كيف يستعد الديمقراطيون لعرقلة خطة ترامب لإفشال الانتخابات الرئاسية؟ هذا ما يمكن أن تلعبه بيلوسي

2020-08-06

لمَّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تغريدة له، الأسبوع الماضي، إلى فكرةٍ، مفادها أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية يجب تأجيلها، زاعماً أن التصويت عبر البريد من شأنه أن يفسد نتائج الانتخابات. جاءت التغريدة لتؤكد ما زعمه جو بايدن، المرشح الديمقراطي المفترض للرئاسة، في الربيع، إذ قال إن ترامب وحلفاءه قد "يسرقون الانتخابات بطريقة غير مباشرة"، من خلال ادعاء أن تزويراً ضخماً وقع، في حال فاز بايدن والديمقراطيون بفارق كبير.

كيف يمكن أن ينجح هذا بالضبط؟ وفقاً لأحد السيناريوهات، حتى لو فاز بايدن بالتصويت الشعبي في ولاية ما، فقد يرفض حاكم جمهوري أو مسؤول ولاية بارزٌ التصديق على قائمة الولاية التي تضم ناخبيها في المجمّع الانتخابي. وهذا يعني أنه لن يتم اختيار عدد كاف من الناخبين، وهو ما يعني عدم تمكن أي مرشح رئاسي من الفوز بأغلبية (270) من 538 صوتاً في الهيئة الانتخابية، بحسب تقرير لصحيفة The Washington Post الأمريكية.

ما هي قصة التعديل الدستوري؟

وبموجب التعديل الثاني عشر للدستور، فإن خطوة كهذه ستدفع بحسم الانتخابات ليصبح في يد مجلس النواب، ومن ثم تفويض المجلس المنتخب حديثاً في يناير/كانون الثاني، للتصويت لاختيار الرئيس. ولكن ثمة معضلة هنا. فالدستور يفوض مجلس النواب للتصويت عبر وفود الولايات، ويمتلك الجمهوريون حالياً غالبية وفود مجلس النواب. وبافتراض أن الحزب الجمهوري حاز الأغلبية في الكونغرس الجديد وأن المشرعين سيصوتون لمرشح حزبهم، فإن مجلس النواب سينتخب المرشح الجمهوري رئيساً للولايات المتحدة. وهكذا، كما قال السيناتور السابق تيموثي ويرث، وكتب صحفي مجلة Newsweek، توم روجرز، هذه هي الطريقة التي "يمكن أن يخسر بها ترامب الانتخابات ويظل رئيساً".

ومع ذلك، بإمكان الديمقراطيين الرد على ذلك إذا كانوا على استعداد لخوض ما يسمى "مباراة دستورية خشنة"، تتضمن الخروج عن المعايير الديمقراطية دون انتهاك فنيّ لحدود الدستور، كما هو الحال عندما رفض زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، السيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل، عقد جلسةٍ للنظر في مرشح الرئيس الديمقراطي باراك أوباما لملء مقعد المحكمة العليا، ميريك جارلاند. وهذا شيء يدَّعي بعض المراقبين أن الديمقراطيين يُحجمون عنه عادة، لكن إذا اختار الديمقراطيون خوض مباراة خشنة، فإليك ورقة دستورية يمكنهم طرحها على الطاولة.

في البداية، إليك كيفية سير عملية اعتماد الناخبين عادةً

يشترط القانون الاتحادي أن تقوم "السلطة التنفيذية" (عادةً حاكم الولاية، لكن في بعض الأحيان كبير موظفيها أو مسؤول كبير آخر) بإبلاغ أمين المحفوظات الوطني قائمة الناخبين في الولاية. بعد ذلك يحيل أمين الأرشيف تلك القوائم إلى الكونغرس، الذي يشرف على تصويت الهيئة الانتخابية (المجمّع الانتخابي).

ومع أن بعض الانتخابات قد شهدت تصويت بعض الناخبين ضد المرشح الذي فاز بأغلبية التصويت الشعبي في ولايتهم، فإن الولايات دائماً ما تولت الإبلاغ عن قائمة الناخبين الخاصة بها. حتى في عام 1800 و1824، عندما قرر مجلس النواب عقدَ الانتخابات الرئاسية بما يسمى إجراء التصويت المشروط، أبلغت جميع الولايات المجمع الانتخابي قائمة الناخبين الخاصة بها. السيناريو الذي تحدثنا عنه آنفاً، بشأن سرقة الانتخابات، قد يكون غير مسبوق، لكنه ليس مستحيلاً.

إليك كيف يمكن للديمقراطيين مواجهة ذلك

بافتراض أن الكونغرس الجديد أعاد انتخاب نانسي بيلوسي رئيسةً للمجلس، بإمكان بيلوسي استخدام سلطة الكونغرس بموجب البند الـ5 من المادة الأولى من الدستور، لتكون أغلبيته "قاضية/حاسمة" في الانتخابات المتنازع عليها بالمجلس. وبعد ذلك، يمكن أن يعيّن الكونغرس عدداً كافياً من الديمقراطيين، بما يمنح الحزب الديمقراطي السيطرة على غالبية وفود الولايات قبل تصويت المجلس لاختيار الرئيس في يناير/كانون الثاني 2020. [بفرض وقوع السيناريو الذي جرى الحديث عنه].

إليك كيفية تنفيذ ذلك، بصفته الطرف الحاسم في الانتخابات المتنازع بشأنها، بإمكان مجلس النواب أن يتقبل أي اعتراض على نتائج الانتخابات في بداية جلسته (بعد اختيار رئيس المجلس، عادة في أول تصويت له). بعد ذلك، عادةً ما يحيل الكونغرس تلك المسائل إلى لجنة للتحقيق. وتوصي اللجنة بمنح المقعد لمرشح أو آخر، ويصوت المجلس في النهاية على تلك التوصية. ومن ثم، إذا قُبل عدد  كافٍ من طعون الديمقراطيين، بحيث يُسمح للحزب بالحصول على أغلبية في الوفود [التي ستصوت عن الولايات]، عندها يمكن عكس محاولة التلاعب بالانتخابات الرئاسية.

وتميل المرات الأخيرة التي وقعت فيها انتخابات متنازع عليها إلى تجنب النتائج الفجة في انحيازاتها الحزبية. على سبيل المثال، في عام 1996، صوَّت مجلس الشيوخ ذو الأغلبية الجمهورية بفوز السيناتورة الديمقراطية، ماري لاندريو، بمقعد المجلس، على الرغم من طعن خصمها الجمهوري.

هل خطآن يصنعان صواباً؟

لم يُصَغ الدستور الأمريكي بافتراض أن ينتخب الكونغرس الرئيس في كل مرة، بل رأى المؤسسون ذلك بوصفه إجراء احتياطياً عندما يكون هناك أكثر من مرشح رئاسي دون فوز بأغلبية واضحة لأحدهم من أصوات الناخبين.

وقد استُخدمت آلية التعديل الثاني عشر لإجراء انتخاب الكونغرس للرئيس مرةً واحدة فقط: في عام 1824، عندما صوّت الكونغرس بالتفويض لانتخاب جون كوينسي آدامز رئيساً للولايات المتحدة. وآنذاك، كان لجميع المرشحين ممثلون من الوفود في المجمع الانتخابي البالغ عددهم 261، لكن مع تقسيم الأصوات على أربعة مرشحين، لم يقترب أيُّهم من أغلبية حاسمة من 131 صوتاً.

مجرد التهديد بهذا الحل الدستوري قد يكون كافياً

إذا لمّح كبار موظفي الولايات الجمهوريين إلى أنهم قد يحجبون قوائم ناخبي المجمّع الانتخابي لولاياتهم في نوفمبر/تشرين الثاني أو ديسمبر/كانون الأول، فبإمكان رئيسة الكونغرس، بيلوسي، أن تهدد حينها بإعادة تشكيل الوفود بموجب المادة الأولى، القسم 5؛ للحفاظ على فوز بايدن الحقيقي، ووقتها يكفي التلويح بذلك للإشارة إلى أن الديمقراطيين على استعداد لخوض معركة خشنة. وبعبارة أخرى، قد يكون الخيار مفيداً، حتى لو لم تستخدمه قط.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي