إدارة بايدن المقبلة إلى أنّها لن تسعى لنقل السفارة الأمريكية من القدس، أو تضغط من أجل حل الدولتين خلال السنوات الأربع المقبلة، مجادلةً بأنّ الأوضاع ليست ملائمة لحدوث انفراجة. كما رحّب بايدن أيضاً باتفاق ثلاث دول عربية على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، في خطوةٍ توسّط فيها ترامب.

وربما يُسهّل ذلك على إسرائيل تحمّل خطوات بايدن مثل التخلّي عن خطة سلام ترامب، وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، والسعي لإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن الذي أغلقه ترامب، واستئناف المساعدات الأمريكية لوكالات الأمم المتحدة التي تُساعد الفلسطينيين.

إذ قال روبرت مالي، الذي كان مدير شؤون الشرق الأوسط في البيت الأبيض خلال عهد أوباما: "بالنسبة لنتنياهو، فإنّ خروج ترامب من البيت الأبيض يُمثّل نهاية عصرٍ ذهبي"، كما وصف السنوات الأربع الماضية بأنّها كانت فترة "تأييد شبه أعمى" لأجندة اليمين الإسرائيلي.

نتنياهو يعامل الرؤساء الديمقراطيين بتعالي

ومن المقرر أنّ يُسلّم نتنياهو رئاسة وزراء إسرائيل العام المقبل ضمن ترتيب تقاسم السلطة مع المنافس الذي تحوّل إلى حليف: بيني غانتس. ولكن في حال انهارت الحكومة بسبب خلافات الميزانية، فقد تُواجه إسرائيل انتخاباتها الرابعة في غضون أقل من عامين. وفي هذه الحالة، لن يتسنّى لنتنياهو الترويج لعلاقته الوطيدة مع ترامب في حملته الانتخابية.

وقد سعى رئيس الوزراء بالفعل إلى طمأنة الإسرائيليين بشأن الإدارة الديمقراطية المُقبلة، مُجادلاً الأسبوع الجاري بأنّه قضى نحو أربع عقود يستثمر في "جهودٍ متواصلة" على جانبي الطيف السياسي الأمريكي، ومُؤكّداً "علاقاته الطيبة" مع بايدن. كما قال مالي إنّ البيت الأبيض الديمقراطي ربما يُساعد نتنياهو في "إلجام ناخبيه الأكثر يمينية"، عن طريق الجدال بأنّه لا يرغب في إثارة رد فعلٍ سلبي من الولايات المتحدة.

لكن رؤساء الولايات المتحدة الديمقراطيين لطالما ذهلوا بما اعتبروه محاضرات متغطرسة من جانب نتنياهو في السابق.

فبعد اجتماعٍ في البيت الأبيض عام 1996، صاح بيل كلينتون في ذهول: "من هي القوة العظمى هنا بحق السماء؟". ويعتقد ميلر، الذي حضر تلك الواقعة، أنّ نتنياهو سوف "يُضايق" بايدن أيضاً. لكنّه يرى أنّ الرئيس الأمريكي المُقبل، الذي وصف نفسه في السابق بأنّه صهيوني يُحب إسرائيل، يستطيع أن يسلك طريقه "للسيطرة على التوترات".

والفلسطينيون لا يتوقعون المعجزات

بينما قال غسان خطيب، الوزير الفلسطيني السابق ومفاوض السلام، إنّ القيادة الفلسطينية ساورها "شعورٌ بالارتياح" بعد فوز بايدن بالانتخابات ولكنّها "لا تتوقّع المعجزات".

وفي حين قال الخبراء إنّ بايدن لن يدعو علناً إلى وقف الاستيطان كما فعل أوباما في بداية رئاسته، لكن من الحكمة أن يتجنّب نتنياهو إثارة الجدل الذي سيكون أكبر من قدرة إدارة بايدن على التحمّل.

كما قالت شيرا إيفرون، الخبيرة الإسرائيلية في مؤسسة Rand Corporation البحثية، إنّ إسرائيل تجاهلت "حتى الديمقراطيين الرئيسيين" في السنوات التي أعقبت عهد أوباما. وأضافت: "هذا سيزيد صعوبة حصولهم على حلفاء في الكونغرس".

وبالنسبة لبعض الإسرائيليين، فإنّ أيّ زعيمٍ ديمقراطي سيكون مقبولاً طالما أنّه ليس أوباما. إذ قال مايكل أورين، السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن تحت إدارة أوباما: "راهن الرئيس أوباما بكامل هيبته على وقف بناء المستوطنات الإسرائيلية في يهودا والسامرة"، في إشارةٍ إلى الضفة الغربية بأسمائها التوراتية.

لكنه أضاف أنّ بايدن لن يُراهن بكامل هيبته من أجل وقف بناء المستوطنات: "جو بايدن ليس أيديولوجياً… بل يتعلّق الأمر بالسياسة هنا. وهناك فارقٌ كبير بين الأمرين".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي