تايم: انفجار بيروت فرصة للتغيير الدائم

2020-08-11

الشعب علق المشانق لكل رجال النخبة الحاكمة تحت عنوان “على لبنان انتهاز هذه اللحظة المدمرة من أجل التغيير الدائم“، كتب إيان بريمر، المحرر وكاتب العمود في مجلة “تايم” مقالا قال فيه: “كان لبنان يسير نحو الهاوية حتى قبل الانفجار المروع الأسبوع الماضي بمرفأ بيروت. وعاد البلد قبل فترة من حالة الإغلاق العام بعد زيادة في حالات الإصابة بفيروس كورونا. ولم تسجل في لبنان سوى أقل من 5.700 حالة و70 وفاة حتى لحظة كتابة المقال، ولكنه كان يسير في الاتجاه الخطأ منذ بداية تموز/يوليو. وسجل ثماني وفيات على مدار 24 ساعة في الأسبوع الماضي، وتشكل 14% تقريبا من مجمل الوفيات من كوفيد”.

ولكن ما يثير قلق المواطن العادي أكثر هو الوضع المالي المتدهور. وسيكبر انفجار بيروت من هذه المخاوف والتي تمثل تهديدا على استقرار البلد في المدى البعيد، وستحرف الانتباه إلى تداعيات ما بعد الانفجار. وحتى قبل الانفجار قدر البنك الدولي أن نسبة 45% من أبناء المجتمع اللبناني سيعيشون في حالة من الفقر هذا العام.

ويعتمد الناتج المحلي العام على تحويلات العاملين اللبنانيين في الخارج والتي تصل إلى 12% و19% من السياحة (وهذه أرقام عام 2018)، وضرب المصدران بسبب توقف السوق العالمي نتيجة لوباء كورونا والخطوات الفاشلة للبدء من جديد.

وتأثرت حياة اللبنانيين بسبب نقص المواد الغذائية واستمرار الانقطاع بالتيار الكهربائي، ولم يعد لدى المواطن اللبناني قدرة شرائية كما في الماضي. وانخفضت قيمة الليرة اللبنانية بنسبة 85% عما كانت عليه في الخريف الماضي، وتم وصف النظام المصرفي اللبناني بأنه مثل “حيل بونزي”.

وفي الوقت الذي وضعت فيه الحكومة سياسات تحكم برأس المال منذ تشرين الثاني/نوفمبر إلا أنها فشلت بالسيطرة على الوضع. وكل هذا لا يعادل تداعيات الدمار المباشرة. ولسوء الحظ، فالحكومة التي قادت البلاد وسط الانهيار الاقتصادي هي نفسها التي ستكون مسؤولة عن إدارة الرد الطارئ على الانفجار. وزادت الاحتجاجات في نهاية الأسبوع، ورغم استقالة الوزراء وأعضاء في مجلس النواب إلا أن التظاهرات استمرت.

ويعلق بريمر: “عندما يواجه بلد بموجة من التحديات التي يواجهها لبنان الآن، فيجب تنحية الخلافات السياسية جانبا من أجل التعامل مع الأزمة. لكن في لبنان من السهل قول هذا وليس فعله، ضمن نظام المحاصصة الطائفية؛ فالرئيس ماروني ورئيس الوزراء سني ورئيس البرلمان شيعي، وهو نظام قصد منه الحفاظ على استقرار البلد. ولكن حزب الله، الجماعة الوكيلة عن إيران في الشرق الأوسط، أصبح لاعبا سياسيا في لبنان ولعب في السنوات الأخيرة دورا متزايدا.

وهو ما أدى إلى نظام لا يستجيب لمظاهر قلق اللبنانيين، بل وأصبح عرضة للمحسوبية والفساد. وهو ما يعيدنا إلى الواقع الحالي، في زمن المأساة، عادة ما يكون المال هو الطريق الأسرع لمساعدة الدولة المصابة. وعادة ما تقوم الحكومات الإقليمية والدولية بتوفير الدعم الإنساني سريعا. ولأن لبنان له سجل طويل في تلقي المال دونما تطبيق إصلاحات، فهناك تردد بتقديم المال إلى الطبقة السياسية في البلد. ومن هنا فأي دعم قادم سيكون مشروطا بالإصلاحات السياسية والاقتصادية، وقال الرئيس إيمانويل ماكرون شيئا مثل هذا أثناء زيارته للبنان.

والمشكلة هي أن من هم في السلطة يحاولون تجنب الإصلاح خشية أن تتأثر مناصبهم. وهي ليست مقتنعة من أن التضحية بالنظام السياسي الذي خلقته سيكون ضروريا أو كافيا لحل مشاكل البلد المتعددة. وهذه ليست مشكلة الحكومة الحالية ولكن النظام السياسي اللبناني بشكل عام. وربما كان من حسنات الانفجار أنه سيعطي غطاء لتشكيل حكومة وحدة وطنية يمكن أن تقدم الأمل المتجدد للإصلاح وتعزيزه.

فرغم الوضع المالي المتدهور والذي فاقمه كوفيد-19 والحاجة الماسة للدعم الخارجي إلا أن الحكومة فشلت في الاتفاق على الطريق الأسلم للخروج من الأزمة قبل الانفجار، مما يكشف عن الجمود في السياسة اللبنانية. وفي الوقت الذي تعاطفت الحكومات الدولية مع مأساة لبنان إلا أنها ليست مقتنعة بإمكانية تغيير الحكومة اللبنانية من مسارها. والمآسي عادة ما تكون مروعة، ولكن لو تم التعامل معها بطريقة جيدة، فإنها تتحول إلى فرصة لتحقيق التغيير المنشود. ولو كان لبنان ذكيا فعليه ألا يضيع الفرصة وإلا فسيواجه أقسى السنوات التي لن تشهدها أي دولة في العالم. وعام 2020 هو تحذير.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي